227
مكاتيب الأئمّة ج2

179

وصيّته عليه السلام لمِخْنَف بن سُلَيْم

۰.« أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي سَرَائِرِ أَمْرِهِ ، وخَفِيَّاتِ عَمَلِهِ حَيْثُ لا شَهِيدَ غَيْرُهُ ، ولا وَكِيلَ دُونَهُ .
وأَمَرَهُ أَلاَّ يَعْمَلَ بِشَيْءٍ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِيمَا ظَهَرَ فَيُخَالِفَ إِلَى غَيْرِهِ فِيمَا أَسَرَّ ، ومَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ سِرُّهُ وعَلانِيَتُهُ وفِعْلُهُ ومَقَالَتُهُ ، فَقَدْ أَدَّى الأَمَانَةَ ، وأَخْلَصَ الْعِبَادَةَ .
وأَمَرَهُ أَلا يَجْبَهَهُمْ ، ولا يَعْضَهَهُمْ ۱ ، ولا يَرْغَبَ عَنْهُمْ ، تَفَضُّلا بِالإمَارَةِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمُ الإخْوَانُ فِي الدِّينِ ، والأعْوَانُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ ، وإِنَّ لَكَ فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ نَصِيبا مَفْرُوضا ، وحَقّا مَعْلُوما ، وشُرَكَاءَ أَهْلَ مَسْكَنَةٍ ، وضُعَفَاءَ ذَوِي فَاقَةٍ ، وإِنَّا مُوَفُّوكَ حَقَّكَ ، فَوَفِّهِمْ حُقُوقَهُمْ ، وإِلاَّ تَفْعَلْ فَإِنَّكَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاس خُصُوما يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وبُؤسَى لِمَنْ خَصْمُهُ عِنْدَ اللَّهِ الْفُقَرَاءُ والْمَسَاكِينُ والسَّائِلُونَ والْمَدْفُوعُونَ
والْغَارِمُونَ وابْنُ السَّبِيلِ ومَنِ اسْتَهَانَ بِالأمَانَةِ ، ورَتَعَ فِي الْخِيَانَةِ ، ولَمْ يُنَزِّهْ نَفْسَهُ ودِينَهُ عَنْهَا ، فَقَدْ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ الذُّلَّ والْخِزْيَ فِي الدُّنيا ، وهُوَ فِي الآخِرَةِ أَذَلُّ وأَخْزَى ، وإِنَّ أَعْظَمَ الْخِيَانَةِ خِيَانَةُ الأمَّةِ ، وأَفْظَعَ الْغِشِّ غِشُّ الأئِمَّةِ ، والسَّلامُ » . ۲

1.عَضهَهُ يعضَهُهُ : قال فيه ما لم يكن ( لسان العرب ج ۱۳ ص ۵۱۵ ) .

2.نهج البلاغة : الكتاب ۲۶ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۵۲۸ ح۷۱۹ مع اختلاف يسير ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۵ ص۱۵۸ الرقم۲۶ وفيه « شاهد » بدل « شهيد » .


مكاتيب الأئمّة ج2
226

[ هذا بعض ما أورده المحدّثون من كلمات سيِّد المسلمين عليه السلام في هذا المضمار ، وإن أردت الوقوف على أكثر من ذلك فراجع نهج البلاغة ۱ ، والمستدرك : كتاب الجهاد ، ونهج السَّعادة ۲ ، وعيون الأخبار لابن قُتَيْبَة ۳ .
وفي محاسن البيهقي نقل وصيَّةً أخرى له عليه السلام ، قال : ويروى أنَّ ابن عبَّاس رحمه الله ، قال : عَقُم النِّساء أنْ يجئنَ بمِثلِ عليِّ بن أبي طالب رضى الله عنه ، ما رأيت مُحْرِبا يُزَنّ به لَرَأيْتَه يومَ صفِّين ، وعلى رأسه عِمامَة بَيْضاء ، وكأنَّ عينيه سراجا سَليطٍ ۴ ، وهو يَقِف على شِرْذِمَةٍ بَعدَ شِرْذِمَةٍ مِنَ النَّاسِ ، يَعظِهُم ويَحضُّهُم ويُحَرّضُهُم ، حَتَّى انتهى إليَّ ، وأنَا في كَثفٍ مِنَ النَّاسِ ، فَقالَ :
« مَعاشِرَ المُسلِمينَ ، استَشعِروا الخَشْيةَ ، وأكمِلُوا الّلأمَةَ ، وتَجَلْبَبُوا بالسَّكِيْنَةِ ، وغُضُّوا الأصواتَ ، والحَظوا الشَّزرَ ، واطعَنُوا الوَجْرَ ، وصِلُوا السُّيوفَ بالخُطى والرِّماحَ بالنَّبلِ ، فَإنَّكُمبِعَينِ اللّه ِ ، ومَعَ ابنِ عَمِّ رَسُولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، تُقاتِلُونَ عَدُوَّ اللّه ِ ، عَلَيْكُم بِهذا السَّوادِ الأعظَمِ ، والرَّواقِ المُطَنَّبِ ، فاضرِبُوا ثَبَجَهُ ، فإنَّ الشَّيطان راكِسٌ فِي كَسرِهِ ، مُفْتَرِشٌ ذِراعَيهِ ، قَد قَدَّمَ للوَثبةِ يدا ، وأخَّرَ للنُّكوصِ رِجْلاً ، فَصَمدا صَمْدا حَتَّى يَنجَلِيَ لَكمُ الحَقُّ ، وأنتمُ الأعْلَونَ ، واللّه ُ مَعَكُم ، ولنْ يَتَرِكُم أعْمالَكُم »۵.

1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۱ و۲۴ و۶۴ و۱۰۵ و۱۲۱ و۱۲۲ والكتاب۱۱ و۱۲ و۱۴ و۱۶ .

2.نهج السعادة : ج۲ ص۳۳۳ و۳۳۵ و۳۳۷ و۳۵۴ .

3.عيون الأخبار لابن قتيبة : ج۱ ص۱۱۰ .

4.السّليط ما يُضاء به ، ومن هذا قيل للزيْتِ سليط ( لسان العرب ) .

5.المحاسن والمساوئ للبيهقي : ص ۴۵ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۴۲ ص ۴۶۰ ، كنزالعمّال : ج ۱۱ ص ۳۴۶ الرقم ۳۱۷۵۰ وفي كلاهما نحوه مع الزيادة ؛ خصائص الأئمة : ص ۷۵ ، تفسير فرات الكوفي : ص ۴۳۱ الرقم ۵۶۹ كلاهمانحوه وراجع : بشارة المصطفى : ص۱۴۱ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۶۰۱ ح۴۷۶ ؛ عيون الأخبار لابن قتيبة : ج۱ ص۱۱۰ ، بهج الصباغة : ج۱۰ ص۱۷۰ و۱۷۱ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95322
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي