727
الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2

ولما اُبرم ۱ الصلح بينهما التمس معاوية من الحسن عليه السلام أن يتكلّم بمجمع من الناس ويُعلِمهم أنه قد بايع معاوية ، فأجابه إلى ذلك ، فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على نبيّه محمّد صلى الله عليه و آلهثمّ قال : أيّها الناس إنّ أكيّس الكيس التقي ، وأحمق الحمق الفجور . [واللّه ] ولو أنكم طلبتم ما بين جابرقا ۲ وجابرصا ۳ مَن جدّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما وجدتموه غيري وغير أخي الحسين ، وقد علمتم أنّ اللّه تعالى جلّ ذكره وعزّ اسمه هداكم بجدّي محمّد وأنقذكم [به ]من الضلالة ، وخلّصكم [به] من الجهالة ، وأعزّكم به بعد الذلّة ، وكثّركم به بعد القلّة ، وانّ معاوية نازعني حقّا هو لي دونه ، فتركته ۴ لصلاح الاُمّة وقطع الفتنة ، وقد كنتم بايعتموني على أن تُسالموا من

1.في (أ) : ابترم ، وفي (ب) : انبرم .

2.بالباء الموحّدة المفتوحة واللام المسكّنة ، روى عن ابن عباس أنها بأقصى المغرب وأهلها من ولد عاد . (انظر معجم البلدان : ۳ / ۳۲) . وفى (ب ، ج) : جابلق .

3.مدينة بأقصى المشرق ، زعم أنّ أولاد نبيهم موسى عليه السلام هربوا أمّا في حرب طالوت أو في حرب بخت نصر . انظر المعجم : ۳ / ۳۳) . وفي (ب ، ج) : جابرص .

4.في (أ) : فنظرت .


الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2
726

معاوية بن أبي سفيان ، صالحه ۱ على أن يسلم إليه أمر ۲ المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب اللّه وسنّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسيرة الخلفاء [الصالحين ]الراشدين المهديّين المهدين . وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا ، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين . وعلى ۳ أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض اللّه تعالى في شامهم،ويمنهم ، وعراقهم ، وحجازهم . وعلى أنّ أصحاب عليّ وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم حيث كانوا . وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد اللّه وميثاقه [وما أخذ اللّه على أحد من خلقه بالوفاء وبما أعطى اللّه من نفسه] . وعلى أن لا يبغي ۴ للحسن بن عليّ ولا لأخيه الحسين غائلة ولا لأحد من أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهغائلة سوء سرّا أو ۵ جهرا ، ولا يخيف أحدا منهم في اُفق من الآفاق . شهد عليه بذلك فلان وفلان وكفى باللّه شهيدا ۶ .

1.في (أ) : صلحه .

2.في (أ) ، ولاية .

3.في (أ): على .

4.في (أ) : لا ينبغي .

5.في (ب) : ولا .

6.لمّا اضطرّ الإمام الحسن عليه السلام إلى الصلح كتب وثيقة الصلح ، محمّلةً بأفدح الشروط الّتي تلقي بكافة المسؤوليات على معاوية ، وحيث لم ترد كاملة في مصدر واحد فنشير إلى مصادرها فقط : انظر البحار : ۱۰ / ۱۱۵ ط القديمه ، النصائح الكافيه : ۱۵۶ ط لبنان ، ابن أبي الحديد في شرح النهج : ۴ / ۸ ، تاريخ الخلفاء : ۱۹۴ ، البداية والنهاية لابن كثير : ۸ / ۴۱ ، الإصابة : ۲ / ۱۲ و ۱۳ ، ابن قتيبة : ۱۵۰ ، أعيان الشيعة : ۴ / ۴۳ ، مقاتل الطالبيين ۷۵ ، الإمامة والسياسة لابن قتيبة : ۲۰۰ ، الطبري في تاريخه : ۶ / ۹۲ ، علل الشرائع : ۸۱ ، الطبقات الكبرى للشعراني : ۲۳ وانظر حياة الحيوان للدميري : ۱ / ۵۷ ، تهذيب التهذيب : ۲ / ۲۲۹ ، تهذيب الأسماء واللغات للنووي : ۱ / ۱۹۹ ، ذخائر العقبى : ۱۳۹ ، ينابيع المودّة : ۲۹۳ ، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لجمال الحسنى : ۵۲ ، تذكرة الخواصّ : ۲۰۶ ، تاريخ دمشق : ۴ / ۲۲۱ ، تاريخ دول الإسلام : ۱ / ۵۳ ، جوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام : ۱۱۲ ، تاريخ الخميس : ۲ / ۳۲۳ ، دائرة المعارف للبستاني : ۷ / ۳۸ ، الفتوح : ۲ / ۲۹۳ . والخلاصة : أنّ وثيقة الصلح تضمّنت خمس مواد وهي : ۱ ـ تسليم الأمر إلى معاوية على أن يعمل بكتاب اللّه وسنّة نبيه صلى الله عليه و آله وسيرة الخلفاء الصالحين . ۲ ـ ليس لمعاوية أن يعهد إلى أحد من بعده والأمر بعده للحسن،فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين. ۳ ـ أن لايسمّيه أمير المؤمنين ، وأن يترك سبّ أميرالمؤمنين والقنوت عليه بالصلاة وأن لا يذكر عليّا إلاّ بخير ، وان لايقيم عنده شهادة . ۴ ـ الأمن العامّ لعموم الناس الأسود والأحمر منهم سواء فيه ، والأمن الخاصّ لشيعه أمير المؤمنين وعدم التعرّض لهم بمكروه . ۵ ـ استثناء مافي بيت مال الكوفة وهو خمسة آلاف ألف ، فلايشمله تسليم الأمر ، وأن يفضّل بني هاشم في العطاء ، وأن يفرّق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل وأولاد من قتل معه بصفين ألف ألف درهم ، وأن يوصل إلى كلّ ذي حقّ حقّه . وممّا يجدر ذكره أن بعض المؤرّخين والباحثين أصرّ على المغالطات والمجادلات ولعب بالألفاظ وأورد انّ الإمام الحسن عليه السلام قد تنازل عن الخلافة لمعاوية بما لكلمة التنازل من المعنى الخاصّ ، ونحن لو رجعنا إلى التاريخ لم نجد ولم يرد على لسان أحد ما يشعر من خطبه عليه السلام أنه تنازل عن الخلافة بل إنّ المصادر تشير إلى أنه عليه السلام سلّم الأمر أو ترك الأمر لمعاوية وذلك من خلال ملاحظتنا للشروط الّتي ورد فيها إسقاطه إيّاه عن إمرة المؤمنين وأنّ الحسن عليه السلام عاهده على أن لايكون عليه أميرا ، إذ الأمير هو الّذي يأمر فيؤتمر له ، ولذا أسقط الإمام الحسن عليه السلام الائتمار لمعاوية إذ أمره أمرا على نفسه ، والأمير هو الّذي أمّره مأمور من فوقه ، فدلّ على أنّ اللّه عزّوجلّ لم يؤمّره عليه ولارسول اللّه صلى الله عليه و آلهأمّره عليه ، ولذا لايقيم عنده شهادة ، فكيف يقيم الشهادة عند من أزال عنه الحكم؟ لأنّ الأمير هو الحاكم ، وهو المقيم للحاكم ، ومن ليس له تأمير ولاتحاكم فحكمه هذر ولاتقام الشهاة عند من حكمه هذر . كذلك أن الإمام عليه السلام علم أنّ القوم جوّزوا لأنفسهم التأويل وسوّغوا في تأويلهم إراقة ما أرادوا إراقته من الدماء وان كان اللّه عزّوجلّ حقنَه ، ولذا اشترط عليه أن لايتعقب على شعية عليّ عليه السلام شيئا ، وأنّ الإمام عليه السلام يعلم أن تأويل معاوية على شيعة عليّ عليه السلام بتعقّبه عليهم مايتعقبه زائل مضمحلّ فاسد ، كما أنه أزال إمرته عنه وعن المؤمنين ، وأن إمرته زالت عنه وعنهم ، وأفسد حكمه عليه وعليهم ، وبالتالي تكون حينئذٍ داره دائرة وقدرته قائمة لغير الحسن ولغير المؤمنين فتكون داره كدار بخت نصر وهو بمنزلة دانيال فيها وكدار العزيز وهو كيوسف فيها . ولانريد أن تطيل في ذلك بأن نقول كما قال أنس «يوم كُلّم الحسن» ولم يقل يوم بايع . إذ لم يكن عنده بيعة حقيقية وإنما كانت مهادنة كما يكون بين أولياء اللّه وأعدائه لامبايعة بين أوليائه وأوليائه ، فرأى الحسن عليه السلام رفع السيف مع العجز بينه وبين معاوية كما رأى رسول اللّه صلى الله عليه و آله رفع السيف بينه وبين أبي سفيان وسهل بن عمرو،ولذا قال الإمام الحسن عليه السلام في جوابه لبعضهم: ... لاتقل ذلك يا أبا عامر ، لم اُذلّ المؤمنين، ولكن كرهت أن أقتلهم على الملك ... كما جاء في أعيان الشيعة : ۴ ق ۱ : ۵۲ وقوله عليه السلام : ... إن معاوية زعم أني رأيته للخلافة أهلاً ولم أرَ نفسي لها أهلاً ، فكذب معاوية نحن أولى الناس بالناس في كتاب اللّه عزّوجلّ وعلى لسان نبيه ... كما جاء في حياة الحيوان للدميري : ۱ / ۵۸ . وهذا تصريح خطير بأنّ الولاية له من اللّه على الناس لازالت قائمة ، حتّى تسليم الأمر لمعاوية ، وأنّ التسليم ليس إلاّ ترك الملك . وقال عليه السلام وكان معاوية حاضرا : ... وليس الخليفة من دان بالجور ، وعطّل السنن واتخذ الدنيا أبا واُما ، ولكن ذلك ملك أصاب ملكا تمتّع به ، وكأن قد انقطع عنه واستعجل لذّته ، وبقيت عليه تبعته ، فكان كما قال اللّه عزّوجلّ : «وَإِنْ أَدْرِى لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَـعٌ إِلَى حِينٍ» . الأنبياء : ۱۱۱ . وهذا تعريض بمعاوية وأنه ليس أهلاً للخلافة وانما هو ملك يطلب الدنيا ... انظر المحاسن والمساوي للبيهقي : ۱ / ۱۳۳ ، الاحتجاج : ۱ / ۴۱۹ الخرائج والجرائح : ۲۱۸ ، ذخائر العقبى : ۱۴۰ ، شرح النهج لابن أبي الحديد : ۱۶ / ۴۹ ، مقاتل الطالبيين : ۷۳ ، تحف العقول : ۱۶۴ .

  • نام منبع :
    الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2
    المساعدون :
    الغریری، سامی
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1379 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 69074
الصفحه من 1403
طباعه  ارسل الي