المدخل
يُعنى هذا الكتاب (جواهر الحكمة للشَّباب) بالإرشادات الإسلامية الحكيمة التي يراد من خلالها للشبّان الأعزاء تحقيق أقصى فائدة مرجوّة من فرصة الشَّباب الثمينة .
وقبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع لابدَّ من الإجابة على السؤال التالي : من هو الشّابُّ؟ ومتى تبدأ مرحلة الشَّباب ، ومتى تنتهي؟
الشّاب لغةً
يطلـق في الفارسيـة لفظ «جـوان» أو «بُرنـا» على كلّ شيء في مقتبـل عمره ، ۱
وأمّا في العربيـة فهناك لفظـان معروفـان خاصّان بالشَّباب ، الأوّل : «فَتى» ۲
وأصله من «فَتَيَ» بمعنى الطراوة
والنّضارَةِ ، ۳
والثّاني : «شابّ» وأصله من «شَبَبَ» بمعنى النماء والازدهار مع حيويَّة تعتري الإنسان . ۴
والنقطة الجديرة بالذكر هي عدم إمكانية تحديد دقيق لمرحلة الشَّباب متى تبدأ ومتى تنتهي ، ولكن :
الوارد من الناحية القانونية هو تحديد فئتين من الأعمار هما الطفولة والشيخوخة ، وأمّا فترة الفتوة والشَّباب فقد بقيت غير محدودة ؛ ولذلك لا يمكن بيان تعريف دقيق لها . ۵
لقد جاء في كتاب صَدر أخيرا عن مجموعة من أبرز الباحثين في حقل الشَّباب تعريف الشَّباب بما يلي :
إنّ اصطلاح الشَّباب يطلق بطبيعته على معاني مختلفة . ولهذه النقطة أهميتها ولاسيما في هذا التقرير ، ففي القسم الأوّل منه
يطرح بِصفة رقم إحصائي يستوعب جميع الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 ـ 24 سنة . وهذا التقسيم اُعدّ تحرّيا للسهولة عند المقارنة ؛ لأن هذه الفئة العمرية قد اُعِدّت بشأنها معلومات هي في متناول الجميع . وعلى كلّ حال فعندما يستعمل اصطلاح الشَّباب بالنّسبة إلى دولة معينة ، فإنّ تحديد الفئة العمرية أعلاه يتفاوت ويختلف ، وهِي في الغالب قليلة ، على سبيل المثال : إنّ تقرير التنمية الإنسانيّة لبرنامج العمران للاُمم المتحدة في سنة 2000م ، الخاص بالأردن ، يؤكّد هذه النقطة بالذات ، حيث حدّد الشَّباب بمن سنّه بين 15 ـ 29 سنة. ۶
وممّا يجدر ذكره أنّ ما جاء في تقرير برنامج الأعمار للأُمم المتحدة في تحديد سن الشَّباب ، يتفق مع رواية عن الإمام الصادق عليه السلامحول هذا الموضوع يقول فيها :
إِذا زادَ الرَّجُلُ عَلَى الثَّلاثينَ فَهُوَ كَهلٌ وإذا زادَ عَلَى الأَربَعينَ فَهُوَ شَيخٌ . ۷
ومفهومه أن فترة الشَّباب تبدأُ مع سن البلوغ ، من الخامسة عشر حتّى الثلاثين .
وعلى ضوء ما تقدّم يمكن تعريف فترة الشَّباب ، بأنّها فترة النضارة والطراوة والازدهار وحيويَّة الحياة . وعلى أساس هذا التعريف فإنّ فترة الشّباب من الممكن أن يتفاوت مفهومها باختلاف مراحل التاريخ المختلفة ، ولذا أنشد الشاعر في إحدى فترات الشباب وقوتها قائلاً :
إذا عاشَ الفتى مِئَتينِ عامافقد ذَهَبَ البَشاشةُ وَالفَتَاءُ۸
وفي ضوء التعريف المتقدّم فإنّ الشَّباب قد يختلف بحسب اختلاف الأفراد ، ولذلك يمكن تبرير اختلاف أهل الاصطلاح في تحديد مرحلة الشَّباب . ۹
1.ورد في لغت نامه دهخدا و فرهنگ عميد (معجمان فارسيان) : أنّ الشاب هو كل ما يبلغ متوسط عمره الطبيعي من بشر أو حيوان أو شجر .
