269
جواهر الحكمة للشّباب

3 / 13

حَنظَلَة غَسيلُ المَلائِكِة

كان حَنظَلَةُ بنُ أبي عامِر رَجُلاً مِنَ الخَزرَج ، قَد تَزَوَّجَ في تِلكَ اللَّيلَةِ ـ الَّتي كانَ في صَبيحَتِها حَربُ اُحُد ـ بِنتَ عَبدِاللّه ِ بنِ أبي سَلول ، ودَخَلَ بِها في تِلكَ اللَّيلَةِ ، وَاستَأذَنَ رَسولَ اللّه صلى الله عليه و آله أن يُقيمَ عِندَها ، فَأَنزَلَ اللّه ُ : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّى يَسْتَـئذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَـئذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَـئذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ»۱ فَأَذِنَ لَهُ رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله ...، فَدَخَلَ حَنظَلَةُ بِأَهلِهِ وواقَعَ عَلَيها، فَأَصبَحَ وخَرَجَ وهُوَ جُنُبٌ، فَحَضَرَ القِتالَ ، فَبَعَثَ امرَأَتُهُ إلى أربَعَةِ نَفَرٍ مِنَ الأَنصار لَمّا أرادَ حَنظَلَة أن يَخرُجَ مِن عِندِها وأشهَدَت عَلَيهِ أنَّهُ قَد واقَعَها ، فَقيلَ لَها : لِمَ فَعَلتِ ذلِكَ؟ قالَت: رَأَيتُ في هذِهِ اللَّيلَةِ في نَومي كَأَنَ السَّماءَ قَدِ انفَرَجَت فَوَقَعَ فيها حَنظَلَة، ثُمَّ انضَمَّت ، فَعَلِمتُ أنَّهَا
الشَّهادَةُ ، فَكَرِهتُ أن لا اُشهِدَ عَلَيهِ فَحَمَلَت مِنهُ .
فَلَمّا حَضَرَ القِتالَ نَظَرَ حَنظَلَة إلى أبي سُفيان عَلى فَرَسٍ يَجولُ بَينَ العَسكَرَينِ فَحَمَلَ عَلَيهِ فَضَرَبَ عُرقوبَ فَرَسِهِ فَاكتَسَعَتِ الفَرَسُ ، وسَقَطَ أبو سُفيان إلَى الأَرضِ ، وصاحَ يا مَعشَرَ قُرَيش ، أنَا أبو سُفيان وهذا حَنظَلَة يُريدُ قَتلي ، وعَدا أبو سُفيان ومَرَّ حَنظَلَة في طَلَبِهِ ، فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ المُشرِكين فَطَعَنَهُ فَمَشى إلَى المُشرِكِ في طَعنِهِ فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ ، وسَقَطَ حَنظَلَة إلَى الأَرضِ بَينَ حَمَزَة وعَمرِو بنِ الجُموح وعَبدِاللّه ِ بنِ حِزام وجَماعَةٍ مِنَ الأَنصار ، فَقالَ رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله : رَأَيتُ المَلائِكَة يُغَسِّلونَ حَنظَلَة بَينَ السَّماءِ وَالأَرضِ بِماءِ المُزنِ في صَحائِفَ مِن ذَهَبٍ فَكانَ يُسَمّى غَسيلَ المَلائِكَة . ۲

1.النور : ۶۲ .

2.تفسير القمّي : ج ۱ ص ۱۱۸ .


جواهر الحكمة للشّباب
268

3 / 12

حُذَيفَةُ بنُ اليَمان

حُذَيفَةُ بنُ اليَمان بنِ جابِرٍ ، أبو عَبدِ اللّه ِ العَبسِيّ . كانَ مِن وُجَهاءِ الصَّحابَة وأعيانِهِم . وقد أثنى عَلَيهِ الرِّجالِيّون وأصحابُ التَّراجِم بِمَزايا ذَكَروها في كُتُبِهِم كَقَولِهِم : «كانَ مِن نُجَباءَ وكِبارِ أصحابِ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله » ، وقَولِهِم : «صاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله » ، وقَولِهِم : «وأعلَمُ النّاسِ بِالمُنافِقين» . وأسَرَّ إلَيهِ رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله أسماءَ المُنافِقين وضَبَطَ عَنهُ الفِتَنَ الكائِنَةَ فِي الاُمَّةِ إلى قِيامِ السّاعَةِ .
لَم يَشهَد بَدرا ، وشَهِدَ اُحُدا وما بَعدَها مِنَ المَشاهِدِ . كانَ أحَدُ الَّذينَ ثَبَتوا عَلَى العَقيدَةِ . لَم يَصبِر عَلى تَغييرِ «حَقِّ الخِلافَةِ» و «خِلافَةِ الحَقِّ» بَعدَ وَفاةِ رَسولِ اللّه ، ووَقَفَ إلى جانِبِ عَلِيٍّ عليه السلام بِخُطىً ثابِتَةٍ .
كانَ حُذَيفَة مِمَّن شَهِدَ جَنازَةَ السَّيِّدَةِ فاطِمَةَ الزَّهراء عليهاالسلام ، وصَلّى عَلى جُثمانِهَا الطّاهِرِ .
وَلِيَ المَدائِن في عَهدِ عُمَر وعُثمان . وكانَ مَريضا فِي ابتِداءِ خِلافَةِ أميرِ المُؤمِنين عَلِيٍّ عليه السلام . مَعَ هذا كُلِّهِ لَم يُطِقِ السُّكوتَ عَن مَناقِبِهِ وفَضائِلِهِ ـ صَلَواتُ اللّه ِ عَلَيهِ ـ ، فَصَعِدَ المِنبَرَ بِجِسمِهِ العَليلِ ، وأثنى عَلَيهِ وأبلَغَ الثَّناءَ ، وذَكَرَهُ بِقَولِهِ : «فَوَاللّه ِ إنَّهُ لَعَلَى الحَقِّ آخِرا وأوَّلاً» ، وقَولِهِ : «إنَّهُ لَخَيرُ مَن مَضى بَعدَ نَبِيِّكُم» . وأخَذَ لَهُ البَيعَةَ ، وهُوَ نَفسُهُ بايَعَهُ أيضا .
وأوصى أولادَهُ مُؤَكَّدا ألاّ يُقَصِّروا فِي اتِّباعِهِ وَالسَّيرِ وَراءَهُ ، وقالَ لَهُم : «فَإِنَّهُ وَاللّه ِ عَلَى الحَقِّ ، ومَن خالَفَهُ عَلَى الباطِلِ» . ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعدَ سَبعَةِ أيّامٍ مَضَت عَلى ذلِكَ . وقيلَ : تُوُفِّيَ بَعدَ أربَعينَ يَوما .
558 . الأمالي للطوسي عن حذيفة : ألا مَن أرادَ ـ وَالَّذي لا إلهَ غَيرُهُ ـ أن يَنظُرَ إلى أميرِ المُؤمِنين حَقّا حَقّا ، فَليَنظُر إلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِب ، فَوازِروهُ وَاتَّبِعوهُ وَانصُروهُ . ۱

1.الأمالي للطوسي : ص ۴۸۶ ح ۱۰۶۵ .

  • نام منبع :
    جواهر الحكمة للشّباب
    المساعدون :
    غلامعلي، احمد
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 194570
الصفحه من 366
طباعه  ارسل الي