3 / 22
عامِرُ بنُ واثِلَة
عامِرُ بنُ واثِلَة بنِ عَبدِ اللّه ِ الكَنانِيُّ اللَّيثِيُّ ، أبُو الطُّفَيل وهُوَ بِكُنيَتِهِ أشهَرُ . وُلِدَ فِي السَّنَةِ الَّتي كانَت فيها غَزوَةُ اُحُد . أدرَكَ ثَمانِيَ سِنينَ مِن حَياةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، وَرآهُ ، وهُوَ آخِرُ مَن ماتَ مِنَ الصَّحابَةِ .
وكانَ يَقولُ : أنَا آخِرُ مَن بَقِيَ مِمَّن كانَ رَأى رَسولَ اللّه صلى الله عليه و آله . تُوُفِّيَ سَنَةَ 100 ه .
كانَ مِن أصحابِ عَلِيٍّ عليه السلام وثِقاتِهِ ومُحِبّيِه وشيعَتِهِ وشَهِدَ مَعَهُ جَميعَ حُروبِهِ .
كانَ لَهُ حَظٌّ وافِرٌ مِنَ الخِطابَةِ ، وكانَ يُنشِدُ الشِّعرَ الجَميلَ ، كَما كانَ مُقاتِلاً باسِلاً فِي الحُروبِ . خَطَبَ في صِفّين كَثيرا ، وذَهَبَ إلَى العَسكَرِ ومَدَحَ عَلِيّا عليه السلام بِشِعرِهِ النّابِعِ مِن شُعورِهِ الفَيّاضِ . وَافتَخَرَ بِصُمودِ أصحابِ الإِمامِ ، وقَدَحَ في أصحابِ الفَضائِحِ مِنَ الاُمَوِيِّين وأخزاهُم . وذَكَرَهُ نَصرُ
ابنُ مُزاحِم بِأَ نَّهُ مِن «مُخلِصِي الشّيعَة» ، وأخبَرَ عَن مَواقِفِهِ الرّائِعَةِ .
كانَ عامِرُ بنُ واثِلَة حامِلَ لِواءِ المُختار ، عِندَما نَهَضَ لِلثَّأرِ بِدَمِ الإِمامِ الحُسَين عليه السلام . وقيلَ : إنَّهُ كانَ كيسانيّا ، وَاختُلِفَ فيهِ . وَالصَّحيحُ أَ نَّهُ رَجَعَ إن كان كيسانيّا . ساعَدَتهُ مَهارَتُهُ فِي الكَلامِ وَاستيعابُهُ لِمَعارِفِ الحَقِّ وإلمامُهُ بِكِتابِ اللّه ِ عَلى أن يَتَحَدَّثَ بِصَلابَةٍ ، دِفاعا عَنِ الحَقِّ ، وتَقريعا لِغَيرِ الكُفوئينَ . لَقَد كانَ شَخصِيَّةً عَظيمَةً ، ذَكَرَهُ أصحابُ الرِّجال بِإِجلالٍ وإكبارٍ . وقالَ الذَّهَبِيُّ في حَقِّهِ : كانَ ثِقَةً فيما يَنقُلُهُ ، صادِقا ، عالِما ، شاعِرا ، فارِسا ، عُمِّرَ دَهرا طَويلاً .
ولَمَّا استَقامَ لِمُعاوِيَة أمرُهُ ، لَم يَكُن شَيءٌ أَحبَّ إلَيهِ مِن لِقاءِ عامِرِ بنِ واثِلَة ، فَلَم يَزَل يُكاتِبُهُ ويَلطُفُ حَتّى أتاهُ ، فَلَمّا قَدِمَ سَأَ لَهُ عَن عَرَبِ الجاهِلِيَّة ، قالَ : ودَخَلَ عَلَيهِ عَمرُو بنُ العاص ونَفَرٌ مَعَهُ ، فَقالَ لَهُم مُعاوِيَة : تَعرِفونَ هذا ؟ هذا فارِسُ صِفّين وشاعِرُها ، هذا خَليلُ أبي الحَسَن .
ثُمَّ قالَ : يا أبَا الطُّفَيل ، ما بَلَغَ مِن حُبِّكَ عَلِيّا ؟
قالَ : حُبُّ اُمِّ موسى لِموسى .
قالَ : فَما بَلَغَ مِن بُكائِكَ عَلَيهِ ؟
قالَ : بُكاءُ العَجوزِ المِقلاتِ ، وَالشَّيخِ الرَّقوبِ ۱ إلَى اللّه ِ أشكو تَقصيري .
فَقالَ مُعاوِيَة : ولكِنَّ أصحابي هؤُلاءِ لَو كانوا سُئِلوا عَنّي ما قالوا فِيَّ ما قُلتَ في صاحِبِكَ .
قالَ : إنّا وَاللّه ِ لا نَقولُ الباطِلَ .
فَقالَ لَهُم مُعاوِيَة : لا وَاللّه ِ ولاَ الحَقَّ . ۲