293
جواهر الحكمة للشّباب

3 / 30

قَيسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَة

قَيسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبادَةَ الأَنصارِيُّ الخَزرَجِيُّ السّاعِدِيُّ ، هُوَ أحَدُ الصَّحابَة ومِن كِبارِ الأَنصار . وكانَ يَحظى بِاحتِرامٍ خاصٍّ بَينَ قَبيلَتِهِ وَالأَنصار وعامَّةِ المُسلِمين ، وكانَ شُجاعاً ، كَريمَ النَّفسِ ، عَظيماً ، مُطاعاً
في قَبيلَتِهِ .
وكانَ طَويلَ القامَةِ ، قَوِيَّ الجِسمِ ، مَعروفاً بِالكَرَمِ ، مَشهوراً بِالسَّخاءِ . حَمَلَ اللِّواءَ في بَعضِ حُروبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله . وهُوَ مِنَ السَّبّاقينَ إلى رِعايَةِ حُرمَةِ الحَقِّ ، وَالدِّفاعِ عَن «خِلافَةِ الحَقِّ» و «حَقِّ الخِلافَةِ» وإمامَةِ الإِمامِ أميرِ المُؤمِنين عليه السلام بَعدَ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله .
وكانَ مِن صَحابَةِ الإِمامِ عليه السلام المُقَرَّبينَ وحُماتِهِ الثّابِتينَ في أيّامِ خِلافَتِهِ عليه السلام . وَلاّهُ عليه السلامعَلى مِصر ، فَاستَطاعَ بِحُنكَتِهِ أن يُسكِتَ المُعارِضينَ ويَقضِيَ عَلى جُذورِ المُؤامَرَةِ .
حاوَلَ مُعاوِيَة آنذَاكَ أن يَعطِفَهُ إلَيهِ ، بَيدَ أنَّهُ خابَ ولَم يُفلِح . وبَعدَ مُدَّةٍ اِستَدعاهُ الإِمامُ عليه السلام وأشخَصَ مَكانَهُ مُحَمَّدَ بنَ أبي بَكر لِحَوادِثَ وَقَعَت يَومَئِذٍ .
وكانَ قَيس قائِداً لِشُرطَةِ الخَميس ، وأحَدَ الاُمراءِ في صِفّين ، إذ وَلِيَ رَجّالَةَ البَصرَة فيها .
تَوَلّى قِيادَةَ الأَنصار عِندَ احتِدامِ القِتالِ وكانَ حُضورُهُ فِي الحَربِ مهيباً . وخُطَبُهُ في تَمجيدِ شَخِصيَّةِ الإِمامِ عليه السلام ، ورَفعُهُ عَلَمَ الطّاعَةِ لِأَوامِرِهِ عليه السلام ، وحَثُّ اُولي الحَقِّ وتَحريضُهُم عَلى مُعاوِيَة ، كُلُّ ذلِكَ كانَ أمارَةً عَلى وَعيِهِ العَميقِ ، وشَخِصيَّتِهِ الكَبيرَةِ ، ومَعرِفَتِهِ بِالتَّيّاراتِ السِّياسِيَّةِ وَالاِجتِماعِيَّةِ وَالاُمورِ الجارِيَةِ ، وطَبيعَةِ الوُجوهِ يَومَذاكَ .
وَلاّهُ الإِمامُ عليه السلام عَلى أذربيجان . وشَهِدَ قَيس مَعَهُ صِفّين وَالنَّهروان ، وكانَ عَلى مَيمَنَةِ الجَيشِ .
ولَمّا عَزَمَ الإِمامُ عليه السلام عَلى قِتالِ مُعاوِيَة بَعدَ النَّهروان ، ورَأى حاجَةَ الجَيشِ إلى قائِدٍ شُجاعٍ مُجَرَّبٍ مُتَحَرِّسٍ أرسَلَ إلَيهِ لِيَشهَدَ مَعَهُ الحَربَ .
وفي آخِرِ تَعبِئَةٍ لِلجَيشِ مِن أجلِ حَربِ المُفسِدينَ وَالمُعتَدينَ ، صَعِدَ الإِمامُ عليه السلامعَلى حِجارَةٍ وخَطَبَ خُطبَةً كُلَّها حُرقَةٌ وألَمٌ ، وذَكَرَ الشُّجعانَ مِن جَيشِهِ ـ ويَبدو أنَّ هذِهِ الخُطبَةَ كانَت آخِرَ خُطبَةٍ لَهُ ـ ثُمَّ أمَّرَ قَيسا عَلى عَشرَةِ آلافٍ . كَما عَقَدَ لِلإِمامِ الحُسَين عليه السلام عَلى عَشرَةِ آلافٍ ، ولِأَبي أيّوبَ الأَنصارِيِّ عَلى عَشرَةِ آلافٍ ، ومِنَ المُؤسِفِ أنَّ الجَيشَ قَد تَخَلخَلَ وَضعُهُ بَعدَ استِشهادِهِ عليه السلام .
وكانَ قَيس أوَّلَ مَن بايَعَ الإِمامَ الحَسَن عليه السلام بَعدَ استِشهادِ أميرِ المُؤمِنين عليه السلام ، ودَعَا النّاسَ إلى بَيعَتِهِ مِن خِلالِ خُطبَةٍ واعِيَةٍ لَهُ . وكانَ عَلى مُقَدَّمَةِ جَيشِهِ عليه السلام . ولَمّا كانَ عُبَيدُ اللّه ِ بنُ العَبّاس أحَدَ اُمَراءِ الجَيشِ ، كانَ قَيس مُساعِداً لَهُ ، وحينَ فَرَّ عُبَيدُ اللّه إلى مُعاوِيَة صَلّى قَيس بِالنّاسِ الفَجرَ ، ودَعَا المُصَلّينَ إلَى الجِهادِ وَالثَّباتِ ، ثُمَّ أمَرَهُم بِالتَّحَرُّكِ .


جواهر الحكمة للشّباب
292
  • نام منبع :
    جواهر الحكمة للشّباب
    المساعدون :
    غلامعلي، احمد
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 192232
الصفحه من 366
طباعه  ارسل الي