وهذا موقفٌ مهزوز، مردودٌ بالاجماع المركّب، فإنّ أساس القبول والردّ إنّما هو صحّة نسبة الكتاب، وصحّة منهج الكاتب، ولا يمكن التفريق في ذلك بين التضعيف والتوثيق.
منهج ابن الغضائريّ
بالرغم من اشتهار عمل ابن الغضائريّ في كتابه، بأنّه يذكر الضعفاء ويلتزم جرح الرواة، فإنّه:
أوّلاً : قد وَثّق مجموعةً من الرواة في كتابه، ونُقل عنه التوثيق خارج الكتاب أيضا.
ثانيا : نقل عنه الانفراد بتوثيق عدّةٍ من الرواة، دون جميع علماء الرجال.
ثالثا : إنّه يُناقش بعض التضعيفات المنقولة عن السابقين، كالقمّيين المتشدّدين في أمر الرواة.
رابعا : إنّ كتابه يخلو من ذكر بعض الضعفاء الّذين صرّح الرجاليون بضعفهم.
خامسا : إنّه يستند إلى «عدم الطعن» لقبول بعض الرواة.
ومن التدقيق في هذه الجهات، يحصل الاطمئنان، بالخطأ في ما اشتهر عنه من كونه مختصّا بالتضعيف، وأنّه ديدنه، أو متسرٍّ إليه، أو لا يسلم منه أحد، أو جرّاح وطعّان، وغير ذلك مما لم يُطلقه إلاّ القاصر عن درك منهج الكتاب وأهداف مؤلّفه العظيم، ومدى موقعيّته العلميّة في فنّ الرجال.
وأمّا تضعيفاته
نعم، قد تصدّى ابن الغضائريّ لجمع أسماء من «طُعِنَ» في كتابه هذا المتوفّر.
لكنّه إنّما قام بهذا الأمر على أساسٍ من منهجٍ علميّ رصينٍ، وهو :
1 ـ لا ريب في اعتبار كون الراوي «ثقةً» حتّى يمكن الاعتماد على نقله وحديثه.