فكتب مصقلة في الجواب :
أمَّا بَعْدُ ؛ فقد بلغني كتاب أمير المؤمنين ، فليسأل إن كان حقَّا ، فليعجِّل عزلي بعد نكالي ، فكلّ مملوكي حرّ ، وعلَيَّ آثامُ ربِيعَةَ ومضر ، إن كنت رزأت ۱ من عملي دِينارا ولا درهما ولا غيرهما ، منذ ولّيته إلى أن ورد عليَّ كتاب أمير المؤمنين ، ولتعلَمَنَّ أنَّ العزْلَ أهونُ علَيَّ مِنَ التُّهمَةِ .
فلمَّا قرأ كتابه قال : ما أظُنُّ أبا الفضل إلاَّ صادقا .۲
ونقل أنساب الأشراف بنحو آخر أحببت إيراده هنا ، وهو :
« بلغني عَنْكَ أمرٌ ، إن كُنْتَ فَعَلْتَهُ فَقَد أتيتَ شَيْئا إدَّا۳، بَلَغَنِي أنَّك تَقْسِمُ فَيءَ المُسلِمينَ فِيمَنِ اعتَناكَ وتغشَّاك مِن أعرابِ بَكْرِ بنِ وائِلٍ ، فو الَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأ النَّسَمَةَ ، وأحاطَ بِكُلِّ شيءٍ عِلْما ، لَئِنْ كان ذلِكَ حَقَّا لتَجِدَنَّ بِكَ علَيَّ هوانا ، فلا تَستَهِينَنَّ بِحَقِّ رَبِّكَ ، ولا تُصلِحَنَّ دُنياكَ بِفَسادِ دِينِكَ ومَحْقِهِ ، فَتَكونُ من الأخسرِينَ أعْمالاً ،« الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا »۴» .۵
[ أقول : كان مصقلة بن هبيرة الشّيْبانيّ عاملاً على أردشير خُرَّة ، وأردشير خُرَّة : كورة من كور فارس ، وقد مرَّ كتاب له عليه السلام حين اشترى سبي بني ناجية وأعتقهم ، ] وأخّر المال ، فكتب إليه علي عليه السلام بما قدمنا ، ثُمَّ هرب مصقلة إلى معاوية ، فلمَّا بلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام ، قال :
« قَبَّحَ اللّه ُ مَصْقَلَةَ فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ، وفَرَّ فِرَارَ الْعَبِيد، فمَا أَنْطَقَ مَادِحَهُ حَتَّى أَسْكَتَهُ، ولا صَدَّقَ وَاصِفَهُ حَتَّى بَكَّتَهُ ، ولو أقام لأَخَذْنَا مَيْسُورَهُ ، وانْتَظَرْنَا بِمَالِه وُفُورَهُ . »۶
1.يقال : رزأ ـ من باب منع ، والمصدر كالمنع والقفل والمعركة ـ رزا ورزا ومرزنة الرجل ماله : نقصة .
2.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۰۱ .
3.الراغب : أي أمرا منكرا يقع فيه جلبة .
4.الكهف : ۱۰۴ .
5.أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۸۹ .
6.نهج البلاغة : الخطبة۴۴ .