49
مكاتيب الأئمّة ج2

فكتب مصقلة في الجواب :
أمَّا بَعْدُ ؛ فقد بلغني كتاب أمير المؤمنين ، فليسأل إن كان حقَّا ، فليعجِّل عزلي بعد نكالي ، فكلّ مملوكي حرّ ، وعلَيَّ آثامُ ربِيعَةَ ومضر ، إن كنت رزأت ۱ من عملي دِينارا ولا درهما ولا غيرهما ، منذ ولّيته إلى أن ورد عليَّ كتاب أمير المؤمنين ، ولتعلَمَنَّ أنَّ العزْلَ أهونُ علَيَّ مِنَ التُّهمَةِ .
فلمَّا قرأ كتابه قال : ما أظُنُّ أبا الفضل إلاَّ صادقا .۲
ونقل أنساب الأشراف بنحو آخر أحببت إيراده هنا ، وهو :
« بلغني عَنْكَ أمرٌ ، إن كُنْتَ فَعَلْتَهُ فَقَد أتيتَ شَيْئا إدَّا۳، بَلَغَنِي أنَّك تَقْسِمُ فَيءَ المُسلِمينَ فِيمَنِ اعتَناكَ وتغشَّاك مِن أعرابِ بَكْرِ بنِ وائِلٍ ، فو الَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأ النَّسَمَةَ ، وأحاطَ بِكُلِّ شيءٍ عِلْما ، لَئِنْ كان ذلِكَ حَقَّا لتَجِدَنَّ بِكَ علَيَّ هوانا ، فلا تَستَهِينَنَّ بِحَقِّ رَبِّكَ ، ولا تُصلِحَنَّ دُنياكَ بِفَسادِ دِينِكَ ومَحْقِهِ ، فَتَكونُ من الأخسرِينَ أعْمالاً ،« الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا »۴» .۵
[ أقول : كان مصقلة بن هبيرة الشّيْبانيّ عاملاً على أردشير خُرَّة ، وأردشير خُرَّة : كورة من كور فارس ، وقد مرَّ كتاب له عليه السلام حين اشترى سبي بني ناجية وأعتقهم ، ] وأخّر المال ، فكتب إليه علي عليه السلام بما قدمنا ، ثُمَّ هرب مصقلة إلى معاوية ، فلمَّا بلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام ، قال :
« قَبَّحَ اللّه ُ مَصْقَلَةَ فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ، وفَرَّ فِرَارَ الْعَبِيد، فمَا أَنْطَقَ مَادِحَهُ حَتَّى أَسْكَتَهُ، ولا صَدَّقَ وَاصِفَهُ حَتَّى بَكَّتَهُ ، ولو أقام لأَخَذْنَا مَيْسُورَهُ ، وانْتَظَرْنَا بِمَالِه وُفُورَهُ . »۶

1.يقال : رزأ ـ من باب منع ، والمصدر كالمنع والقفل والمعركة ـ رزا ورزا ومرزنة الرجل ماله : نقصة .

2.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۰۱ .

3.الراغب : أي أمرا منكرا يقع فيه جلبة .

4.الكهف : ۱۰۴ .

5.أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۸۹ .

6.نهج البلاغة : الخطبة۴۴ .


مكاتيب الأئمّة ج2
48

153

كتابه عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشّيْبانِيّ

۰.وهو عامله على أردَشِير خُرَّة :بَلَغَنِي عَنْك أَمْرٌ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَهُ فَقَدْ أَسْخَطْتَ إِلَهَك ، وعَصَيْتَ إِمَامَك ، أَنَّك تَقْسِمُ فَيْءَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي حَازَتْهُ رِمَاحُهُمْ وخُيُولُهُمْ وأُرِيقَتْ عليه دِمَاؤهُمْ فِيمَنِ اعْتَامَك مِن أَعْرَابِ قَوْمِك ، فَو الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَة ، لَئِن كان ذلك حَقّا لَتَجِدَنَّ لك
علَيَّ هَوَانا ، ولَتَخِفَّنَّ عنْدِي مِيزَانا ، فلا تَسْتَهِنْ بِحَقِّ رَبِّك ، ولا تُصْلِحْ دُنْيَاك بِمَحْقِ دِينِك ، فَتَكُونَ مِن الأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ، أ لا وإِنَّ حَقَّ مَن قِبَلَك وقِبَلَنا مِن الْمُسْلِمِينَ فِي قِسْمَةِ هَذَا الْفَيْءِ سَوَاءٌ يَرِدُونَ عِنْدِي عليه ويَصْدُرُونَ عنه . ۱
قال اليعقوبي : بلغ أمير المؤمنين عليه السلام أنَّ مصقلة يفرّق ويهب الأموال ( أي أموال أردشير خُرَّة ) وكان عليها ، فكتب إليه :
« أمَّا بعدُ ؛ فَقَدْ بَلغَنِي عَنْكَ أمرٌ أكْبَرْتُ أنْ أُصَدِّقَهُ : أنَّك تَقسِمُ فَيءَ المُسلِمينَ في قَومِكَ ، ومَنِ اعتَراكَ مِنَ السَّأَلَةِ والأحزابِ ، وأهْلِ الكِذْبِ مِنَ الشُّعَراءِ ، كما تُقَسِّمُ الجَوْزَ ، فو الَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأ النَّسَمَةَ ، لأُفتِشَنَّ عَنْ ذلِكَ تفتِيشا شَافِيا ، فَإنْ وَجْدتُهُ حَقَّا لَتَجِدَنَّ بِنَفْسِكَ علَيَّ هَوانا ، فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ أعْمالاً ، « الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا » » ۲ .

1.نهج البلاغة : الكتاب۴۳ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۵۱۶ ح۷۱۲ ؛ نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۶ ص۱۷۵ .

2.الكهف :۱۰۴ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95460
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي