69
مكاتيب الأئمّة ج2

161

كتابه عليه السلام إلى جارية بن قُدَامَة السعديّ

۰.لمَّا أرسله لدفع الطَّاغية بُسْر بن أرطاة ، لما شنَّ الغارة على المؤمنين .
أمَّا نصّ اليعقوبي : عن غياث ، عن فطر بن خليفة ، عن أبي خالد الوالبي ، قال :
قرأت عهد عليّ عليه السلام لجارية بن قُدامَة السَّعديّ ، وهذه صورته :
« أُوصِيكَ يا جارِيَةُ بِتَقْوى اللّه ِ ، فإنَّها جُموعُ الخَيْرِ ، وسِرْ عَلى عَوْنِ اللّه ِ ، فالِقِ عَدُوِّكَ الَّذي وجَّهْتُكَ لَهُ ، ولا تُقاتِلْ إلاّ مَن قاتَلَكَ ، ولا تُجْهِز على جَريحٍ ، ولا تُسَخِرَنَّ دابَةً ، وإن مَشيْتَ ومَشى أصحابُكَ ، ولا تَستأثِرْ علَى أهْلِ المِياهِ بِمياهِهِم ، ولا تَشْرَبَنَّ إلاّ فضلَهُم عَن طيبِ نُفُوسِهِم ، ولا تَشْتِمَنَّ مُسلِما ولا مُسلِمَةً ، فَتُوجِبُ علَى نَفْسِكَ ما لَعلَّكَ تُؤدِّبُ غيرَكَ علَيْهِ ؛ ولا تَظْلِمَنَّ مُعاهِدا ولا مُعاهِدَةً . واذكُرِ اللّه َ ولا تَفْتُرْ ليْلاً ولا نهارا ، واحمِلوا رجَّالَتَكُم ، وتَواسَوا في ذاتِ أيديكُم ، وأجْدِدْ السَّيْرَ ، وأجْلِ العَدُوَّ مِن حَيْثُ كانَ ، واقتُلْهُ مُقْبِلاً ، واردُدْهُ بِغَيْظِهِ صاغِرا ، واسفِكْ الدَّمَ في الحقِّ واحقِنْهُ في الحَقِّ ، ومَنْ تابَ فاقبَلْ توبَتَهُ ، وأخبارُكَ في كُلِّ حينٍ بِكُلِّ حالٍ ، والصِّدْقَ الصِّدْقَ فَلا رأيَ لِكَذُوبٍ » . ۱

وأمَّا نصّ البحار عن كتاب الغارات ، فهو :
لمَّا ورد بُسْر بن أرطاة لعنه اللّه للإغارة على مملكة أمير المؤمنين عليه السلام : الحجاز ، والمدينة ، ومكَّة ، واليمن ، بأمر معاوية بن أبي سُفْيَان ، بلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام ، فبعث في أثره جارية بن قُدامَة ، وأوصاه بتقوى اللّه وما يلزمه أن يعمل في مسيره .
عن الحارث بن حصيرة ، عن عبد الرَّحمن بن عبيد ، قال : لمَّا بلغ عليَّا عليه السلام
دخول بُسْر أرض الحجاز ، وقتله ابني عُبيد اللّه بن العبَّاس ، وقتله عبد اللّه بن عبد المدان ومالك بن عبد اللّه ، بعثني بكتاب في أثر جارية بن قُدامَة ، قبل أن يبلغه أنَّ بُسْرا ظهر على صنعاء ، وأخرج عُبيد اللّه منها وابن نمران ، فخرجت بالكتاب حَتَّى لحق به جارية ففضَّه فإذا فيه :
« أمَّا بعدُ ، فإنِّي بَعثْتُكَ في وجْهِكَ الَّذي وَجِّهْتَ لَهُ ، وقد أوْصيْتُكَ بِتقوى اللّه ِ ، وتَقْوى ربّنا جِماعُ كُلِّ خَيْرٍ ورأسِ كُلِّ أمْرٍ ، وتركْتُ أن أُسمِّي لَكَ الأشْياءَ بأعيانِها ، وأنِّي أُفسِّرُها حَتَّى تَعْرِفَها :
سِرْ علَى بَركَةِ اللّه ِ حَتَّى تَلْقى عَدُوَّكَ ، ولا تَحْتَقِرَنَّ مَنْ خلق اللّه أحدا ، ولا تُسخِرَنَّ بَعِيرا ولا حِمارا ، وإنْ تَرَجّلْتَ وحَفَيْتَ ، ولا تَستَأثِرَنَّ علَى أهْلِ المِياهِ بِمياهِهِم ، ولا تَشْرَبَنَّ مِنْ مِياهِهِم إلاَّ بِطيبِ أنْفُسِهِم ، ولا تَسُبَّ مُسْلِما ولا مُسلِمَةً ، ولا تَظْلِمْ مُعاهِدَا ولا مُعاهِدَةً ، وصلِّ الصَّلاةَ لِوَقْتِها ، واذْكُرِ اللّه َ باللَّيلِ والنَّهارِ ، واحمِلُوا راجِلَكُم ، وتأسَّوا علَى ذاتِ أيْديكُم ، وأغِذَّ السَّيْرَ حَتَّى تلْحَقَ بِعَدُوِّكَ ، فَتَجْلِيهِم عَنْ بِلادِ اليَمَنِ وتَرُدَّهُم صاغِرينَ إنْ شاءَ اللّه ُ ، والسَّلامُ عَليْكَ ورَحْمَةُ اللّه ِ وبَرَكاتُهُ ».۲

[ أقول : مرَّ في ذيل قصّة ابن الحَضْرَمِيّ ، أنَّ جارية بن قُدامَة هو الَّذي قتل ابن الحَضْرَمِيّ وأصحابه بالبصرة ، وأرسله أمير المؤمنين عليه السلام إلى أهل نجران عند ارتدادهم عن الإسلام ۳ ] .

1.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص ۲۰۰ .

2.الغارات : ج۲ ص۶۲۸ ، بحار الأنوار : ج۳۴ ص۱۵ .

3.راجع : رجال الكشّي : ج۱ ص۳۲۲ الرقم۱۶۸ ، قاموس الرجال : ج۲ ص۵۵۷ الرقم۱۳۵۶ .


مكاتيب الأئمّة ج2
68

[ قال ابن أبي الحديد: كتب أمير المؤمنين عليه السلام هذا الكتاب بعد أن وصل كتاب عُبيد اللّه وسعيد إليه ، وشاور يزيد بن قَيْس الأرْحَبيّ الهَمْدانِيّ رحمه الله؛ ولعلَّه المراد من قوله عليه السلام : « فَسألْتُ أهلَ الدِّينِ الخالِصِ ، والورَع الصَّادقِ ، واللُّبِّ الرَّاجِحِ » ، ويحتمل أيضا أن يكون المراد بهذه النعوت الرَّسول الَّذي جاء بالكتاب.
وقد كانت صنعاء وقتئذٍ عاصمة اليمن، وملوك اليمن كانوا يسكنون صنعاء وماحولها من مخاليف اليمن، وإنَّما صارت عاصمة بعد سلطة الأجاش على اليمن ، وكان الملك يجلس في قصر همدان؛ وقد كتبنا عن اليمن ومخاليفها في مكاتيب الرَّسول ].

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95382
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي