129
مكاتيب الأئمّة ج2

166

كتابه عليه السلام إلى بعض عمَّاله

۰.أمَّا بَعْدُ ؛ فقد بَلَغَنِي عَنكَ أَمْرٌ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَهُ فقد أَسْخَطْتَ رَبَّكَ ، وعَصَيْتَ إمامَك ، وأَخْزَيْتَ أَمانَتك ، بَلَغَنِي أَنَّك جَرَّدْتَ الأرْضَ فأَخَذْتَ ما تَحْتَ قَدَمَيْكَ ، وأَكَلْتَ ما تَحْتَ يَدَيْك فَارْفَعْ إليَّ حِسَابَك ، واعْلَمْ أَنَّ حِسَابَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ حِسَابِ النَّاس ، والسلامُ . ۱

[ أقول : نقله السَّيِّد رحمه الله كما ذكرنا من دون إيعاز إلى المكتوب إليه ، ولكن ابن عبد رب ، والبلاذري صرَّحوا بأنَّه عبد اللّه بن عبَّاس ، ابن عمّه والوالي على البصرة من قِبَله .
ولا بأس بذكر جميع ما يتعلّق بقصّة ابن عبَّاس في بيت مال البصرة ، قال الطبري : مرَّ عبد اللّه بن عبَّاس على أبي الأسْوَد ، فقال : لو كنت من البهائم كنت جملاً ، ولو كنت راعيا ما بلغت المرعى ، ولا أحسنت مهنته في المشي ۲ ] .
قال ابن أعْثَم : ثُمَّ بعث عليّ إلى عبد اللّه بن العبَّاس ، وهو عامله على البصرة ، يأمره أن يخرج إلى الموسم فيقيم الحجّ للنَّاس .
قال : فدعا عبد اللّه بن عبَّاس بأبي الأسْوَد الدُّؤلي فاستخلفه على صلاة البصرة ، ودعا بزياد بن أبى فجعله على الخَراج ، وتجهَّز عبد اللّه بن عبَّاس ، وخرج إلى الموسم .
قال : وجرت بين أبي الأسْوَد وزياد بن أبى منافرة ، فهجاه أبو الأسْوَد ، وقال فيه هذه الأبيات :
ألاَ بَلِّغا عَنِّي زِيادَا رِسالَةًيُحِثُّ إليهِ حَيثُ كانَ مِنَ الأَرْضِ
فَما لَكَ من وَرْدٍ إذا ما لَقِيتَنِييُقطَّعُ دُونِي طَرْفُ عَينِيَ كالمُغْضِي
وما لِي إذا ما أخْلَفَ الوِدُّ بَينَناأُمِرُّ القُوى مِنهُ وتَعْمَلُ في النَّقْضِ
أَلَم تَرَ أَنِّي لا أُكَوِّنُ شِيمَتِييُكَوِّنُ غُولُ الأرْضِ في الطُّولِ والعَرضِ
قال : ثُمَّ بلغ أبا الأسْوَد بعد ذلك أنّ زيادا يشتمه ، ويقول فيه القبيح ، فأنشأ يقول :
نُبِّئْتُ أنَّ زِيادَا ظَلَّ يَشتِمُنِيوالقَولُ يُكتَبُ عِندَ اللّه ِ والعَمَلُ
لقد۳لَقِيتُ زِيادا ثُمَّ قُلْتُ لَهُمِن قَبلِ ذلِكَ ما جاءَتْ بهِ الرُّسُلُ
حَتَّامَ تَذكُرُنِي فِي كُلِّ مُجتَمَعٍعَرْضا وأنتَ إذا ما شِئْتَ تَنتَقِلُ
حَتَّامَ تَشْتِمُني حَتَّامَ تَذكُرُنيوقَدْ ظَلَمْتَ وتَسْتَعْفِي وتَنْتَصِلُ
ثُمَّ تَعُودُ وتنسى مَا يوافِقُنِيوالعُذْرُ يُندِمُ و النِّسيانُ والعَجَلُ
قال : وقدم عَبدُ اللّه ِ بنُ العبَّاسِ مِنَ الحَجِّ ، فأقبلَ إليهِ زِيادُ بنُ أبىِ ، فَشكَى إليهِ أبا الأسْوَدَ الدُّؤَلِيّ ، وذكر أنَّه قَد هَجاهُ ، فأرسَلَ إليهِ ابنُ عبَّاس فَدَعاهُ ، فَقالَ : أما واللّه ، لو كُنتَ مِنَ البهائِم . . .
فكتب ـ أبو الأسْوَد ـ إلى عليّ بن أبي طالب :
أمَّا بعدُ ؛ فإنَّ اللّه تبارك وتعالى قد جعلك يا أمير المؤمنين واليا مؤتمنا ، وراعيا
مسؤولاً ، ولقد بلوناك فوجدناك عظيم الأمانة ، ناصحا للرعيّة ، تُوفِّر عليهم حقوقهم ، وتزجر نفسك عن دنياهم ، ولا تأكل أموالهم ولا ترتشي في أموالهم ، وإنَّ ابن عمِّك هذا قد أكل مالَ اللّه بغير حقّ ، فلم يسعني كتمانك ذلك ، فانظر رحمك اللّه فيما هاهنا ، واكتب إليَّ برَأيِكَ فيما أحببت من ذلك ـ إن شاء اللّه ـ .
[ فَلَمَّا وصل كتاب أبي الأسْوَد عليَّا عليه السلام وقرأه ]فكتب إليه عليّ رضى الله عنه :

1.نهج البلاغة : الكتاب۴۰ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۵۱۵ ؛ أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۹۷ ، العِقد الفريد : ج۳ ص۳۴۶ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج۱۶ ص۱۶۴ ، جمهرة رسائل العرب: ج۱ ص۵۱۵ الرقم۵۳۷ .

2.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۴۱ وراجع : الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۳۲ ، أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۹۶ ، العِقد الفريد : ج۳ ص۳۴۶ .

3.في المصدر «قد» والصحيح «ولقد».


مكاتيب الأئمّة ج2
128
  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 74707
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي