191
كتابه عليه السلام إلى بعض أصحابه
۰.كتب إلى بعض أصحابه واعظا له :
علِيُّ بْنُ إبراهيمَ ، عن مُحَمَّدِ بن عِيسَى ، عن يُونُسَ ، عن أبِي جَمِيلَةَ ، قال : قال أبُو عَبد اللّه عليه السلام : « كَتَبَ أمِيرُ المُؤمِنِينَ عليه السلام إلَى بَعْضِ أصْحَابِهِ يَعِظُهُ :« أُوصِيكَ ونَفْسِي بِتَقْوَى مَنْ لا تَحِلُّ مَعْصِيَتُهُ ، ولا يُرْجَى غَيْرُهُ ، ولا الغِنَى إلاّ به ، فَإِنَّ مَنِ اتَّقَى اللّه جَلَّ وعَزَّ وقَوِي ، و شَبِعَ ورَوِيَ ، ورُفِعَ عَقْلُهُ عَنْ أهْلِ الدُّنْيَا ، فَبَدَنُهُ مَعَ أهْلِ الدُّنْيَا ، وقَلْبُهُ وعَقْلُهُ مُعَايِنُ الآخِرَةِ ، فَأطْفَأ بِضَوْءِ قَلْبِهِ مَا أبْصَرَتْ عَيْنَاهُ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا ، فَقَذَّرَ حَرَامَهَا ، وجَانَبَ شُبُهَاتِهَا ، وأضَرَّ واللّه ، بِالْحَلالِ الصَّافِي إِلاّ مَا لا بُدَّ لَهُ منه ، مِنْ كسْرَةٍ مِنْهُ يَشُدُّ بِهَا صُلْبَهُ ، وثَوْبٍ يُوَارِي بِه عَوْرَتَهُ مِنْ أغْلَظِ مَا يَجِدُ
وأخْشَنِه ، ولَمْ يَكُنْ لَهُ فِيما لا بُدَّ لَهُ مِنْهُ ثِقَةٌ ولا رَجَاءٌ ، فَوَقَعَتْ ثِقَتُهُ ورجَاؤهُ علَى خَالِقِ الأشْيَاءِ ، فَجَدَّ واجْتَهَدَ ، وأتْعَبَ بَدَنَهُ حَتَّى بَدَتِ الأضْلاعُ ، وغَارَتِ العَيْنَانِ ، فَأبْدَلَ اللّه لَه مِن ذَلِكَ قُوَّةً فِي بَدَنِهِ ، وشِدَّةً فِي عَقْلِهِ ، ومَا ذُخِرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ أكْثَرُ .
فَارْفُضِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ حُبَّ الدُّنْيَا يُعْمِي ويُصِمُّ ، ويُبْكِمُ ويُذِلُّ الرِّقَابَ ، فَتَدَارَكْ مَا بَقِيَ مِن عُمُرِكَ ، ولا تَقُلْ غَدا أو بَعْدَ غَدٍ ، فَإنَّما هَلَكَ مَنْ كان قَبْلَكَ بإِقَامَتِهِمْ علَى الأمَانِيِّ والتَّسْوِيفِ ، حَتَّى أتَاهُمْ أمْرُ اللّه بَغْتَةً وهُمْ غَافِلُونَ ، فَنُقِلُوا علَى أعْوَادِهِمْ إلى قُبُورِهِمُ المُظْلِمَةِ الضَّيِّقَةِ ، وقَدْ أسْلَمَهُمُ الأوْلادُ والأهْلُونَ .
فَانْقَطِعْ إلَى اللّه بِقَلْبٍ مُنِيبٍ مِنْ رَفْضِ الدُّنْيَا ، وعَزْمٍ لَيْسَ فِيهِ انْكِسَارٌ ، ولا انْخِزَالٌ ، أعَانَنَا اللّه وإِيَّاكَ علَى طَاعَتِه ، ووَفَّقَنَا اللّه وإِيَّاكَ لِمَرْضَاتِه » . ۱