إلى إيران ، مع أنّه يعلم أنّي لم أشهد باجتهاد هؤلاء الذين كتبت لهم بالرجوع إليهم في المسائل والقضاء ، فإنّ مذهبي في المسألة معروف ، فإنّي أُجوّز القضاء بالتقليد . نعم ، ما شهدت في كلّ عمري باجتهاد أحد إلاّ أربعة : الشيخ عبداللّه نعمة العاملي ، والشيخ عبدالحسين الطهراني ، والشيخ عبدالرحيم البروجردي والمولى علي كني . . . .
وبعد رجوعه إلى طهران أقبلت النفوس عليه وحاز ثقة الخاصّة والعامّة ، ورجع إليه الناس في التقليد وطبعت رسالته العملية الفارسية «إرشاد الأُمّة» سنة 1271 قبل وفاة الشيخ الأنصاري بإحدى عشر سنة .
ورأس رئاسة مطلقة و حاز مرجعيّة كبيرة وزعامة شملت كلّ أنحاء إيران بشكل لم يحصل عليه مَنْ سبقه أو عاصره أو تأخّر عنه .
وكان السلطان ناصرالدين شاه منقادا ومطيعا لأمره ونهيه ، وقد نال ـ بفضل اللّه ـ نعمة وافرة بعد أن قاسى الفقر المدقع سنينا طويلة ، وكان سرّ ثرائه أنّه اشترى قرية خربة متروكة بثمن بخس ، وشقّ لها قناة ونجحت ونمت بمائها الغزير وأحيت موات الأرض وصارت غلّتها أُلوف التومانات يومذاك وظلّت تنمو وتزدهر وتفيض بالخيرات وأثرى ثراءا كبيرا ، وأدّى حقّ النعمة كاملاً فقد انفجرت من أياديه ينابيع الإحسان ، وتوافرت العطايا والمنن على كافّة طبقات المحتاجين من أهل العلم والشرف والدين والإباء ، وتوافدوا إليه من أرجاء البلاد ولم يخب أمل راجيه ومؤمّليه في حال من الأحوال .
وكان يوزّع ما يُهدى إليه وينفق ما بين يديه وأهل الخير والبرّ والإحسان والعطف يمدّونه بسيل الأموال من حقوق اللّه لإنفاقها على عيال اللّه الفقراء ، لما قيل : «الفقراء عيال اللّه والأغنياء وكلاؤه