47
المعلّي بن خنيس

المعلّي بن خنيس
46

موقف الإمام الصادق عليه السلام، من شهادة المعلّى بن خُنَيس :

في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال : كنت مع أبي عبداللّه مجاورا بمكة فقال لي : يا إسماعيل اخرج حتى تأتي مروا أو عسفان ۱ ، فاسأل هل حدث بالمدينة حدث؟ فخرجت حتى أتيت مروا فلم ألق أحدا، ثُمَّ مضيت حتى أتيت عسفان فلم يلقني أحد، فلمّا خرجت منها لقيتني عير تحمل زيتا من عسفان، فقلت لهم : هل حدث بالمدينة حدث؟
قالوا : لا، إلاّ قتل هذا العراقي الذي يقال له : المعلّى بن خنيس .
قال : فانصرفت إلى أبي عبداللّه عليه السلام، فلمّا رآني قال لي : يا إسماعيل قُتل المعلّى بن خنيس؟
فقلت : نعم .
فقال : أما واللّه لقد دخل الجنة ۲ .
يظهر أنّ الإمام الصادق عليه السلام أقام في مكة بعد نهاية موسم الحج، وأنّ داوود بن علي أقدم على قتل المعلّى في غيابه عن المدينة .
وفي الصحيح : لما قدم أبو إسحاق من مكة، فذكر له قتل المعلّى، فقام مغضبا يجر ثوبه، فقال له إسماعيل ابنه، يا أبتِ أين تذهب؟
فقال : «لو كانت نازلة لقدمت عليها» ، فجاء حتى قدم على داوود بن علي، فقال : يا داوود لقد أتيت ذنبا لا يغفره اللّه لك .
قال : وما ذلك الذنب؟
قال : قتلت رجلاً من أهل الجنة ۳ .
قال : ما أنا قتلته .
قال : فمن قتله؟
قال : قال : قتله السيرافي .
قال : فاقدرنا منه .
فقال : فلما كان الغد، غدا للسيرافي فأخذه فقتله، فجعل يصيح : يا عباد اللّه ، يأمرونني أن أقتل لهم الناس ثُمَّ يقتلونني ۴ .
وأكثر من رواية صحيحة ذكرت أنّ الإمام الصادق عليه السلام اقتص من السيّاف الذي قتل المعلّى، وكان ذلك صاحب شرطة داوود بن علي، وعند قتله أخذ يصيح : يا عباد اللّه ، يأمرونني أن أقتل لهم الناس، ثُمَّ يقتلونني؟! وهذا الاُسلوب قد عرفناه من داوود بن علي في جعل الناس كبش فداء لمخططاته العدوانية، كما فعل بقتل أبي سلمة الخلاّل .
ومن خطابه عليه السلام لداوود بن علي لمّا قتل المعلّى بن خُنَيس وأخذ ماله، قال الإمام الصادق عليه السلام : قتلت مولاي وأخذت مالي! أما علمت أنّ الرجل ينام على الثكل ولا ينام على الحرب! أما واللّه لأدعون اللّه عليك .
فقال له داوود : «تهددنا بدعائك»، كالمستهزئ بقوله .
فرجع أبو عبداللّه إلى داره، فلم يزل ليله كلّه قائما وقاعدا وساجدا وهو ينادي : اللّهمَّ إنّي أسألك بقوتك القوية، وبجلالك الشديد، وبعزتك التي خلقك له ذليل، أن تصلي على محمّد وآل محمّد، وأن تأخذه الساعة . ۵
قال : فواللّه ما رفع رأسه من السجود حتى ۶ سمعنا الصائحة .
فقالوا : مات داوود بن علي .
فقال : أبو عبداللّه عليه السلام : إنّي دعوت اللّه بدعوة بعث بها اللّه إليه ملكا، فضرب رأسه بمرزبة انشقت منها مثانته ۷ .
وغيرها من الروايات في موت داوود بن علي بدعاء الإمام الصادق عليه السلام عليه . وعند مراجعة كتب التراجم والتاريخ في مدرسة الخلفاء، نجد ذكر زمان وفاة داوود بن علي متقارب ومنسجم مع الروايات الشيعية من دون ذكر الأسباب .
قال ابن خياط : مات داوود بن علي سنة «132 ه» في غرة ربيع الأول ۸ .
وقال الطبري : مات داوود بن علي سنة «132 ه» بالمدينة في شهر ربيع الأول، وكانت ولايته ـ فيما ذكر محمّد بن عمر ـ ثلاثة أشهر ۹ .
وقال الذهبي : مات في ربيع الأول سنة «132 ه» بعد أن أقام الموسم، وعاش اثنتين وأربعين سنة ۱۰ ، وأدرك من دولتهم ثمانية أشهر ۱۱
.
وهكذا فقد مات داوود بن علي بعد رجوعه من الموسم، وهو في تمام قواه وعنفوان شبابه، عن عمر يناهز 42 سنة، وقد مات حتف أنفه وهو ما ينسجم مع الروايات الشيعية المتقدمة، وبعد شهادة المعلّى أخذ الإمام الصادق عليه السلاميترحم عليه ويذكره، وقد قضى عنه دينه .
في الصحيح عن الوليد بن صبيح قال : جاء رجل إلى أبي عبداللّه عليه السلام يدعي على المعلّى دينا عليه، وقال : ذهب بحقي .
فقال : أبو عبداللّه : «ذهب بحقك الذي قتله»، ثُمَّ قال للوليد : ثم إلى الرجل واقضه حقه، فإنّي أريد أن أُبرد عليه جلده الذي كان باردا ۱۲ .

1.المروة : جبل بمكة يعطف على الصفا (معجم البلدان ، ج ۵، ص ۱۱۶)، وعسفان : منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة ، وقال السكري : عسفان على مرحلتين، من مكة على طريق المدينة ، والجحفة على ثلاث مراحل (معجم البلدان ، ج ۴، ص ۱۲۲) .

2.رجال الكشّي ، ج ۲، ص ۶۷۴، رقم ۷۰۷ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ۱۸، ص ۲۳۸، رقم ۱۲۴۹۶ .

3.في الخبر إضافة موضوعة وهي : قال الإمام الصادق بعد أن قال : «قتلت رجلاً من أهل الجنة» ثم مكث ساعة، ثم قال : «إن شاء اللّه » . فقال داوود : وأنت أذنبت ذنباً لا يغفره اللّه لك! قال : وما ذاك؟ قال : زوّجت ابنتك فلانة الأموي! قال : إن كنت زوّجت فلاناً الأموي فقد زوّج رسول اللّه صلى الله عليه و آلهعثمان، وليَّ برسول اللّه أُسوة . فإن هذا المقطع لا ينسجم مع سياق الرواية والقرائن الحالية .

4.رجال الكشّي ، ج ۲، ص ۶۷۷ ـ ۶۷۸، رقم ۷۱۱ .

5.الكافي ، ج ۲، ص ۵۱۳ (ح ۵) ؛ خاتمة المستدرك ، ج ۵، ص ۲۹۵ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ۱۸، ص ۲۴۲، رقم ۱۲۴۹۶ .

6.الإرشاد، ج ۲، ص ۱۸۵، وفيه : حثى ارتفعت الأصوات بالصياح .

7.بحارالأنوار ، ج ۴۷، ص ۹۷ ـ ۹۸ وص ۱۷۷ ـ ۱۷۸ ؛ مناقب آل أبي طالب ، ج ۴، ص ۲۵۱ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۵، ص ۲۵۸ ؛ رجال الكشّي ، ج ۲، ص ۶۷۵، رقم ۷۰۸ ؛ الخرائج والجرائح ، ج ۲، ص ۶۱۱ ؛ الفصول المهمة ، ص ۲۲۶ ؛ ونحوه الكافي ، ج ۲، ص ۵۱۳ (ح ۵) .

8.تاريخ خليفة بن خياط ، ص ۳۳۱ .

9.تاريخ الطبري ، ج ۸، ص ۳۶۴ .

10.سِيَر أعلام النبلاء ، ج ۵، ص ۴۴۴، رقم ۱۹۸ .

11.مختصر تاريخ دمشق ، ج ۸، ص ۱۵۲ .

12.الكافي ، ج ۵، ص ۹۴ (ح ۸) ؛ خاتمة المستدرك ، ج ۵، ص ۲۹۲ .

  • نام منبع :
    المعلّي بن خنيس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 49557
الصفحه من 260
طباعه  ارسل الي