43
مكاتيب الأئمّة ج2

مَعْقِل بن قَيْس الرِّياحي

من تميم ، كان من رجال أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته المخلصين ، وأوليائه المتفانين فيه ، وأعوانه على إقامة الدِّين ، وقمع الظَّالمين . ۱
قال ابنُ أبي الحديد : مَعْقِل بن قَيْس ، كان من رجال الكوفة وأبطالها ، وله رئاسة وقدم ، أوفده عَمَّار بن ياسِر إلى عمر بن الخَطَّاب مع الهرمزان لفتح تستر ، وكان من شيعة عليّ عليه السلام ، وجَّهه إلى بنيساقة، فقتل منهم وسبى ، وحارب المستورد بن علفة الخارجي من تَميم الرَّباب ، فقتل كل واحد منهما صاحبه بدجلة . ۲
قال ابن حَجَر : وذكره يعقوب بن سُفْيَان في أُمراء عليٍّ يوم الجمل ، وقال الهَيْثم بن عديّ : كان صاحب شرطة عليّ . ۳
قال المفيد رحمه الله : إنَّ معقلاً كان على رجّالة بني تميم ، في جند أمير المؤمنين عليه السلام ، في حرب الجمل . ۴
[ كان أمير المؤمنين عليه السلام يتهيأ لحرب صفِّين ، دخل عليه جمع فيهم حَنْظَلَة بن الرَّبيع التَّميميّ ، وعبد اللّه بن المعتم ، فأشاروا بالتَّأخير في الحرب ، والمكاتبة مع معاوية ؛ ]فقام إليه مَعْقِل بن قَيْس اليَرْبُوعيّ ثُمَّ الرِّياحيّ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنَّ هؤلاء واللّه ما أتوك بنصح ، ولا دخلوا عليك إلاَّ بغشّ ، فاحذرهم فإنَّهم أدنى العدوّ . ۵
[ لمّا عزم أمير المؤمنين عليه السلام على الخروج إلى صفِّين ، جاءه ابن عبَّاس من البصرة ، ومعه رؤوس الأخماس ، وأُمراء الأسباع من أهل الكوفة منهم ، ] مَعْقِل بن قَيْس اليَرْبُوعيّ على تميم وضَبَّة والرَّباب وقريش وكِنانَة وأسَد . ۶
[ ولمّا أراد أن يرحل من النُّخيلة خطب النَّاس واستنفرهم ، ] فقام إليه مَعْقِل بن قَيْس الرِّياحيّ ، فقال : يا أمير المؤمنين ، واللّه لا يتخلَّف عنك إلاَّ ظنين ، ولا يتربّص بك إلاَّ منافق ، فأمر مالك بن حبيب أن يضرب أعناق المتخلفين . ۷
[ بعثه أمير المؤمنين عليه السلام ] من المَدائِن في ثلاثة آلاف رجل ، وقال له :
« خُذْ علَى المَوْصِلِ ، ثُمَّ نَصِيبينَ ، ثُمَّ القَنِي بالرَّقَةِ ، فَإنّي مُوافِيها ، وسكِّنِ النَّاسَ وأمِّنْهُم ، ولا تُقاتِلْ إلاَّ مَنْ قاتَلَكَ ، وسِرْ البَرْدَيْنِ ، وغَوِّر بالنَّاسِ ، وأَقِمِ اللَّيلَ ، ورَفّهْ في السَّيْرِ ، ولا تَسِرْ في اللَّيلِ ، فَإنَّ اللّه جَعلَهُ سَكنا ، أرِحْ فِيهِ بَدنَكَ وجُنْدَكَ وظَهْرَكَ ، فإذا كانَ السَّحَرُ أو حِينَ ينبَطِحُ الفَجْرُ فَسِرْ » .۸
كان مَعْقِل من الرُّؤساء الَّذِين يأمرهم أمير المؤمنين عليه السلام بالقتال في صفِّين كل يوم واحدا منهم . ۹
كان مَعْقِل بن قَيْس الرِّياحي من الرُّؤساء المخلصين ، الَّذِين قاموا إلى أبي الحسن بن عليّ عليهماالسلام وكلّموه وأظهروا له الإخلاص ،بمثل كلام عَدِيّ بن حاتم في الإجابة والقبول ، فقال لهم الحسن عليه السلام : « صَدقْتُم رَحِمَكُم اللّه ُ ، ما زِلْتُ أَعرِفُكُم بِصدْقِ النِّيَّةِ والوفاءِ والقَبولِ والمَوَدَّةِ الصَّحيحَةِ ، فَجَزاكُمُ اللّه ُ خَيْرا » . [ كلامُ عَدِيّ رحمه الله ] . . .ثُمَّ استقبل الحسنَ بوجهه فقال : أصاب اللّه بك المراشد ، وجنَّبك المكاره ، ووفَّقك لما يُحمَدُ وِردُهُ وصَدرُهُ ، قد سَمِعْنا مقالتك ، وانتهينا إلى أمرك وسمعنا لك ، وأطعناك فيما قلت وما رأيت . ۱۰
[ لمّا أغار سُفْيَان بن عَوْف الغامدي على الأنبار . . .خطب أمير المؤمنين عليه السلام النَّاس وحرّضهم وأنّبهم . . . ] فلمَّا دخل منزله ودخل عليه وجوه أصحابه ، قال لهم : « أشيروا عَليَّ بِرَجُلٍ صلِيبٍ ناصِحٍ يَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ السَّوادِ »، فقال له سعيد بن قيس : يا أمير المؤمنين ، أُشير عليك بالنَّاصح الأريب ، الشُّجاع الصَّليب ، مَعْقِل بن قَيْس التَّميميّ ، قال : نعم ، ثُمَّ دعاه فَوَجَّهَهُ ، فَسارَ فَلَمْ يَقدِمْ حَتَّى أُصيبَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام . ۱۱
لمّا ندب أمير المؤمنين عليه السلام للخروج إلى الشَّام ثانيا ، بعد الحكمين ، وأمر كل رئيس أن يكتب : ما عشيرته ومواليهم ويرفعه إليه . أجابه جمع ، منهم مَعْقِل بن قَيْس الرِّياحيّ . ۱۲ وكان مَعْقِل في حرب الخوارج : على ميسرة أمير المؤمنين عليه السلام . ۱۳
عندما أغار يزيد بن شجرة على مكّة والمدينة ، هَبَّ مَعْقِل إلى مواجهته ، فأسَر عددا من أصحابه ، ولاذ الباقون بالفرار ۱۴ .
لمّا عزم الإمام عليه السلام على معاودة قتال معاوية بعد إخماد فتنة النَّهروان ، واستبان الاستعداد النِّسبي الَّذي أبداه أهل الكوفة للقتال ، ذهب مَعْقِل إلى أطراف الكوفة لجمع المقاتلين ، لكنّه تلقّى ـ وهو في مهمّته ـ الخبر المُفجِعَ لاستشهاد الإمام عليٍّ عليه السلام ۱۵ .
أقول : والَّذي تحصَّل ممَّا سردنا ، أنَّه كان من رجال الحرب ، وفرسان الطِّعان من زمن عمر ، وحضر الحروب في عصره ، ثُمَّ صار إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان من رجاله المعروفين والشجعان المشهورين ، وكان ناصحا أريبا ، وشجاعا صليبا ، وظهر منه في تلكم الحروب ما يحكي عن بسالته وعقله وتدبيره ، حَتَّى
وقع عند أمير المؤمنين عليه السلام موقع الرِّضا والقبول . والَّذي أتعجَّبُ منه ، هو مقاتلته مع المستورد تحت راية معاوية ، وهو هو ، والرَّاية رايته ، والحكومة حكومته الغاشمة الظَّالمة ، بل الكافرة .
والَّذي يحتمل ، هو أن يكون مجبورا لا خيار له ، أو حاربهم من أجل أنَّهم يبغضون عليَّا عليه السلام ويُكَفِّرونهُ .
قال الطَّبري : فلمّا أراد الخروج ( لحرب خِرّيت ) أقبل إلى عليّ عليه السلام فودّعه عليه السلام فقال : « يا مَعْقِل ، اتَّقِ اللّه ما استَطَعْتَ ، فإنَّها وصيَّةُ اللّه ِ للمُؤمِنينَ ، لا تَبْغِ علَى أهْلِ القِبلَةِ ، ولا تَظْلِم أهلَ الذِّمَّةِ ، ولا تتكبَّر ، فإنَّ اللّه َ لا يُحِبُّ المُتكبِّرينَ » .۱۶
في سنة 43 ه خرج المُسْتَورد ـ أحد أقطاب الخوارج ـ في أيّام حكومة معاوية الغاصبة ۱۷ ، وهو يريد الشِّيعة ، فنهض مَعْقِل إلى قتاله . واستشهد بعد أن دَحَر جيشه وقتَله في مبارزة بينهما ۱۸ . وصفه سعيد بن قَيْس بأنّه : ناصح أريب ، صليب شجاع ۱۹ .

