91
مكاتيب الأئمّة ج2

حَكِيْمُ بنُ جَبَلَةَ

حَكِيم بن جَبَلَة بن حُصَيْن العبدي ، ويقال ابن جَبَل . من أصحاب عليّ عليه السلام ۱ ، ومن الثَّابتين على طاعته ، والعارفين بحقّه في الخلافة . أثنى عليه
أصحاب التَّراجم بعبارات متنوّعة ، منها : كان مُطاعا في قومه ۲ ، ومنها : أحد أشراف الأبطال ۳ ، ومنها : وما سُمع بأشجع منه ۴ . تولّى قيادة البصريّين في الثَّورة على عثمان ۵ .
وعندما نقض مساعير فتنة الجمل طَلْحَة والزُّبَيْر ، ومن معهما الهدنة مع عثمان بن حنيف ، وحملوا على النَّاس ، وهمّوا باحتلال البصرة ، قاتلهم حَكِيْم وأصحابه بشجاعة وبصيرة . وارتفعت كلمته الرَّائعة عند القتال :إنّي لستُ في شكٍّ من قتال هؤلاء . . . ۶ فكانت آية ودليلاً على معرفته الدَّقيقة واعتقاده العميق بالحقّ . وقد رزقه اللّه الشَّهادة في ذلك القتال ۷ .
وذكر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنّ مقتل حَكِيْم كان أحد الأسباب الَّتي دفعته إلى مقاتلة أصحاب الجمل ، ومواجهة فتنتهم وفسادهم ۸ .
في تاريخ الطبريّ عن الجارُود بن أبي سَبْرَة : لمّا كانت اللَّيلة الَّتي اُخذ فيها عثمان بن حُنَيْف ، وفي رحبة مدينة الرِّزق طعام يرتزقه النَّاس ، فأراد عبد اللّه أن يرزقه أصحابه ، وبلغ حَكِيْمَ بنَ جَبَلَة ما صُنع بعثمان ، فقال : لست أخاف اللّه إن لم أنصره . فجاء في جماعة من عبد القيس ، وبكر بن وائل ، وأكثرهم عبد القيس ، فأتى ابن الزُّبَيْر مدينة الرِّزق ، فقال : ما لك يا حَكِيْم ؟ قال : نريد أن نرتزق من هذا الطَّعام ، وأن تخلّوا عثمان فيُقيم في دار الإمارة على ما كتبتم بينكم حتَّى يقدم عليّ ، واللّه لو أجد أعوانا عليكم أخبطكم بهم ما رضيت بهذه منكم ، حتَّى أقتلكم بمن قتلتم ، ولقد أصبحتم ، وإنّ دماءكم لنا لحلال بمن قتلتم من إخواننا ، أما تخافون اللّه عز و جل ! بمَ تستحلّون سفك الدِّماء ؟ قال : بدم عثمان بن عفّان . قال : فالَّذين قتلتموهم قتلوا عثمان ؟ أما تخافون مقت اللّه ؟
فقال له عبد اللّه بن الزُّبَيْر : لا نرزقكم من هذا الطَّعام ، ولا نُخلّي سبيل عثمان بن حنيف حتَّى يخلع عليّا ، قال حَكِيْم : اللَّهمَّ إنَّك حكم عدل فاشهد . وقال لأصحابه : إنّي لست في شكٍّ من قتال هؤلاء ؛ فمن كان في شكّ فلينصرف . وقاتلَهم فاقتتلوا قتالاً شديدا ، وضرب رجلٌ ساقَ حَكِيْم ، فأخذ حَكِيْم ساقه فرماه بها ، فأصاب عنقه فصرعه ووقذه ۹ ثمّ حبا إليه فقتله واتّكأ عليه ، فمرّ به رجل فقال : مَن قتلَك ؟ قال : وِسادتي ! وقُتل سبعون رجلاً من عبد القيس . قال الهذلي : قال حَكِيْم حين قطعت رجله :
أقولُ لما جَدَّ بي زِماعِي۱۰للرِّجْلِ يا رِجْلِيَ لَنْ تُراعِي
إنّ مَعِي مِنْ نَجْدَةٍ ذِراعِي
قال عامِر ومَسْلَمَة : قُتل مع حَكِيم ، ابنه الأشرف ، وأخوه الرعل بن جَبَلَة ۱۱ .
في سِيَرِ أعلامِ النُّبلاء : لم يزل يُقاتل يوم الجمل حتَّى قُطعت رِجلُهُ ، فأخذها وضرب بها الَّذي قطعها فقتله بها ، وبقي يُقاتل على رجلٍ واحدة ، ويرتجز ، ويقول :
يا ساقُ لَنْ تُراعِيإنَّ مَعِي ذِراعِي
أَحْمِي بها كُراعِي ۱۲
فنزف منه دم كثير ، فجلس متّكئا على المقتول الَّذي قطع ساقه ، فمرّ به فارس ، فقال : من قطع رجلك ؟
قال : وِسادتي ! فما سُمِعَ بأشجع منه . ثمّ شدّ عليه سُحَيْم الحُدَّانيّ فقتله ۱۳ .
قال الإمام عليّ عليه السلام ـ من كلامه حين دخل البصرة ـ : عبادَ اللّه ِ ! انهَدُوا ۱۴ إلى هؤلاءِ القَوْمِ مُنْشَرِحَةً صُدورُكُم بِقتالِهِم ؛ فإنَّهُم نَكَثُوا بَيْعَتِي ، وأَخْرجُوا ابنَ حُنَيْفٍ عامِلي ، بعد الضَّرْبِ المُبَرِّحِ والعُقوبَةِ الشَّدِيدَةِ ، وقتلوا السِّيابجة ۱۵ ، وقتلوا حَكِيْمَ بن جَبَلَة العَبْدِي .

1.رجال الطوسي : ص۶۱ الرقم۵۳۰ .

2.الاستيعاب : ج ۱ ص۴۲۱ الرقم۵۵۸ ، اُسد الغابة : ج۲ ص۵۷ الرقم۱۲۳۳ .

3.سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۵۳۱ الرقم۱۳۶ .

4.سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۵۳۲ الرقم۱۳۶ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۴۹۵ ، اُسد الغابة : ج۲ ص۵۸ الرقم۱۲۳۳ وفيهما « ما رُئي أشجع منه » ، أنساب الأشراف : ج۵ ص۱۳۰ وفيه « أشجع أهل زمانه » .

5.تاريخ الطبري : ج۴ ص۳۷۸ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۴۹۵ وفيه « إنّه أحد من سار إلى الفتنة » ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۵۳۱ الرقم۱۳۶ وفيه « كان أحد من ثار في فتنة عثمان » ، مروج الذهب : ج۲ ص۳۵۲ .

6.. راجع: تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۷۵ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۲۰ ، الاستيعاب : ج ۱ ص۴۲۳ الرقم۵۵۸ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۵۳۱ الرقم۱۳۶ نحوه .

7.. راجع: تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۶۶ ـ ۴۷۱ ، الاستيعاب : ج ۱ ص۴۲۱ الرقم۵۵۸ ، اُسد الغابة :ج۲ ص۵۷ الرقم۱۲۳۳ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۵۳۲ الرقم۱۳۶ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۹ ص۳۲۲ .

8.الإرشاد : ج۱ ص۲۵۲ ، الجمل : ص۳۳۴ ؛ تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۸۱ .

9.وقذه : ضربه حتَّى استرخى وأشرف على الموت ( لسان العرب : ج۳ ص ۵۱۹ ) .

10.الزِّماع : المَضاء في الأمر والعزْم عليه ( لسان العرب : ج۸ ص ۱۴۳ ) .

11.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۷۴ وراجع الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۲۰ والاستيعاب : ج۱ ص۴ .

12.الكُراع من الإنسان : مادون الركبة إلى الكعب ( لسان العرب : ج۸ ص ۳۰۶ ) .

13.سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۵۳۱ الرقم۱۳۶ ، تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۷۱ ، اُسد الغابة :ج۲ ص۵۷ الرقم۱۲۳۳ كلاهما نحوه وراجع الاستيعاب : ج ۱ ص۴۲۱ الرقم۵۵۸ .

14.نهد القوم لعدوّهم : إذا صمدوا له وشرعوا في قتاله ( النهاية : ج۵ ص۱۳۴ ) .

15.قوم من السند كانوا بالبصرة جلاوزة وحُرّاس السجن ( الصحاح : ج۱ ص ۳۲۱ ) .


مكاتيب الأئمّة ج2
90
  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 74701
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي