119
مكاتيب الأئمّة ج2

الأمر الثَّالث :

قال ابن أبي الحديد في شرح هذه الخطبة :
واعلم أنّ التَّحريض على الجهاد والحضّ عليه ، قد قال فيه النَّاس فأكثروا ، وكلّهم أخذوا من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، فمن جيّد ذلك ما قاله ابن نباتة الخطيب :
أيُّها النَّاس . . . هذا آخر خطبة ابن نباتة ، فانظر إليها وإلى خطبته عليه السلام بعين الإنصاف ، تجدها بالنِّسبة إليها كمخنث بالنِّسبة إلى فحل ، أو كسَيْفٍ من رصاص بالإضافة إلى سيف من حديد .
وانظر ما عليها من أثر التّوليد وشين التَّكلُّف وفجاجة كثير من الألفاظِ ، ألا ترى إلى فجاجَةِ قوله : « كأنَّ أسماعَكُم تَمُجُّ ودائِعَ الوَعْظِ ، وكأنّ قلوبَكُم بها استِكبارٌ عَنِ الحِفْظِ » وكذلك ليس يخفى نزول قوله : « تَنُدُّونَ مِن عَدُوِّكُم نَدِيدَ الإبلِ ، وتَدَّرِعُونَ لَهُ مَدارِعَ العَجْزِ والفَشَلِ » وفيها كثير من هذا الجنس إذا تأمّله الخبير عرفه ، ومع هذا فهي مسروقة من كلام أمير المؤمنين عليه السلام . . .
ـ ثُمَّ ذكر قسما من سرقاته ، وتكلّم على تمييز الفصيح عن غيره فقال : ـ ۱ فإن شئت أن تزداد استبصارا ، فانظر القرآن العزيز ، واعلم أنّ النَّاس قد اتفقوا على أنَّه في أعلى طبقات الفصاحة ، وتأمّلْهُ تأمُّلاً شافِيا ، وانظر إلى ما خصَّ به من مزيَّة الفصاحة والبعد عن التَّقعيرِ والتَّقعيب والكلام الوحشي الغريب ، وانظر كلام أمير المؤمنين عليه السلام فإنَّك تَجِدُهُ مُشتقّا من ألفاظِهِ ، ومقتَضَبا مِن معانِيهِ ومذاهبه ، ومحذوَّا به حذوه ، ومسلوكا به في منهاجه ، فهو وإن لم يكن نظيرا ولا ندَّا ، يصلح أن يقال : إنَّه ليس بَعدَهُ كلامٌ أفصح منه ولا أجزل ، ولا أعلى ولا أفخم ولا أنبل ، إلاَّ أن يكون كلامُ ابن عمِّه عليه السلام وهذا أمر لا يعلمه إلاَّ من ثبتت له قدم راسخة في علم هذه الصَّناعة ، وليس كلّ النَّاس يصلح لانتقاد الجوهر ، بل ولا لانتقاد الذَّهب ، ولِكُلِّ صناعة أهل ، ولُكلِّ عمل رجال . . . ۲

1.ما بين الشارحتين ليس من المصدر .

2.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۲ ص۸۰ .


مكاتيب الأئمّة ج2
118

الأمر الثَّاني :

سند الكتاب أو الخطبة :
رواها الكليني رحمه الله بهذا الإسناد : أحمد بن مُحَمَّد بن سعيد ، عن جعفر بن عبد اللّه العلوي ، وأحمد بن مُحَمَّد الكوفي ، عن عليّ بن العبَّاس ، عن
إسماعيل بن إسحاق ، جميعا عن أبي روح فرج بن قُرَّة عن مَسْعَدَة بن صَدَقَة عن ابن أبي ليلى عن أبي عبد اللّه السَّلمي قال قال : أمير المؤمنين عليه السلام أمَّا بَعْدُ ؛ فإنّ الجهاد . . . ۱
ورواه الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله في معاني الأخبار قال : حدّثنا أبو العبّاس مُحَمَّد بن إبراهيم بن إسحاق الطَّالقاني رضى الله عنه ، قال : حدّثنا عبد العزيز بن يَحْيَى الجلوديّ ، قال: حدَّثنا هِشام بن عليّ ومُحَمَّد بن زكريّا الجوهريّ قالا : حدّثنا ابن عائشة بإسناد ذكره ، أنّ عليّا عليه السلام انتهى إليه . . . ۲
وقال أبو الفرج الإصفهاني في كتابه : حدَّثني بها العبّاس بن عليّ النِّسائي وغيره ، قالوا : حدثنا مُحَمَّد بن حَسَّان الأزرق قال : حدّثنا شبابة بن سوار قال : حدّثنا قَيْس بن الرَّبيع عن عمرو بن قَيْس الملائيّ عن أبي صادق : أنّه عليه السلام خطب النَّاس . . . ۳

1.الكافي : ج۵ ص۴ ح۶ ، وراجع : الغارات : ج۲ ص۸۲۰ .

2.معاني الأخبار : ص۳۰۹ ح۱ .

3.مقاتل الطالبيين : ص۴۱ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95544
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي