769
الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2

وكتب إليه أخوه الحسن يلومه على إعطائه الشعراء ، فكتب إليه : أنت أعلم منّي ۱ بأنَّ خير المال ما وقى العرض ۲ .
وجنى غلامٌ له ۳ جنايةً توجب العقاب عليه ۴ فأمر بتأديبه [أن يُضرب ]فقال : يا مولاي قال اللّه تعالى «وَالْكَـظِمِينَ الْغَيْظَ» قال عليه السلام : خلّوا عنه فقد كظمت غيظي ، فقال : [يا مولاي] «وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ» قال عليه السلام : قد عفوت عنك ، فقال : [يا مولاي] : «وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ »۵ قال : أنت حرّ لوجه اللّه تعالى ، وأجازه بجائزة سنية ۶ .
وقيل : أنّ معاوية لمّا قدم مكّة وصله بمالٍ كثيرٍ وثيابٍ وافرةٍ وكسوةٍ فاخرة فردّ الجميع عليه ولم يقبل منه شيئا ۷ ، فهذه سجيّة الجود وشنشنة الكرم وصفة من حوى مكارم الأخلاق ومحاسن الشِيَم . وممّا يؤذنك بكرمه وسماحته ذكر ما تقدّم في الفصل الّذي قبل هذا من ثبات قلبه وشجاعته ، إذ الشجاعة والسماحة توأمان ورضيعا لبان ، فالجواد شجاع والشجاع جواد ، وهذه قاعدة كلّية وإن خرج منها بعض الآحاد ، ومن خاف الوصمة في شرفه جاد بالطريف من ماله والتالد ، وقد قال أبو تمّام في الجمع بينهما فأجاد ۸ :

وإذ رأيت أبا يزيد في ندىووغى ومبدي غارةً ومعيدا
أيقنتَ أنّ من السماح شجاعةتدنى وأنّ من الشجاعة جودا

1.في (أ) : أنّ .

2.انظر كشف الغمّة : ۲ / ۲۰۶ وبحار الأنوار : ۴۴ / ۱۹۵ ح ۸ وزاد فيه « ... لعلّ لومه عليه السلام ليظهر عذره للنّاس» .

3.في (أ) : بعض أقاربه .

4.في (أ) : التأديب .

5.آل عمران : ۱۳۴ .

6.في (ب) : بلفظ : ولك ضعف ما كنت اعطيك . انظر كشف الغمّة : ۲ / ۲۰۷ و۲۰۸ ، و : ۲ / ۳۱ ط اُخرى ، بحار الأنوار : ۴۴ / ۱۹۵ ح ۹ ، عوالم العلوم : ۱۷ / ۷۰ .

7.انظر الفتوح لابن أعثم : ۲ / ۳۴۶ .

8.ديوان أبي تمّام تحقيق محمّد عكّاش : ص ۲۱۵ ط القاهرة .


الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2
768

الحاجة ، وقلّ أن وصله مال إلاّ فرّقه» ۱ . وفي الفصل المتقدّم المعقود لكرم أخيه عليه السلام وقصّة المرأة الّتي ذبحت الشاة وما وصلها به لمّا أن جاءته بعد أخيه الحسن من إعطائها الألف دينار وشرائه لها الألف شاة ۲ ما يعرّفك أنّ الكرم ثابت لهؤلاء القوم حقيقة ولغيرهم مجاز،إذ كلّ واحد منهم ضرب فيه بالقدح المعلّى، فحاز منه ما حاز، فهم بحار يجارون ۳ الغيوث سماحة ، ويبارون الليوث حماسةً ، ويعدلون الجبال حلما ورجاحة ، فهم البحور الزاخرة والسحب الهامية الماطرة ، وفيه يقول الشاعر :

فما كان من جود أتوه فإنّماتوارثه آباء آبائهم قبل
وهل ينبت الخطى إلاّ وشجه۴وتغرس إلاّ في مغارسها النخل
قال أنس : كنت عند الحسين عليه السلام فدخلت عليه جارية بيدها ۵ بطاقة ريحان ]فحيّته بها] فقال [لها] : أنت حرّة لوجه اللّه تعالى [وبهر أنس فانصرف يقول ]فقلت له : جارية تحيّيك ۶ بطاقة ريحان لا حظّ ۷ لها ولا بال فتعتقها؟! فقال : [كذا أدّبنا اللّه ]أما سمعت قوله تعالى «وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ»۸ وكان أحسن منها عتقها ۹ .

1.انظر مطالب السؤول : ۷۳ .

2.سبق وأن تمّ استخراج ذلك من كشف الغمّة : ۱ / ۵۵۸ ، والمناقب لابن شهرآشوب : ۳ / ۱۸۲ ، والبحار : ۴۳ / ۳۴۷ ح ۲۰ و : ۳۴۱ ح ۱۵ ، وعوالم العلوم للشيخ عبد اللّه البحراني الاصفهاني : ۹ / ۱۱۴ ، وغير ذلك من المصادر السابقة .

3.في (أ) : تجاوزت .

4.في (ب ، ج) : شيحة .

5.في (أ) : فجاءته .

6.في (د) : تجيئك .

7.في (ب ، د) : لاخطر .

8.النساء : ۸۶ .

9.كشف الغمّة للإربلي : ۲ / ۳۱ ، بحار الأنوار : ۴۴ / ۱۹۵ ح ۸ عوالم العلوم : ۱۷ / ۶۴ ، أعيان الشيعة للسيّد محسن الأمين العاملي : ۴ / ۱۰۴ .

  • نام منبع :
    الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2
    المساعدون :
    الغریری، سامی
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1379 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 55552
الصفحه من 1403
طباعه  ارسل الي