3 / 40
هاشِمُ بنُ عُتبَة
هاشِمُ بنُ عُتبَة بنِ أبي وَقّاصٍ المِرقالُ ، يُكَنّى أبا عَمرٍو ، وهُوَ ابنُ
أخي سَعدِ بنِ أبي وَقّاص العارِفُ السَّليمُ القَلبِ ، وأسَدُ الحُروبِ الباسِل . كانَ مِنَ الفُضَلاءِ الخِيارِ وكانَ مِنَ الأَبطالِ البُهَمِ ۱ . مِن صَحابَةِ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله الكِبارِ ، وكانَ نَصيرا وَفِيّا لِلإِمامِ أميرِ المُؤمِنين عليه السلام ، ومِنَ الشُّجعانِ الأَبطالِ .
أسلَمَ يَومَ الفَتح . وذَهَبَت إحدى عَينَيهِ في مَعرِكَةِ اليَرموك .
ثُمَّ سارَعَ إلى نُصرَةِ عَمِّهِ سَعدِ بن أبي وَقّاص . وتَوَلّى قِيادَةَ الجَيشِ في فَتحِ جَلَولاء . لُقِّبَ بِالمِرقال لِطَريقَتِهِ الخاصَّةِ فِي القِتالِ وفي هُجومِهِ عَلَى العَدُوِّ .
شَهِدَ مَعرِكَةَ الجَمَل وصِفّين . وإنَّ مَلاحِمَهُ ، وخُطَبَهُ في بَيانِ عَظَمَةِ الإِمامِ عَلِيٍّ عليه السلام ، وكَشفَهُ ضَلالَ الاُمَوِيِّين وسيرَتَهُمُ القَبيحَةَ ، كُلَّها كانَت دَليلاً عَلى عُمقِ تَفكيرِهِ ، ومَعرِفَتِهِ الحَقَّ وثَباتِهِ عَلَيهِ . دَفَعَ الإِمامُ عَلِيٌّ عليه السلامرايَتَهُ العُظمى إلَيهِ يَومَ صِفّين . وتَوَلّى قِيادَةَ رَجّالَةِ البَصرَة يَومَئِذٍ . اُستُشهِدَ في صِفّين عِندَ مُقاتَلَتِهِ كَتيبَةً اُمَوِيَّةً بِقِيادَةِ «ذُو الكَلاع» . وأثنى الإِمامُ أميرُ المُؤمِنين عليه السلام عَلى شَجاعَتِهِ وشَهامَتِهِ وثَباتِهِ وكِياسَتِهِ .
وهو الذي قال في جَوابِ استِنفارِ عَلِيٍّ عليه السلام قَبلَ حَربِ صِفّين خطابا للإمام : سِر بِنا يا أميرَ المُؤمِنين إلى هؤُلاءِ القَومِ القاسِيَةِ قُلوبُهُمُ ، الَّذينَ نَبَذوا كِتابَ اللّه ِ وَراءَ ظُهورِهِم ، وعَمِلوا في عِبادِ اللّه ِ بِغَيرِ رِضَا اللّه ِ ، فَأَحَلّوا حَرامَهُ وحَرَّموا حَلالَهُ ، وَاستَولاهُمُ الشَّيطانُ ووَعَدَهُمُ الأَباطيلَ ومَنّاهُمُ الأَمانِيَّ ، حَتّى أزاغَهُم عَنِ الهُدى وقَصَدَ بِهِم قَصدَ الرَّدى ، وحَبَّبَ إلَيهِمُ الدُّنيا ، فَهُم يُقاتِلونَ عَلى دُنياهم رَغبَةً فيها كَرَغبَتِنا فِي الآخِرَةِ إنجازَ
مَوعودِ رَبِّنا .
وأنتَ يا أميرَ المُؤمِنين ، أقرَبُ النّاسِ مِن رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله رَحِما ، وأفضَلُ النّاسِ سابِقَةً وقِدَما . وهُم يا أميرَ المُؤمِنين مِنكَ مِثلُ الَّذي عَلِمنا ، ولكِن كُتِبَ عَلَيهِمُ الشَّقاءُ ، ومالَت بِهِمُ الأَهواءُ وكانوا ظالِمينَ . فَأَيدينا مَبسوطَةٌ لَكَ بِالسَّمعِ وَالطّاعَةِ ، وقُلوبُنا مُنشَرِحَةٌ لَكَ بِبَذلِ النَّصيحَةِ ، وأنفُسُنا تَنصُرُكَ جَذِلَةً ۲ عَلى مَن خالَفَكَ وتَوَلَّى الأَمرَ دونَكَ . وَاللّه ِ ما اُحِبُّ أنَّ لي ما فِي الأَرضِ مِمّا أقَلَّت ، وما تَحتَ السَّماءِ مِمّا أظَلَّت ، وأنّي والَيتُ عَدُوّا لَكَ ، أو عادَيتُ وَلِيّا لَكَ .
فَقالَ عَلِيٌّ : اللّهُمَّ ارزُقهُ الشَّهادَةَ في سَبيلِكَ ، وَالمُرافَقَةَ لِنَبِيِّكَ صلى الله عليه و آله . ۳
«رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَ جِنَا وَذُرِّيَّـتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا .۴