۵۱۰.الكافي عن أبان عن أبي بصير أنّه سمع أبا جعفر وأبا عبداللّه عليهماالسلام :يَذكُرانِ أنَّهُ لَمّا كانَ يَومُ التَّروِيَةِ قالَ جَبرَئيلُ لاِءِبراهيم عليهماالسلام : تَرَوَّه مِنَ الماءِ فَسُمِّيَتِ التَّروِيَةَ ، ثُمَّ أتى مِنىً فَأَباتَهُ بِها ، ثُمَّ غَدا بِهِ إلى عَرَفاتٍ فَضَرَبَ خِباهُ بِنَمِرَةَ دونَ عَرَفَةَ فَبَنى مَسجِدا بِأَحجارٍ بيضٍ وكانَ يُعرَفُ أثَرُ مَسجِدِ إبراهيمَ حَتّى اُدخِلَ في هذَا المَسجِدِ الَّذي بِنَمِرَةَ حَيثُ يُصَلِّي الإِمامُ يَومَ عَرَفَةَ فَصَلّى بِهَا الظُّهرَ وَالعَصرَ ، ثُمَّ عَمَدَ بِهِ إلى عَرَفاتٍ ، فَقالَ : هذِهِ عَرَفاتٌ فَاعرِف بِها مَناسِكَكَ وَاعتَرِف بِذَنبِكَ فَسُمِّي عَرَفاتٍ ، ثُمَّ أفاضَ إلَى المُزدَلِفَهِ فَسُمِّيَتِ المُزدَلِفَةَ ، لِأَ نَّهُ ازدَلَفَ إلَيها ، ثُمَّ قامَ عَلَى المَشعَرِ الحَرامِ فَأَمَرَهُ اللّه ُ أن يَذبَحَ ابنَهُ وقَد رَأى فيهِ شَمائِلَهُ وخَلائِقَهُ وأنِسَ ما كانَ إلَيهِ .
فَلَمّا أصبَحَ أفاضَ مِنَ المَشعَرِ إلى مِنىً فَقالَ لاُِمِّهِ : زورِي البَيتَ أنتِ وَاحتَبَسَ الغُلامَ ، فَقالَ : يا بُنَيَّ هاتِ الحِمارَ وَالسِّكّينَ حَتّى اُقَرِّبَ القُربانَ .
فَقالَ أبانٌ : فَقُلتُ لِأَبي بَصيرٍ : ما أرادَ بِالحِمارِ وَالسِّكّينِ .
قالَ : أرادَ أن يَذبَحَهُ ، ثُمَّ يَحمِلَهُ فَيُجَهِّزَهُ ويَدفِنَهُ ، قالَ : فَجاءَ الغُلامُ بِالحِمارِ وَالسِّكّينِ ، فَقالَ : يا أبَتِ أينَ القُربانُ ؟
قالَ : رَبُّكَ يَعلَمُ أينَ هُوَ؟ يا بُنَيَّ أنتَ وَاللّه ِ هُوَ إنَّ اللّه َ قَد أمَرَني
بِذَبحِكَ ، فَانظُر ماذا تَرى ؟
قالَ : «يَـأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَآءَ اللَّهُ مِنَ الصَّـبِرِينَ» قالَ : فَلَمّا عَزَمَ عَلَى الذَّبحِ ، قالَ : يا أبَتِ ، خَمِّر وَجهي وشُدَّ وَثاقي .
قالَ : يا بُنَيَ ، الوَثاقُ مَعَ الذَّبحِ وَاللّه ِ لا أجمَعُهُما عَلَيكَ اليَومَ .
قالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : فَطَرَحَ لَهُ قُرطانَ الحِمارِ ، ثُمَّ أضجَعَهُ عَلَيهِ وأخَذَ المَديَةَ فَوَضَعَها عَلى حَلقِهِ ، قال َ: فَأَقبَلَ شَيخٌ فَقالَ : ما تُريدُ مِن هذَا الغُلامِ ؟
قالَ : اُريدُ أن أذبَحَهُ .
فَقالَ : سُبحانَ اللّه ِ ! غُلامٌ لَم يَعصِ اللّه َ طَرفَةَ عَينٍ تَذبَحُهُ ؟
فَقالَ : نَعَم ، إنَّ اللّه َ قَد أمَرَني بِذَبحِهِ .
فَقالَ : بَل رَبُّكَ نَهاكَ عَن ذَبحِهِ ، وإنَّما أمَرَكَ بِهذَا الشَّيطانُ في مَنامِكَ ، قالَ : وَيلَكَ ! الكَلامُ الَّذي سَمِعتُ هُوَ الَّذي بَلَغَ بي ماتَرى، لا وَاللّه ِ لا اُكَلِّمُكَ ، ثُمَّ عَزَمَ عَلَى الذَّبحِ .
فَقالَ الشَّيخُ : يا إبراهيم ، إنَّكَ إمامٌ يُقتَدى بِكَ فَإِن ذَبَحتَ وَلَدَكَ ذَبَحَ النّاسُ أولادَهُم ، فَمَهلاً فَأَبى أن يُكَلِّمَهُ .
قالَ أبو بَصيرٍ : سَمِعتُ أبا جَعفَرٍ عليه السلاميَقولُ : فَأَضجَعَهُ عِندَ الجَمرَةِ الوُسطى ، ثُمَّ أخَذَ المَديَهَ فَوَضَعَها عَلى حَلقِهِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إلَى السَّماءِ ، ثُمَّ انتَحى عَلَيه فَقَلَبَها جَبرَئيلُ عليه السلام عَن حَلقِهِ فَنَظَرَ إبراهيمُ فَإِذا هِيَ مَقلوبَةٌ ، فَقَلَبَها إبراهيمُ عَلى خَدِّها وقَلَبَها جَبرَئيلُ عَلى قَفاها فَفَعَلَ ذلكَ مِرارا ، ثُمَّ نودِيَ مِن مَيسرَةِ مَسجِدِ الخَيفِ : يا إبراهيمُ ، قَد صَدَّقتَ الرُّؤيا واجتَرَّ الغُلامَ مِن تَحتِهِ ، وتَناوَلَ
جَبرَئيلُ الكَبشَ مِن قُلَّةِ ثَبيرٍ فَوَضَعَهُ تَحتَهُ .
وخَرَجَ الشَّيخُ الخَبيثُ حَتّى لَحِقَ بِالعَجوزِ حينَ نَظَرَت إلَى البَيتِ ، وَالبَيتُ في وَسَطِ الوادي فَقالَ : ما شَيخٌ رَأَيتُهُ بِمِنىً ؟ فَنَعَتَ نَعتَ إبراهيمَ .
قالَت : ذاكَ بَعلي .
قالَ : فَما وَصيفٌ رَأَيتُهُ مَعَهُ ، ونَعَتَ نَعتَهُ .
قالَت : ذاكَ ابني .
قالَ : فَإِنّي رَأَيتُهُ أضجَعَهُ وأخَذَ المَديَةَ لِيَذبَحَهُ .
قالَت : كَلاّ ما رَأَيتُ إبراهيمَ إلاّ أرحَمَ النّاسِ وكَيفَ رَأَيتَهُ يَذبَحُ ابنَهُ .
قالَ : ورَبِّ السَّماءِ وَالأَرضِ ، ورَبِّ هذِهِ البَنِيَّةِ ، لَقَد رَأَيتُهُ أضجَعَهُ وأخَذَ المَديَةَ لِيَذبَحَهُ .
قالَت : لِمَ ؟
قالَ : زَعَمَ أنَّ رَبَّهُ أمَرَهُ بِذَبحِهِ .
قالَت : فَحَقٌّ لَهُ أن يُطيعَ رَبَّهُ . ۱