1.رجال الطوسي :ص۴۷ ، الغارات : ج۲ ص۷۸۲ .

2.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۵ ص۹۲ وراجع : تاريخ مدينة دمشق : ج۵۹ ص۳۶۷ ، الإصابة : ج۶ ص۲۴۱ الرقم ۸۴۷۰ ، الكامل للمبرّد : ج۳ ص۱۱۶۳ .

3.الإصابة : ج۶ ص۲۴۱ الرقم ۸۴۷۰ .

4.الجمل : ص۳۲۱ .

5.وقعة صفّين : ص۹۶ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۳ ص۱۷۵ .

6.وقعة صفّين :ص۱۱۷ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۳ ص۱۹۳ .

7.وقعة صفّين :ص۱۳۲ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۴۲۲ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۳ ص۲۰۲ .

8.وقعة صفّين : ص۱۴۸ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۳ ص۲۰۸ ، ربيع الأبرار : ج۲ ص۳۹۴ .

9.وقعة صفّين : ص۱۹۵ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۴۲۸ .

10.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۶ ص۳۹ ، مقاتل الطالبيين : ص۷۰ ؛ بحار الأنوار :ج۴۴ ص۵۰ .

11.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۲ ص۹۰ ؛ الغارات : ج۲ ص۴۸۲ .

12.راجع : تاريخ الطبري : ج۵ ص۷۹ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۰۲ .

13.راجع : تاريخ الطبري : ج۵ ص۸۵ .

14.الغارات : ج۲ ص۵۱۱ .

15.الغارات : ج۲ ص۶۳۸ ؛ الأخبار الطوال : ص۲۱۳ .

16.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۲۲ .

17.أنساب الأشراف : ج۵ ص۱۷۵ .

18.أنساب الأشراف : ج۵ ص۱۷۶ و۱۷۷ ، تاريخ الطبري : ج۵ ص۲۰۶ ، الكامل للمبرّد :ج۳ ص۱۱۶۳ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۶۵ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۵ ص۹۲ .

19.الأمالي للطوسي : ص۱۷۴ ح۲۹۳ ، الغارات : ج۲ ص۶۳۸ .


مكاتيب الأئمّة ج2
42
  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 74719
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي