75
مكاتيب الأئمّة ج2

مكاتيب الأئمّة ج2
74

162

كتابه عليه السلام إلى شِيعَتِه

۰.قال محمَّد بن يعقوب في كتاب الرَّسائل : عن عليَّ بن إبراهيم بأسناده قال : كتَب أمير المؤمنين عليه السلام كتابا بعد منصرفه من النَّهروان ، وأمر أنْ يقرأ على النَّاس ، وذلك أنَّ الناس سألوه عن أبي بكر وعمر وعثمان ، فغضب عليه السلام ، وقال :« قَدْ تَفَرَّغْتُم للسُؤَالِ عمَّا لا يَعنِيكُم ، وهذِهِ مِصْرُ قَدِ انفَتَحَتْ ، وقَتَلَ مُعاوِيَةُ بنُ خَدِيْجٍ محمَّدَ بنَ
أبي بَكْرٍ ، فيالَها مِنْ مُصِيبَةٍ ما أعظَمَها ، بِمُصيبَتي بِمُحَمَّدٍ ، فواللّه ِ ما كانَ إلاَّ كَبَعْضِ بَنيّ ، سُبْحانَ اللّه ِ بَيْنا نَحْنُ نَرْجو أنْ نَغلِبَ القومَ علَى ما في أيْديِهِم إذْ غلَبونا علَى ما فِي أيدِينا ، وأنا لَكتَّاب لَكُم كِتابا فيه تَصرِيحُ ما سَأَلْتُم ، إنْ شاء اللّه ُ تعالى » .
فدعا[ عليه السلام ] كاتبه عُبيد اللّه بن أبي رافع ، فقال له :
« أدخِلْ عَليَّ عَشَرَةً مِن ثِقاتِي » .
فقال : سمِّهم لي يا أمير المؤمنين .
فقال عليه السلام :
« أدخِلْ أصبغَ بنَ نباتة ، وأبا الطُّفَيل عامر بن واثِلَة الكِنانيّ ، ورزينَ بنَ حُبَيْشٍ الأسديّ ، وجُوَيْريَّةَ بنَ مُسْهِر العَبْديّ ، وخندفَ بن زُهَيْرٍ الأسَديّ ، وحارِثَةَ بنَ مَضرِبِ الهَمْدَانِيّ ، والحارث بن عبد اللّه الأعْوَر الهَمْدانِيّ ، ومصباحَ النَّخَعيّ ، وعَلْقَمَة بن قَيْس ، وكُمَيْل بن زياد ، وعمير بن زُرَارَة » .
فدخلوا عليه ، فقال لهم :
« خُذُوا هذا الكِتاب ولْيَقرْأْهُ عُبيدُ اللّه ِ بنُ أبي رافِعٍ وأَنتُم شُهودٌ كُلَّ يومِ جُمُعَةٍ ، فَإنْ شَغِبَ شاغِبٌ عَليْكُم ، فأَنصِفُوهُ بِكتابِ اللّه ِ بَيْنَكُم وبينَهُ » :
« بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مِن عبد اللّه عليٍّ أميرِ المؤمنينَ ، إلى شِيعَتِهِ من المُؤمِنينَ والمُسلِمينَ ، فإنَّ اللّه َ يقولُ : « وَ إِنَّ مِن شِيعَتِهِ لاَءِبْرَ هِيمَ »۱ ، وهو اسْمٌ شَرَّفَهُ اللّه ُ تعالى في الكِتابِ ، وأنْتُم شِيْعَةُ النَّبيِّ محمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، كمَا أنَّ من شِيعَتِه إبراهيمَ ، إسْمٌ غَيْرُ مخْتَصٍّ ، وأمْرٌ غَيرُ
مُبْتَدَع ، وسلامُ اللّه ِ عليْكم ، واللّه ُ هوَ السَّلامُ المُؤمِنُ أوْلِياءَهُ مِنَ العَذابِ المُهِينِ ، الحاكِمُ عليْكُم بعَدْلِهِ .
أمَّا بعدُ ، فإنَّ اللّه تعالى بَعَث محمَّدا صلى الله عليه و آله وأنْتُم مَعاشِرَ العَرَبِ علَى شَرِّ حالٍ ، يَغْذُو أحَدُكم كلْبَهُ ، ويَقْتُل وُلْدَه ، ويُغِيْرُ على غَيْرهِ فَيَرْجِعُ وقَدْ أُغيْرَ علَيْهِ ، تأكُلُونَ العَلْهَزَ ۲ والهَبِيْدَ ۳ ، والمِيْتَةَ والدَّمَ ، تُنِيْخُونَ علَى أحْجارٍ خُشْنٍ ، وأوْثانٍ مُضِلَّةٍ ، وتأكُلُون الطَّعامَ الجَشِبَ ، وتَشْرَبونَ الماءَ الآجِنَ ، تُسافِكونَ دِماءَكم ، ويَسْبِي بعْضُكم بعْضا ، وقَدْ خَصَّ اللّه ُ قُرَيْشا بثَلاثِ آياتٍ ، وعَمَّ العَرَبَ بآيَةٍ ، فأمَّا الآياتُ اللَّواتي في قُرَيْش فهو قوْلُه تعالى : « وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِى الأَْرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَـئاوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَـتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ »۴ .
والثَّانِيَةُ : « وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَ عَمِلُواْ الصَّــلِحَـتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْـئا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَ لِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَـسِقُونَ »۵ .
والثَّالِثَةُ : قَولُ قرَيْش لنبيِّ اللّه تعالى حيْنَ دَعاهم إلى الإسلامِ والهِجْرَةِ ، فقالوا : « إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ »۶ ، فقال اللّه تعالى : « أَوَ لَمْ نُمَكِّن لَّهُمْحَرَمًا ءَامِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَ تُ كُلِّ شَىْ ءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَ لَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ »۷ .
وأمَّا الآيَةُ الَّتي عَمَّ بها العَرَبَ فهو قوْلُه تعالى : « وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَ نًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَ لِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَـتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ »۸ .
فيالَها من نِعْمَةٍ ما أعْظَمَها إنْ لم تَخرُجُوا منها إلى غَيْرِها ، ويالَها مِن مُصيْبَةٍ ما أعْظَمَها إنْ لم تُؤمِنوا بها وتَرْغَبوا عنْها .
فمَضى نبيُّ اللّه صلى الله عليه و آله وقد بلَّغَ ما أُرسِلَ بهِ ، فيالَها مُصِيبةً خَصَّت الأقربينَ ، وعَمَّت المُؤمِنينَ ، لنْ تُصابُوا بمثْلِها ، ولنْ تُعايِنُوا بعدَها مِثْلَها ، فمَضى صلى الله عليه و آله لِسَبيْله ، وتَرَك كِتابَ اللّه ِ وأهلَ بيتِهِ إمامَيْن لا يَخْتَلِفان ، وأخَوَيْنِ لا يَتَخاذَلانِ ، ومجْتَمِعَيْنِ لا يَتَفَرَّقانِ .
ولَقد قَبَضَ اللّه ُ محمَّدا نبيَّه صلى الله عليه و آله ولَأنَا أولى النَّاس به ، منِّي بقَميصِي هذا ، وما أُلقِيَ في رُوْعِي ، ولا عَرَضَ فِي رأيي أنَّ وَجْهَ النَّاس إلى غَيْري ، فلمَّا أبْطَاؤُا عَنِّي بالوِلايَة لِهِمَمِهِم ، وتثبَّطَ الأنْصارُ ـ وهُم أنصار اللّه ، وكَتِيْبَةُ الإسلام ـ وقالوا : أمَّا إذا لم تُسَلِّموها لعَلِيٍّ فَصَاحِبُنا أحقُّ بها من غَيْره .
فَوَ اللّه ما أدْرِي إلى مَن أشْكُو ؟ فإمَّا أنْ يكونَ الأنْصارُ ظُلِمَت حَقَّها ، وإمَّا أنْ يكونوا ظَلَمُونِي حَقِّي ، بل حَقِّي المأخُوذُ وأنَا المَظلومُ ، فقال قائلُ قرَيشٍ : الأئِمَّةُ من قرَيشٍ . فدَفَعوا الأنصار عن دَعوتِها ومَنَعُونِي حَقِّي منها .
فأتاني رَهْطٌ يَعرِضونَ عليَّ النَّصْر ، منْهُم ابْنا سَعيدٍ ، والمِقْدادُ بنُ الأسْوَدِ ، وأبو ذَرٍّ الغِفارِيُّ ، وعَمَّارُ بنُ ياسِرٍ ، وسَلْمانُ الفارسِيُّ ، والزُبَيْرُ بن العَوام ، والبراءُ بن عازِب ، فقلت لهم : إنَّ عندي من النَّبي صلى الله عليه و آله عهْدا ، وله إليَّ وصيَّةٌ ، لستُ أُخالِفُه عمَّا أمرَنِي به .
فَوَاللّه لو خَزَمُونِي بأنفي لأقررْتُ للّه تعالى سَمْعا وطاعةً ، فلَمَّا رأيتُ النَّاس قَدْ انْثالُوا على أبي بكر للْبَيْعَة ، أمْسَكْتُ يدِي وظَنَنْت أنِّي أوْلى وأحقُّ بمقام رسول اللّه صلى الله عليه و آله منْه ومِن غَيْره ، وقد كان نبيُّ اللّه أمَّر أُسامَة بن زَيْد على جَيْشٍ ، وجعلَهُما في جَيْشه ، وما زالَ النَّبيُّ صلى الله عليه و آله إلى أنْ فاضَتْ نفسُه ، يقول :
أنْفِذوا جَيش أُسامَةَ ، أنفِذوا جيش أسامَة ، فمَضى جيشُه إلى الشَّام حَتَّى انتهوا إلى أذْرُعاتٍ فلَقِي جيشا من الرُّوم فهَزَمُوهم ، وغَنِمَهُم اللّه أموالَهُم .
فلمَّا رأيتُ راجِعةً من النَّاس قَدْ رجَعَتْ عن الإسلام تَدْعُو إلى مَحْو دِين محمَّد وملَّةِ إبراهيم ( عليهماالسلام)، خَشِيتُ إنْ أنا لَم أنْصُر الإسلام وأهلَه ، أرى فيْه ثلْما وهَدْما ، تكون المصيْبَةُ علَيَّ فيْه أعظَمَ من فَوْت ولايَةِ أمورِكم ، الَّتي إنَّما هي متاعُ أيَّام قلائِل ، ثُمَّ تزولُ وتَنْقَشِعُ كمَا يزولُ ويَنْقَشِعُ السَّحابُ ، فَنَهضْتُ مع القوْم في تِلك الأحداث حَتَّى زَهَقَ الباطلُ ، وكانَت كلمةُ اللّه ِ هِيَ العُلْيا وإنْ رَغِمَ الكافرون .
ولقَد كان سَعْدٌ لمَّا رأى النَّاس يُبايِعون أبا بَكر ، نادى أيُّها النَّاس إنِّي واللّه ِ ما أَرَدْتُها حَتَّى رأيتُكم تصرفونَها عن عليٍّ ، ولا أبايِعُكم حَتَّى يبايِعَ علِيٌّ ، ولَعَلِّي لا أفْعَلُ وإنْ بايَع .
ثُمَّ رَكِب دابَّتَه وأتى حَوْرانَ وأقامَ في خانٍ حَتَّى هلَك ولم يُبايع .
وقام فَرْوَةُ بن عَمْرو الأنْصاريُّ ، وكان يَقُودُ مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله فَرَسَيْن ، ويَصْرِمُ
ألْفَ وَسَق من تَمْر فيتَصدَّقُ به على المساكِينَ ، فنادى :
يا معشرَ قرَيْش ، أخبِرُونِي هلْ فيكم رجُلٌ تَحِلُّ له الخِلافَةُ وفيه ما في عليٍّ .
فقال : قَيْسُ بن مَخْرَمَة الزُّهْريِّ : لَيْسَ فيْنا مَن فيْه ما في عليٍّ .
فقال : صدقْتَ ، فهَل في عليٍّ ما لَيْسَ في أحَدٍ منكم .
قال : نَعَمْ .
قال : فما صَدَّكم عنه .
قال : اجْتِماعُ النَّاس على أبي بكر .
قال : أمَا واللّه لئِن أصَبْتُم سُنَّتَكم لقَد أخْطَأْتُم سُنَّةَ نبيِّكم ، ولو جَعَلْتُمُوها في أهل بيت نبيِّكم لأكلْتُم من فوْقِكم ومن تحْت أرْجُلِكم .
فوَلِيَ أبو بكر ، فقارَبَ واقْتَصَد ، فَصَحِبْتُه مُناصِحا ، وأطَعْتُه فِيما أطاعَ اللّه فيْه جاهِدا ، حَتَّى إذا احْتُضِرَ .
قلت في نَفسِي لَيْسَ يَعْدِل بهذا الأمر عَنِّي ، ولوْلا خاصَّةٌ بينَه وبينَ عمرَ ، وأمْرٌ كانا رَضِياه بينَهما ، لظَنَنْت أنَّه لا يَعْدِلُه عَنِّي ، وقد سمِع قوْلَ النَّبيِّ صلى الله عليه و آله لبُرَيْدَةَ الأسْلَميِّ ـ حين بَعَثَني ـ وخالدَ بن الوليد إلى اليَمَن ، وقال :
إذا افْتَرَقْتُما فكلُّ واحِدٍ منْكُما على حِيالِه ، وإذا اجْتمعْتُما فعَلِيٌّ عليْكم جميعا .
فَغَزَوْنا وأصَبْنا سَبْيا فيهم خَوْلَةُ بنتُ جعْفرٍ جارِ الصَّفا ، فأخَذْتُ الحَنَفِيَّة خَوْلَةَ ، واغْتَنَمَها خالِدٌ منِّي ، وبعَث بُرَيْدَة إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله مُحَرِّشَا عَلَيَّ ، فأخبرَه بما كان من أخْذِي خَوْلَةَ فقال :
يا بُرَيْدَة حَظُّهُ في الخُمْس أكْثَرُ ممَّا أخَذ ، إنَّه وَليُّكم بعدي .
سمعها أبو بكر وعمر ، وهذا بُرَيْدَة حَيٌّ لم يَمُتْ ، فهَل بعْد هذا مقالٌ لقائِلٍ .
فبايعَ عمرَ دُونَ المشْوَرَة ، فكانَ مَرْضِيَّ السِّيرة من النَّاس عندَهم ، حَتَّى إذا احْتَضَر ، قلت في نَفسِي لَيْسَ يعدِل بهذا الأَمْر عَنِّي للَّذي قَدْ رأى منِّي في المواطِن ، وسمِع من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فجعَلَني سادِسَ سِتَّة ، وأمَرَ صُهَيْبا ، أنْ يُصلِّي بالنَّاس ، ودَعا أبا طَلْحَةَ زَيْد بن سَعد الأنْصاريِّ ، فقال له :
كنْ في خمْسِينَ رجلاً من قوْمك فاقْتُل مَن أبى أنْ يَرضى من هؤلاء السِّتَّة .
فالعَجَبُ من اخْتلاق القَوْم ، إذ زَعَموا أنَّ أبا بكر اسْتَخْلَفَه النَّبيُّ صلى الله عليه و آله ، فلو كان هذا حقَّا لم يَخْفَ على الأنصار ، فبايَعَه النَّاسُ على شُورى ، ثُمَّ جعَلَها أبو بكر لعُمَرَ برأْيه خاصَّةً ، ثُمَّ جعَلَها عمَرُ برأيه شورى بين سِتَّةٍ ، فهذا العَجَبُ من اختلافهم .
والدَّلِيلُ على ما لا أُحِبُّ أنْ أذْكُرَه قولُه : هؤُلاء الرَّهطُ الَّذين قُبِض رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو عنْهم راضٍ .
فكيفَ يأْمُر بقتل قوْم رضي اللّه عنهم ورسوله ، إنَّ هذا لأمرٌ عجيبٌ ، ولم يكونوا لِولاية أحَدٍ منهم أكْرَه منْهم لولايَتي ، كانوا يسْمعون وأنَا أُحاجُّ أبا بكر وأقول :
يا معشر قرَيش أنَا أحقُّ بهذا الأمر منْكم ، ما كان منْكم مَن يقرأُ القرآنَ ، ويَعْرِف السُّنَّة ، ويَدِين بدِين اللّه الحقِّ ، وإنَّما حجَّتي أنِّي وليُّ هذا الأمر من دُونِ قرَيش ، إنَّ نَبِيَّ اللّه صلى الله عليه و آله قال :
الْوِلاءُ لمَن أعْتَقَ .
فجاء رسول اللّه صلى الله عليه و آله بعِتْق الرِّقاب من النَّار ، وأعْتَقَها من الرِّقِّ ، فكانَ للنَبِيِّ صلى الله عليه و آله وِلاءُ هذِه الأمَّة .
وكان لي بعدَه ما كان له ، فمَا جازَ لقرَيش من فَضْلها عليْها بالنَّبيِّ صلى الله عليه و آله جازَ لبَنِي هاشِمٍ على قرَيش ، وجازَ لي على بَنِي هاشِم بقول النَّبيِّ صلى الله عليه و آله يوْم غَدِير خُمٍّ :
مَن كنْتُ موْلاه فعَلِيٌ موْلاه .
إلاَّ أن تَدَّعِي قرَيش فضْلَها على العرَب بغَيْر النَّبيِّ صلى الله عليه و آله ، فإنْ شاؤوا فليَقُولوا ذلك .
فخَشِي القوْم إنْ أنا وُلِّيتُ علَيْهم أنْ آخُذَ بأنفاسهم ، وأعْترِضَ في حلُوقِهِم ، ولا يكون لهم في الأمْر نَصِيبٌ ، فأجْمَعوا عليَّ إجْماعَ رَجُل واحِدٍ منهم ، حتى صَرَفوا الوِلايةَ عَنِّي إلى عثمان ، رجاءَ أنْ ينالُوها ويَتَداوَلُوها فيما بينَهم ، فبيْناهم كذلِك إذ نادى منادٍ لا يُدرى مَن هو ، فأسْمَع أهلَ المديْنة ليْلَةَ بايَعوا عثمان ، فقال :
يا ناعِيَ الإسلامِ قُمْ فَانْعَهُقَدْ ماتَ عُرْفٌ وبَدا مُنْكَرُ
ما لَقرَيشٍ لا عَلى كَعْبُهامَن قَدَّموا الْيَوْمَ ومَن أخَّرُوا
إنَّ عليَّا هو أوْلى بِهِمِنْهُ فَوَلُّوه ولا تُنْكِروا
فدَعَونِي إلى بَيْعة عثمان ، فبايعتُ مُسْتَكْرَها وصَبَرْتُ مُحْتَسِبا ، وعَلَّمتُ أهلَ القُنُوط أنْ يقولوا :
اللَّهمَّ لك أخْلَصَتِ القلوبُ ، وإليك شَخَصَتِ الأبصارُ ، وأنت دُعِيتَ بالألْسُنِ ، وإليكَ تُحُوكِم في الأعمال ، فافْتَح بيْنَنا وبينَ قوْمِنا بالحقِّ .
اللَّهمَّ إنَّا نَشكو إليْك غيبة نبيِّنا وكَثْرَةَ عدوِّنا ، وقِلَّةَ عَدَدِنا ، وهَوانَنا على النَّاس ، وشِدَّة الزَّمان ، ووقُوعَ الفِتَن بِنا . اللَّهمَّ ففرِّج ذلِك بعدْلٍ تُظْهِرُه ، وسلطان حقٍّ تَعِرفُه .
فقال عبد الرَّحمن بن عَوْف : يا بن أبي طالب إنَّك على هذا الأمر لحريصٌ .
فقلت : لستُ علَيْه حريصا ، وإنَّما أطْلُبُ ميراثَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وحقَّه ، وأنَّ وِلاء أمَّته لي من بعده ، وأنتم أحْرَصُ عليْه منِّي إذْ تَحُولُون بيني وبينه ، وتَصرِفون وجْهي دونَه بالسَّيف .
اللَّهمَّ إنِّي أسْتَعدِيك على قرَيش ، فإنَّهم قطَعُوا رَحِمِي ، وأضاعُوا أيَّامِي ، ودَفَعوا حقِّي ، وصَغَّروا قدْرِي ، وعَظِيمَ مَنْزِلتي ، وأجْمَعُوا على مُنازَعَتي حقَّا كنْتُ أوْلى بهِ مِنهُم فاسْتَلَبُونِيه ، ثُمَّ قالوا : اصْبِر مَغْموما أو مُتْ متأسِّفا .
وأيْمُ اللّه ، لو استطاعوا أنْ يَدْفَعوا قرابَتي كمَا قَطَعوا سَبَبي فَعَلوا ، ولكِنَّهم لن يَجِدوا إلى ذلك سبيلاً .
وإنَّما حقِّي على هذه الأُمَّة كرجُلٍ له حقٌّ على قوْمٍ إلى أجَل معلوم ، فإنْ أحْسَنُوا وعَجَّلوا له حقَّه قَبِلَه حامِدا ، وإنْ أخَّرُوه إلى أجله أخَذَه غَيْرَ حامِدٍ ، ولَيْسَ يُعابُ المَرءُ بتأخير حقِّه ، إنَّما يُعابُ مَن أخَذَ ما لَيْسَ لَهُ ، وقد كان رسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله عَهِدَ إليَّ عهْدَا ، فقال :
يا بن أبي طالب ، لَكَ وِلاءُ أُمَّتِي ، فإنْ وَلَّوْك في عافِيَة وأجْمَعوا علَيْك بالرِّضا ، فقمْ بأمرهم ، وإن اخْتَلَفوا عليْك فدَعْهُم وما هم فيْه ، فإنَّ اللّه سَيَجْعَلُ لَكَ مخرَجا .
فنَظَرْتُ فإذا لَيْسَ لي رافِدٌ ، ولا معِي مساعِدٌ ، إلاَّ أهلَ بَيتي ، فَضَنَنْتُ بهم عن الهَلاك ، ولو كان لي بعدَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله عمِّي حمْزةُ وأخي جعفرُ لم أُبايِع كُرْها ، ولكنِّي بُلِيتُ برجلَيْن ـ حَدِيثَي عَهْدٍ بالإسلام ـ العبَّاس وعَقِيل ، فَضَنَنْتُ بأهل بيتي عن الهَلاك ، فأغْضَيْتُ عَيْني على القَذى ، وتَجَرَّعتُ ريقِي على الشَّجى ، وصَبَرْتُ على أمرِّ من العَلْقَم ، وآلَمَ للقلْب مِن حَزِّ الشِّفار .
وأمَّا أمْرُ عثمان فكأنَّه عِلْمٌ من القرون الأُولى « عِلْمُهَا عِندَ رَبِّى فِى كِتَبٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّى وَ لاَ يَنسَى »۹ ، خَذَلَه أهلُ بَدْرٍ . وقَتَلَه أهلُ مصر ، واللّه ، ما أمَرْتُ ولا نَهَيْتُ ، ولو أنَّنِي أمَرْتُ كنتُ قاتلاً ، ولوْ أنَّنِي نَهَيْتُ كنتُ ناصِرا ، وكان الأمرُ لا يَنْفَعُ فيْه العِيانُ ، ولا يَشْفي منْه الخبَرُ ، غَيْرَ أنَّ مَن نصَرَه لا يَسْتَطِيع أنْ يقول هو : خَذَلَه مَن أنَا خير منْه . ولا يَسْتَطِيع مَن خذَلَه أنْ يقول :
نَصَرَه مَن هو خَيْرٌ منِّي .
وأنَا جامِع أمْرَه : إسْتأْثَرَ فأَساءَ الأَثَرةَ ، وجَزِعْتُم فأسأتُم الجَزَع ، واللّه يَحْكُم بينَكم وبينَه .
واللّه ، ما يَلْزِمُنِي في دَم عُثْمان تُهْمَةٌ ، ما كنتُ إلاَّ رَجلاً مِنَ المُسلمينَ المُهاجِرينَ في بَيْتي ، فلمَّا قتَلْتُمُوهُ أتيْتُمُونِي تُبايِعونِي ، فأبَيْتُ عَليْكُم وأبَيْتُم علَيَّ ، فَقَبَضْتُ يَدِي فَبَسَطْتُموها ، وبَسَطْتُها فمَدَدْتُموها ، ثُمَّ تَداكَكْتُم عليَّ تَداكَّ الإبل الْهِيمِ على حِياضِها يوْمَ وُرُودِها ، حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّكم قاتِليَّ ، وأنَّ بعضَكُم قاتِلُ بَعْضٍ ، حَتَّى انْقَطَعت النَّعْلُ ، وسقَطَ الرِّداءُ ، ووُطِئ الضَّعيفُ ، وبَلَغ من سُرور النَّاس ببَيْعتِهم إيَّايَ أنْ حُمِلَ إليْها الصَّغيرُ ، وهَدَجَ إليْها الكَبيرُ ، وتَحامَلَ إليْها العلِيلُ ، وحَسَرَتْ لها الكَعابُ .
فقالوا : بايِعنا على ما بُويع عليْه أبو بكر وعمر ، فإنَّا لا نجِدُ غيْرَك ولا نَرْضى إلاَّ بك ، بايِعنا لا نَفْتَرِقُ ولا نَخْتَلفُ ، فبايَعْتُكم على كتاب اللّه وسنَّة نبيِّه صلى الله عليه و آله دَعَوْتُ الناس إلى بَيْعَتِي ، فمَن بايعَني طائِعا قبِلْتُ منْه ، ومَن أبى ترَكْتُه .
فكانَ أوَّل مَن بايعَني طَلْحَةُ والزُّبَيْر ، فقالا : نُبايعُكَ على أنَّا شُرَكاؤُك في الأمر . فقلت : لا ولكِنَّكما شُرَكائي في القوَّة وعَوْنايَ في العَجز ، فبايَعاني على هذا الأمر ، ولو أبَيا لمْ أُكْرِهْهُما كمَا لم أُكْرِه غيْرَهما .
وكان طَلْحَةُ يرجو اليَمَنَ ، والزُّبَيْر يَرجو العِراقَ ، فلمَّا عَلِما أنِّي غيْرُ موَلِّيهِما اسْتَأْذَنانِي للعُمْرَة ، يُريدان الغَدْرَ ، فأتَيَا عائِشةَ واسْتَخَفَّاها ـ معَ كلّ شَيْءٍ في نفْسِها علَيَّ ـ والنِّساءُ نواقِصُ الإيمان ، نواقِصُ العُقولِ ، نَواقِصُ الحُظُوظِ ، فأمَّا نُقْصانُ إيمانِهنَّ : فقُعُودُهنَّ عن الصَّلاة والصِّيام في أيَّام حَيْضِهنَّ ، وأمَّا نقصانُ عقولِهنَّ فلا شَهادةَ لَهنَّ إلاَّ في الدِّين ، وشَهادَةُ امرأتَيْن بِرَجُلٍ ، وأمَّا نقصانُ حظُوظِهِنَّ
فمَوارِيثُهنَّ على الأنْصاف مِن موارِيثِ الرِّجالِ .
وقَادَهُما عَبدُ اللّه بنُ عامِر إلى البَصْرَةِ ، وضَمِنَ لهُما الأَموالَ والرِّجالَ ، فبَيْنا هُما يَقُودانِها إذْ هي تَقُودُهما ، فاتَّخذاها فِئَةً يقاتِلان دونَها ، فأيُّ خَطِيئَةٍ أعْظَمُ ممَّا أتَيا ، أخرَجا زوْجَةَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله من بيْتها ، فَكَشَفا عنها حِجابا ستَرَهُ اللّه عليْها ، وَصانا حَلائِلَهما في بُيُوتِهِما ، ولا أنْصفا اللّه َ ولا رسُولَهُ من أنفُسِهما ، بثلاث خِصالٍ مرْجِعُها علَى النَّاس ( في كتاب اللّه : البَغْيُ والمكرُ والنَّكْث ) ، قال اللّه تعالى : « يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم »۱۰ ، وقال : « فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ »۱۱ ، وقال : « وَ لاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ »۱۲ ، فَقَدْ بَغَيا علَيَّ ، ونَكَثا بيْعتِي ، ومَكَرا بِي ، فمُنِيت بأطْوَعِ النَّاسِ في النَّاسِ عائشةَ بنْتِ أبي بكْرٍ ، وبأشْجَع النَّاس الزُّبَيْر ، وبأخْصَم النَّاس طَلْحَة بن عُبيْد اللّه ، وأعانَهم علَيَّ يَعْلَى بنُ مُنْيَة بأصْوُعِ الدَّنانير ، واللّه ، لئن استقامَ أمْري لأجْعَلَنَّ مالَه فيْئا للمسلمين .
ثُمَّ أتوْا البصرةَ ، وأهلُها مجْتَمِعون على بيْعَتي وطاعَتِي ، وبها شِيْعَتي : خُزَّانُ بيْتِ مالِ اللّه ِ ومالِ المُسلمينَ ، فدَعَوا النَّاسَ إلى معْصِيَتي ، وإلى نقْض بيْعتي وطاعتي ، فمَن أطاعَهُم أكْفَرُوهُ ، ومَن عصاهُم قتلُوهُ ؛ فناجَزَهم حَكِيمُ بنُ جَبَلَة ، فقَتَلُوهُ في سَبْعِينَ رَجُلاً من عُبَّادِ أهْلِ البَصْرَةِ ، ومُخْبِتِيهم ، يُسَمُّون المُثَفَّنِين ، كأنَّ راحَ أكُفِّهم ثَفِناتُ الإبل .
وأبى أنْ يُبايعَهم يزيدُ بنُ الحارث اليَشْكرِيُّ ، فقال : اتَّقِيا اللّه ، إنَّ أوَّلَكُم قادَنا إلى الْجَنَّة فلا يَقودُنا آخِرُكُم إلى النَّار ، فلا تُكلِّفُونا أنْ نُصدِّقَ المُدَّعِي ونَقْضي على
الغائِبِ ، أمَّا يَميني فشَغَلها عليُّ بنُ أبي طالب بَبْيعَتي إيَّاه ، وهذِه شِمالي فارِغَةٌ فخُذاها إنْ شئْتُما . فخُنِق حَتَّى ماتَ رَحِمَهُ اللّه .
وقام عبدُ اللّه ِ بنُ حَكِيم التَّميميّ فقال : يا طَلْحَةُ ، هل تعرِف هذا الكتاب ؟
قال : نَعَم هذا كتابي إليك .
قال : هل تَدْرِي ما فيْه ؟
قال : اقْرَأْه عليَّ .
( فقرَأَه ) فإذا فيْه عَيْبُ عثمان ، ودُعاؤُه إلى قَتْلِهِ ، فسَيَّرُوهُ مِنَ البصرة ، وأخَذوا عاملي عثمان بن حُنَيْف الأنْصاريّ غَدْرا ، فمَثَّلُوا به كُلَّ المُثْلَة ، ونَتَفُوا كلَّ شَعْرة في رأسه ووجهه .
وقتَلوا شِيعَتي طائفةً صبْرا ، وطائفة غَدْرا ، وطائفَةً عَضُّوا بأسْيافهم حَتَّى لَقُوا اللّه ، فواللّه ، لو لمْ يَقْتُلوا منهم إلاَّ رجلاً واحِدا لَحَلَّ لي به دِماؤُهم ، ودِماءُ ذلك الجَيْش ، لرضاهم بقتل مَن قُتِلَ ، مع أنَّهم قَدْ قَتَلُوا أكثرَ من العِدَّة الَّتي قَدْ دخَلُوا بها علَيْهم ، وقد أدالَ اللّه منهم فَبُعْدا للقَوْم الظَّالمين :
فأمَّا طَلْحَة فرَماهُ مروانُ بسَهم فقَتَلَهُ وأمَّا الزُّبَيْر فذَكَّرْتُه قوْل رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله : إنَّك تُقاتِل عليَّا وأنتَ ظالمٌ لَهُ .
وأمَّا عائِشَةُ فإنَّها كانت نَهاها رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن مسيرها ، فعَضَّت يدَيْها نادِمةً على ما كانَ منها .
وقد كان طَلْحَةُ لمَّا نزَل ذا قارٍ قام خَطِيبا ، فقال : أيُّها النَّاس إنَّا أخطَأْنا في عثمان خطيِئَةً ما يُخرِجنا منها إلاَّ الطَّلبُ بدَمِهِ ، وعليٌّ قاتِلُه وعليْه دَمُهُ ، وقد نَزَلَ دارا مع شُكَّاك اليَمَن ، ونَصارى رَبِيعة ، ومنافِقِي مُضر .
فلمَّا بلَغَني قولُه وقولٌ كان عن الزُّبَيْر قبِيحٌ ، بعثت إليهما أُناشِدهُما بحقِّ محمَّد وآله : أما أتيْتُمانِي وأهلُ مصر مُحاصِرو عثمانَ فقُلْتُما : إذهَب بِنا إلى هذا الرَّجل فإنَّا لا نسْتَطِيع قتْلَه إلاَّ بك . لِما تعْلَم أنَّه سَيَّرَ أبا ذرٍّ رحِمَه اللّه ، وفَتَق عَمَّارا ، وآوَى الحَكَمَ بنَ أبي العاص ـ وقد طَرَدَهُ رسُولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله وأبو بكرٍ وعُمَر ـ واسْتَعمل الفاسِقَ على كتاب اللّه الوليدَ بن عُقْبَةَ ، وسَلَّط خالدَ بن عُرْفطَةَ العَذرِيّ على كتاب اللّه يُمَزِّقُه ويُحْرِقُه ؟
فقلت : كُلَّ هذا قَدْ علِمْتُ ولا أرى قتْلَه يومي هذا ، وأوشَكَ سِقاؤُه أنْ يُخرِجَ المَخْضُ زُبْدَتَه فأقَرَّا بما قلْتُ .
وأمَّا قولُكُما ، إنَّكما تَطلُبانِ بدَمِ عُثمانَ ، فهذان ابناهُ عمرو وسَعِيدٌ فخَلُّوا عنهُما يَطلُبانِ دَمَ أبيهِما ، متى كان أسَدٌ وتَيْمٌ أولياءَ بَنِي أُميَّةَ ، فانْقَطَعا عِنْدَ ذلِكَ .
فقامَ عِمْرَان بن حُصَيْن الخُزاعِيُّ صاحبُ رسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وقال : يا هذان لا تُخرِجانا ببيعتِكُما من طاعَةِ عليٍّ ، ولا تَحْمِلانا على نقْضِ بيْعَتِهِ ، فَإنَّها للّه ِ رِضىً ، أمَا وسِعَتْكُما بيُوتُكما حَتَّى أتيْتُما بأُمِّ المؤمنين ، فالعَجَبُ لاختلافها إيَّاكما ، ومَسِيرِها معَكما ، فكُفَّا عنَّا أنفسَكما وارْجِعا من حَيْثُ جِئتُما ، فلَسْنا عبِيدَ مَن غَلَب ، ولا أوَّلَ مَن سَبَق ؛ فَهَمّا به ثُمَّ كَفَّا عَنْهُ .
وكانت عائِشَةُ قَدْ شَكَّتْ في مَسيرِها ، وتعاظَمَتِ القِتال ، فَدَعتْ كاتبَها عُبَيْدَ اللّه ِ بنَ كَعْبٍ النُّمَيْريّ فقالت : اكتُب من عايشة بنْت أبي بكْر إلى عليِّ بن أبي طالب .
فقال : هذا أمْرٌ لا يجري به القَلَمُ .
قالت : ولِمَ ؟
قال : لأنَّ عليَّ بن أبي طالب في الإسلام أوَّلٌ ، وله بذلك البَدْء في الكتاب .
فقالت : اكتب إلى عليّ بن أبي طالب من عايشة بنت أبي بكر ، أمَّا بعدُ .
فإنِّي لسْتُ أجهَلُ قَرابَتَك من رسول اللّه ، ولا قدَمَك في الإسلام ، ولا غَناءَك من رسول اللّه ، وإنَّما خرَجْتُ مُصْلِحةً بين بَنِيَّ ، لا أُريدُ حرْبَكَ إن كفَفْتَ عَن هذينِ الرَّجُلَينِ . في كلامٍ لها كثيرٍ ، فلَمْ أُجِبْها بِحَرْفٍ ، وأخَّرْتُ جوابَها لقتالِها .
فلَمَّا قضَى اللّه لِي الحُسْنى سِرْتُ إلى الكُوفَة ، واسْتَخْلَفْتُ عبد اللّه بن عبَّاس على البصرة ؛ فقَدِمْتُ الكوفةَ وقد اتَّسَقَتْ لي الوُجُوه كلُّها إلاَّ الشَّام ، فأحْبَبْتُ أنْ أتَّخذَ الحُجَّةَ وأقْضِي العُذْرَ ، أخَذْتُ بقول اللّه تعالى : « وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَآءٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخَآئِنِينَ »۱۳ .
فبَعَثْتُ جَرِيْر بن عبد اللّه إلى معاويَة مُعْذِرا إليْه ، متَّخذا للحجَّة علَيْه ، فرَدَّ كتابِي وجَحَدَ حقِّي ودَفَعَ بَيْعَتِي ، وبَعَثَ إليَّ أَنِ ابْعَثْ إليَّ قَتَلَةَ عُثمانَ ، فبعثْتُ إليه : ما أنْت وقتلَةَ عثمان ، أوْلادُهُ أوْلى بِهِ ، فادْخُل أنْتَ وهُمْ في طاعَتِي ، ثُمَّ خاصِمُوا القوْمَ لأحْمِلَكُم وإيَّاهُم على كتابِ اللّه ِ ، وإلاَّ فَهذِهِ خُدْعَةُ الصَّبِيِّ عن رِضاع المَلِيِّ ، فلمَّا يَئِس من هذا الأمر ، بعَثَ إليَّ : أَنِ اجعَلْ الشَّام لي حياتَكَ ، فإنْ حدَثَ بِكَ حادِثٌ من الموْت لم يكن لأحَدٍ عليَّ طاعَةٌ ، وإنَّما أرادَ بِذلِكَ أنْ يخْلعَ طاعَتِي من عُنُقِهِ ، فأبيْتُ علَيْه .
فبعَثَ إليَّ : أنَّ أهلَ الحِجازِ كانوا الحُكَّامَ على أهْلِ الشَّامِ ، فلمَّا قتلوا عثمان صار أهلُ الشَّام الحُكَّام على أهْلِ الحِجازِ . فبعثْتُ إليْه : إنْ كنتَ صادِقا فَسَمِّ لِي رَجُلاً من قُرَيْش الشَّام تحلُّ له الخِلافَةُ ، ويُقْبَل في الشُّورى ، فإنْ لم تجِدْه سمَّيْتُ لَكَ من قريش الحِجاز مَن يَحِلُّ له الخِلافَة ويُقْبَل في الشُّورى .
ونظَرْتُ إلى أهل الشَّام ، فإذا هُم بَقِيَّةُ الأحزابِ فَراشُ نارٍ ، وذِئابُ طَمَعٍ تجمَّع
من كلّ أوْبٍ ۱۴ ، ممَّن ينبغي أنْ يؤَدَّب ويُحمَل على السُّنَّة ، ليْسوا من المهاجِرين ولا الأنصار ، ولا التَّابعين بإحْسان ، فدَعَوْتُهم إلى الطَّاعَة والجَماعَة فأبوْا إلاَّ فِراقِي وشِقاقي ، ثُمَّ نَهَضُوا في وجْه المسلمِينَ ، يَنْضَحونَهم بالَّنبل ، ويشْجرونَهم بالرِّماح ، فعند ذلِك نهضْتُ إليهم ، فلمَّا عَضَّتْهُمُ السِّلاح ، ووَجَدوا ألَمَ الجِراح ، رفَعُوا المصاحِفَ فدَعَوْكم إلى ما فيها ، فانْبَأتُكُم أنَّهم لَيْسوا بأهْل دِينٍ ولا قُرْآنٍ ، وإنَّما رَفَعُوها مكيدَةً وخَدِيعَةً فامْضُوا لقِتالِهِم ، فقُلْتُم إقْبَل منهم ، واكْفُفْ عنهم ، فإنَّهم إنْ أجابوا إلى ما في القرآن ، جامَعُونا على ما نحْنُ علَيْهِ من الحقِّ ، فَقَبِلْتُ منهم وكَفَفْت عنهم ، فكانَ الصُّلح بينَكم وبينَهُم على رَجُلَينِ حَكَمَيْنِ ، لِيُحْيِيا ما أحْياه القرآن ، ويُمِيتا ما أماتَهُ القُرآنُ ، فاخْتَلَف رأيُهما ، واخْتَلَف حكْمُهما ، فنَبَذا ما في الكتاب ، وخالَفا ما في القرآن ، وكانا أهلَهُ .
ثُمَّ إنَّ طائفةً اعْتَزَلتْ فتَرَكْناهم ما تَرَكونا ، حَتَّى إذا عاثُوا في الأرض يفسدون ويَقْتُلون ، وكان فيمَن قتلُوه أهلُ مِيَرَةٍ من بَنِي أسد ، وخَبَّابا وابْنَه وأُمَّ ولدِه ، والحارِثَ بن مُرَّة العبْدي ، فبَعَثْتُ إليْهم ، داعِيا فقلتُ : ادْفَعوا إليْنا قتَلَةَ إخوانِنا .
فقالوا : كلُّنا قَتَلَتهم ، ثُمَّ شَدَّتْ علَيْنا خيْلُهم ورِجالُهم فصَرَعَهُم اللّه ُ مَصارِعَ الظَّالمين ، فلمَّا كان ذلِك من شأْنِهم أمرْتُكُم أنْ تَمْضوا مِن فَوْرِكُم ذلِكَ إلى عَدُوِّكُم فقلتُم : كَلَّتْ سيُوفُنا ، ونَصَلَت أسِنَّةُ رِماحِنا ، وعادَ أكثَرُها قَصيدا ، فَأْذَن لَنا فلْنَرْجِع ولْنَسْتَعدَّ بأحْسَنِ عُدَّتِنا ، وإذا نحنُ رَجَعْنا زِدْنا في مقاتِلتِنا عِدَّةَ مَن قُتِل منَّا ، حَتَّى إذا أظْلَلْتم علَى النُّخيْلَة ، أمرْتُكم أنْ تَلْزِموا مُعَسْكَرَكم ، وأنْ تَضمُّوا إليْه نواصِيَكُم ، وأن تُوَطِّنوا على الجهادِ نفُوسَكم ، ولا تُكْثِروا زيارَةَ أبنائِكم ونِسائكم ، فإنَّ أصحاب الحَرب مُصابِرُوها ، وأهلُ التَّشْمِير فيها ، والَّذِين لا يتَوَجَّدون من سَهَرِ ليْلِهم ولا ظمأ نَهارِهِم ، ولا فِقْدان أوْلادِهِم ، ولا نِسائِهِم .
فأقامَتْ طائِفَةٌ مِنكُم مُعَدَّةً ، وطائِفَةٌ دَخَلَت المِصرَ عاصِيةً ، فلا مَن دخَلَ المِصْرَ عادَ إليَّ ، ولا مَن أقامَ مِنكُم ثَبَتَ مَعِي ولا صَبَرَ ، فلقَد رأيتني وما في عَسْكَري منكم خَمْسون رَجُلاً ، فلَمَّا رأيْتُ ما أنتُم علَيْه ، دخَلْتُ عليْكُم ، فما قُدِّر لكم أنْ تخرُجُوا معِي إلى يومِكُم هذا .
للّه ِ أبُوكم أ لا تَرَوْن إلى مِصرَ قَد افتُتِحتْ ، وإلى أطرافِكُم قَد انْتُقِصَتْ ، وإلى مصالِحِكم تُرقى وإلى بِلادكم تُغْزى وأنْتم ذَوُو عَدَدٍ جَمٍّ ، وشَوْكةٍ شديدةٍ ، وأولُوا بأسٍ قَدْ كان مَخوفا ، للّه أنتم أيْنَ تَذْهَبون ، وأنَّى تُؤفَكون .
ألا وإنَّ القوْم قَدْ جَدُّوا وتآسَوْا وتَناصَروا وتَناصَحوا ، وإنَّكم قَدْ أبَيْتُم ووَنَيْتُم وتَخاذَلْتُم وتَغاشَشْتُم ، ما أنتم إنْ بقِيتُم على ذلِك سُعَداءُ ، فنَبِّهوا رحِمَكم اللّه نائِمَكم ، وتجَرَّدوا وتَحَرَّوا لحَرْب عدوِّكم ، فَقَدْ أبدَت الرَّغْوَة عن الصَّريح ، وأضاءَ الصُّبح لِذِي عَيْنَين ، فانْتَبِهوا ، إنَّما تُقاتِلون الطُّلَقاء وأبناءَ الطُّلقاء ، وأهلَ الجَفاءِ ، ومَن أسْلَمَ كُرْها ، وكان لرسول اللّه أنْفا ، وللإسلام كلِّه حرْبا ، أعداءَ السُّنَّة والقرآن ، وأهلَ البِدَعِ والأحداثِ ، ومَن كانَت نِكايَتُهُ تُتَّقى ، وكان على الإسلامِ وأهلِهِ مَخُوفا ، وآكِلَةَ الرُّشا ، وعَبِيدَ الدُّنيا ، ولَقد أُنْهِي إليَّ أنَّ ابنَ النَّابِغَةِ لم يُبايِع مُعاوية حَتَّى شَرَط له أنْ يؤتِيه أتيَّة هي أعْظَم ممَّا في يدَيْهِ من سُلطانِهِ ، فصَفِرَتْ يَدُ هذا البائعِ دينَهُ بالدُّنيا ، وخزِيَتْ أمانَةُ هذا المشْتَري بنُصْرَة فاسِقٍ غادِرٍ بأموال المسلمين ، وأيُّ سَهْمٍ لهذا المشْتَري بنُصْرةِ فاسِقٍ غادِرٍ ، وقد شَرِب الخَمْرَ ، وضُرِب حَدَّا في الإسلام ، وكلُّكم يعْرِفه بالفَسادِ في الدِّين ، وإنَّ منْهم مَن لم يدخل في الإسلام وأهله حَتَّى رضِخَ له وعليْه رَضِيخَةٌ .
فهؤُلاء قادَةُ القوْمِ ، ومَن تَرَكْتُ لَكُم ذِكْرَ مَساويهِ أكثَرُ وأبْوَرُ ، وأنْتُم تعرِفُونَهم
بأعيانِهِم وأسْمائِهِم ، كانوا علَى الإسلام ضِدّا ، ولِنَبيِّ اللّه صلى الله عليه و آله حَرْبا ، وللشيْطان حِزْبا ، لم يقْدُم إيمانُهم ولَم يَحْدُث نِفاقُهم ، وهؤلاء الَّذِين لو وُلُّوا عليْكم لأظْهَروا فيْكم الفْخْر والتَّكبُّر والتَّسلُّط بالجَبْريَّة والفَساد في الأرض .
وأنتم على ما كان منْكم مِن تَواكُلٍ وتَخاذُلٍ خَيْرٌ منهم وأهْدى سبيلاً ، منْكم الفُقهاءُ والعُلماءُ والفهماءُ وحَمَلَةُ الكتابِ والمتَهَجِّدونَ بالأسحْارِ ، أ لا تَسْخَطون وتَنْقِمون أنْ يُنازِعَكُم الوِلايَةَ السُّفهاءُ البُطاةُ عنِ الإسلامِ الجُفاةُ فيْهِ ، اسمعوا قولي ـ يَهْدِكُم اللّه ـ إذا قلتُ ، وأطِيعوا أمْري إذا أمرتُ ، فواللّه لئِن أطَعْتُمونِي لا تَغْوَون ، وإن عَصَيْتُمُونِي لا تَرْشُدون ، قال اللّه تعالى :
« أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ »۱۵ ، وقال اللّه تعالى لنبيِّه صلى الله عليه و آله : « إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ »۱۶ ، فالهادي بَعْدَ النَّبيّ صلى الله عليه و آله هادٍ لأُمَّته على ما كان من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فمَن عسَى أنْ يكون الهادي إلاَّ الَّذِي دَعاكم إلى الحقِّ ، وقادَكم إلى الهُدى ، خُذُوا للحَرب أُهْبَتَها ، وأعِدُّوا لها عُدّتَها ، فَقَدْ شُبَّت واُوقِدَتْ ، وتجَرَّد لكم الفاسقون ، لكَيْما يُطْفِئوا نُورَ اللّه ِ بأفواهِهِم ويَغرُّوا عبادَ اللّه ِ .
ألا إنَّه ليس أولياءُ الشَّيْطان من أهل الطَّمَع والجَفاءِ أوْلى بالحقِّ من أهل البِرِّ والإحسان ، في طاعَة ربِّهم ومُناصَحَة إمامِهم ، إنِّي واللّه ِ لو لَقِيتُهم وَحْدي وهُم أهْلُ الأرضِ ما استَوْحَشْتُ مِنهُم ولا بالَيْتُ ، ولكِنْ أسَفٌ يُرِيبُنِي ، وجَزَعٌ يَعْتَريني من أنْ يَلِي هذه الأُمَّةَ فُجَّارُها وسُفهاؤُها ، فيتَّخِذون مال اللّه دُوَلاً ، وكتاب اللّه دَخَلاً ، والفاسقينَ حِزْبا ، والصَّالحين حرْبا ، وأيْمُ اللّه ِ لوْلا ذلِكَ ما أكْثَرتُ تأْنِيبَكُم
وتَحْريضَكُم ، ولَتَرَكْتُكم إذْ أبَيْتُم حَتَّى حُمَّ لي لِقاؤهم .
فواللّه إنِّي لعَلَى الحقِّ ، وإنِّي للشَّهادَة لَمُحِبٌّ ، وإنِّي إلى لِقاءِ اللّه ِ ـ ربِّي ـ لَمُشْتاقٌ ، ولِحُسنِ ثَوابِهِ لَمُنْتَظِرٌ ، إنِّي نافِرٌ بِكُم فـ « انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَهِدُواْ بِأَمْوَ لِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ »۱۷ ، ولا تَثاقَلُوا في الأرض فتَعُمُّوا بالذُّلِّ ، وتَقِرُّوا بالخَسْف ، ويكونَ نَصِيبُكُم الأخْسَرَ ، إنَّ أخا الحرْبِ اليَقْظانُ الأرِقُ إنْ نامَ لمْ تَنَمْ عَيْنُهُ ، ومَن ضَعُفَ أُوذِيَ ، ومَن كَرِهَ الجِهادَ في سبيلِ اللّه ِ كانَ المَغْبُونَ المَهِينَ .
إنِّي لَكُم اليَوْمَ على ما كنْتُ عليْهِ أمْسِ ، ولَسْتم لِي علَى ما كُنْتُم عَلَيْهِ ، مَن تكونوا ناصِريهِ أخَذَ بالسَّهْم الأخْيبِ ، واللّه ِ لَو نَصَرْتُم اللّه َ لنَصَرَكُم وثَبَّتَ أقدامَكُم ، إنَّه حقٌّ علَى اللّه ِ أنْ ينْصُرَ مَن نَصَرَهُ ، ويَخْذُلَ مَن خَذَلَهُ ، أتَرَوْنَ الغَلَبَةَ لِمَنْ صبَرَ بغَيْرِ نَصْرٍ ، وقَد يَكُونُ الصَّبْرُ جُبْنا ويكونُ حَمِيَّةً ، وإنَّما النَّصرُ بالصَّبْرِ ، والوُرودُ بالصُّدورِ ، والبَرْقُ بالمَطَر .
اللَّهمَّ اجْمَعْنا وإيَّاهُم على الهُدى ، وزَهِّدْنا وإيَّاهُم في الدُّنيا ، واجعَلِ الآخِرَةَ خيْرا لَنا مِنَ الاُولى » . ۱۸

1.الصافّات :۸۳ .

2.العِلْهِز: وَبَرٌ يُخلط بدماء الحَلَم [ وهو العُراد الصِّغار ] كانت العرب في الجاهليّة تأكلُهُ في الجدب ( لسان العرب : ج ۵ ص ۳۸۱ «علهز» ) .

3.الهبيد: الحنظل، وقيل: حبّهُ، واحدتُهُ: هبيدَة . ( لسان العرب : ج ۳ ص ۴۳۱ «هبد» ) .

4.الأنفال :۲۶ .

5.النور :۵۵ .

6.القصص: ۵۷ .

7.القصص :۵۷ .

8.آل عمران :۱۰۳ .

9.طه :۵۲ .

10.يونس :۲۳ .

11.الفتح :۱۰ .

12.فاطر :۴۳ .

13.الأنفال :۵۸ .

14.من كُلِّ أوبٍ أي: من كلِّ طريقٍ ووجْهٍ وناحية . ( لسان العرب: ج ۱ ص ۲۲۰ «أوب» ).

15.يونس :۳۵ .

16.الرعد :۷ .

17.التوبة :۴۱ .

18.كشف المحجَّة : ص۲۳۵ ـ ۲۶۹ وراجع : بحار الأنوار : ج۳۰ ص۷ ـ ۳۷ وج۸ ص۶۱۵ ؛ الإمامة والسياسة : ص۱۵۴ ، أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۷۲ ، المسترشد : ص۴۰۹ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95311
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي