فرجع أبو محمّد الحسن إلى داره بسرّ من رأى وقد أزال عن الناس هذه الشبهة ، وقد سرّ الخليفة والمسلمون ذلك ، وكلّم أبو محمّد الحسن الخليفة في إخراج أصحابه الذين كانوا معه في السجن فأخرجهم وأطلقهم له ، وأقام أبو محمّد الحسن بسرّ من رأى بمنزله بها معظّما مكرّما مبجّلاً ، وصارت صِلات الخليفة وأنعامه تصل إليه في منزله إلى أن قضي تغمّده اللّه برحمته ۱ .
وعن عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عيسى بن الفتح قال : لمّا دخل علينا أبو محمّد الحسن السجن قال لي : يا عيسى لك من العمر خمس وستون سنة وشهر ويومان . قال : وكان معي كتاب [دعاء] فيه تاريخ ولادتي فنظرت فيه فكان كما قال . ثمّ قال لي : هل اُرزقت ولدا؟ فقلت : لا ، قال : اللّهمّ ارزقه ولدا يكون له عضدا فنِعمَ العضد الولد ثمّ أنشد :
من كان ذا عضد يدرك ظلامتهإنّ الذليل الّذي ليست له عضد
فقلت له : يا سيّدي وأنت لك ولد؟ فقال : واللّه سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا وعدلاً ، وأمّا الآن فلا ، ثمّ أنشد متمثّلاً :
لعلّك يوما أن تراني كأنّمابني حوالي الاُسود اللوابد
فإنّ تميما قبل أن يلد العصاأقام زمانا وهو في الناس واحد
وعن الحسن بن محمّد الأشعري عن أحمد بن عبيداللّه ۲ بن خاقان قال : لقد ورد على الخليفة المعتمد على اللّه أحمد بن المتوكّل في وقت وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري ما تعجّبنا منه ولاظنّنا أنّ مثله يكون من مثله ، وذلك أنه لمّا اعتلّ أبو محمّد ركب خمسة من دار الخليفة من خدّام أمير المؤمنين وثقاته