2.في اللغة العربية يطلق على الإنسان عدّة ألفاظ منذ أن يُصبِح جنينا في بطن اُمّه حتّى يبلغ الشيخوخة ، وقد ذكرها العلاّمة المجلسي عن كتاب سر الأدب للثعالبي : «قال في سر الأدب في ترتيب أحوال الإنسان : هو مادام في الرحم جنين ، فإذا ولد فوليد ، ثمّ مادام يرضع فرضيع ، ثمّ إذا قطع منه اللبن فهو فطيم ، ثمّ إذا دبّ ونما فهو دارج ، فإذا بلغ طوله خمسة أشبار فهو خماسي ، فإذا سقطت رواضعه فهو مثغور ، فإذا نبتت أسنانه بعد السقوط فهو مثغر ، فإذا تجاوز العشر أو جاوزها فهو مترعرع وناشئ ، فإذا كاد يبلغ الحلم أو بلغه فهو يافع ومراهق ، فإذا احتلم واجتمعت قوّته فهو حرور ، واسمه في جميع هذه الأحوال غلام ، فإذا اخضرّ شاربه قيل : قد بقل وجهه ، فإذا صار ذا فتاء فهو فتى وشارخ ، فإذا اجتمعت لحيته وبلغ غاية شبابه فهو مجتمع ، ثمّ مادام بين الثلاثين والأربعين فهو شاب ، ثمّ هو كهل إلى أن يستوفي الستين ، وقيل : إذا جاوز أربعا وثلاثين إلى إحدى وخمسين ، فإذا جاوزها فهو شيخ» . (بحار الأنوار : ج ۶۰ ص ۳۵۱) .
3.الفاء والتاء والحرف المعتل أصلان : أحدهما يدلّ على طراوة وجِدّة ، والآخر على تبيين حكم . (معجم مقاييس اللغة : ج ۴ ص ۴۷۳) . وفي المفردات : الفتى : الطري من الشباب (مفردات ألفاظ القرآن : ص ۶۲۵) .
4.شب : أصل واحد يدلّ على نماء الشيء وقوّته في حرارةٍ تعتريه (معجم مقاييس اللغة : ج ۳ ص ۱۷۷) .
5.گزارش ملّي جوانان سال ۱۳۸۱ : ص ۴۹۰ .
6.گزارش وضعيّت جهانى جوانان (تقرير عن وضعية الشّباب في العالم) : ص ۸۱ . وهذا التقرير اُعدّ من قبل أبرز الباحثين في حقل الشَّباب في العالم . على أساس طلب الأُمم المتحدة . وترجم إلى الفارسية عن طريق المكتب العالميّ لمنظّمة الشَّباب الوطنية .
وفي القسم الثاني من التقرير أعلاه وردت معاني اُخرى لكلمة شباب ، مثل : «الفترة المتخلِّلة ما بين الفتوّة والنضوج الجسمي» أو هي كما يعبّر عنها في الإنجليزية مرحلة «العبور من الطفولة إلى الشيخوخة» وجاء في الحصلة النهائية : «الشَّباب : هو العبور من مرحلة الفتوة إلى الشيخوخة ، ومن الارتباط إلى الاستقلال ، ومن وضعية المستهلك للخدمات إلى الإنسان المشارك في صناعة الحياة الثقافية والاقتصادية الوطنية» ، غير أنّه لا يعين أي واحد من هذه التعاريف مرحلة الشَّباب بشكل دقيق .
7.بحار الأنوار : ج ۷۵ ص ۲۵۳ .
8.الفتيّ : الطريّ من الإبل ، والفتى من الناس : واحد الفتيان ، والفتاء : الشباب ، يقال : فتى بيّن الفتاء (معجم مقاييس اللغة : ج ۴ ص ۴۷۴) .
9.راجع : لغت نامة دهخدا (بالفارسية) : مادة «شاب» و «كهل» .
