187
توضيح المقال في علم الّرجال

لاينبغي الريب حينئذٍ في ظهور إطلاقه في العدالة على مذهب السائل .
وقد مرّ عن التعليقة حكاية ركون الأصحاب إلى توثيق وتضعيف ابن فضّال وابن عُقدة ، بل أخذ الجميع منه ، مع ظهور أنّهم لايحملونهما على مذهبيهما ، فظهر أنّهم حملوهما على ما في مذهبنا أو على الإطلاق ، ولعلّه الأظهر .
ولا ينافيه إثبات العدالة في مذهبنا بذلك ؛ لتحمّل الإطلاق لذلك ، بل قد عرفت أنّ التغاير بأمر خارج لا توجب خصوصيّاته تعدّد الأفراد ، فتأمّل جيّداً ، فإنّه متين نافع في دفع جملة من الشبهات من غير حاجة إلى ما في الفوائد المشار إليها في دفع الإشكال الآتي من دعوى ظهور اتّحاد سبب الجرح والتعديل في المذهبين سوى الاعتقاد بإمامة إمام ، فإنّه ـ كما ترى ـ غير ما أشرنا إليه ، كما لا يخفى .
والأمر الثاني : أنّهم كثيراً مّا يطلقون اللفظين في حقّ شخص ، ثمّ يصرّحون متّصلاً به أو منفصلاً ـ وكذا يصرّح غيرهم ـ بأنّه فطحيّ أو واقفيّ أو ناووسيّ ، فلو كان فيهما الدلالة على الإماميّة ، كان بين التصريحين تنافٍ وتناقض ، وليس البناء عليه ، بل على الجمع بينهما ، إلاّ أن يرجّح الأوّل بمرجّحٍ خارجي .
وبالجملة ، كان مقتضى التناقض التزام الترجيح مطلقاً ، لاتقديم الأخير على الأوّل ، فهذا كاشفٌ آخر عن عدم دلالة اللفظين على الإماميّة .
ويدفع : بأنّا على فرض البناء على استفادة الإماميّة من نفس اللفظين أو مع القرينة لم نَدَّعِ صراحتهما في ذلك حتّى يلزم ما ذُكر ، بل المدّعى ظهورهما فيه ، ولا ريب أنّه يخرج عن الظهور بالتصريح بالخلاف إذا لم يكن موهوناً في نفسه أو بأمرٍ خارج ، ولم يكن الظهور معتضداً بما لايقاومه التصريح المذكور ، فإنّ الجمع بين إطلاق توثيق شخص ورمي الآخر للموثّق بالفطحيّة ونحوها ليس من الجمع بين المطلق والمقيّد تعبّداً أو ما يقرب منه ، بل للظهور النوعيّ الذي يُقدَّم عليه الظهور الشخصيّ على البناء على اعتبار الظنّ ، كما هنا وفي باب الألفاظ ، والموثِّق لعلّه لم يقف على ما ذكره المضعِّف أو اكتفى بظهور حال المضعَّف أو بقرينة أُخرى خارجيّة ، فلا نقول بمسامحته ولا تقصيره ولا خطئه مع أنّه لايوجب خطأه في أصل مدلول اللفظ ،


توضيح المقال في علم الّرجال
186

والظاهر جريان هذا البحث في اللفظ السابق أيضاً على ما قرّرناه من استفادة الإماميّة منه أو معه بل على عدمها أيضاً ؛ إذ منشو?الإشكال وجهان :
أحدهما : أنّ غير الإماميّ إذا أطلق الثقة على شخص فهل يستفاد منه كونه إماميّاً بالمعنى الأخصّ وهو الاثني عشريّ ، أو بالمعنى الموافق لمذهب القائل ، أو بالمعنى الأعمّ؟
وثانيهما : أنّه هل يستفاد منه العدالة الخاصّة بمذهبنا أو بمذهبه أو بالمعنى الأعمّ؟ فبالنسبة إلى الأخير لافرق بين اللفظين ولو على عدم استفادة الإماميّة من أوّلهما .
وكيف كان فالوجه عدم الاختصاص ، فلا يعتبر في القائل الإماميّة الخاصّة .
أمّا بالنسبة إلى الإشكال الأوّل ؛ فلعموم أكثر الوجوه المذكورة في استفادة الإماميّة من اللفظين المزبورين ولو مع قرينة خارجيّة ، أو من الخارج الصرف .
وأمّا بالنسبة إلى الثاني ؛ فلأنّ أصل المعنى المعبّر عنه بالعدالة والوثوق ـ الموجب للركون إلى قول صاحبه والاعتماد عليه ـ هو معنى عامّ لا يختصّ بدين دون دين ، ولا بمذهب دون مذهب ، فإنّه عبارة عن التزام العبد بمهمّات ما في دينه ومعظمات ما في مذهبه ، أو عن حالة ذلك فيه ، وإنّما الاختلاف فيما في الدين والمذهب .
وتقييد العدالة بكونها في المذهب في كلام مَنْ أثبتها لمن يخالفه فيه ـ كما نذكر ذلك بالنسبة إلى مَنْ خالفنا ، ولعلّهم يذكرونه أيضاً بالنسبة إلينا ، بخلاف إثباتنا للموافق لنا فيه ـ إنّما هو من باب الإتيان بما يصرف الظهور الناشئ من الإطلاق ، الموجب للاختصاص ببعض أفراد المطلق ، كقولك : ائتني بإنسانٍ أيَّ إنسان كان .
وقد نترك القيد إمّا لإنكار الظهور المزبور أو لعدم قوّته أو للاتّكال على أمر خارج . ومن هنا أطلق النجاشيّ بل غيره عدالةَ كثيرٍ ممّن خالفنا .
ولا يخفى أنّه قد يكون أحد المذاهب أظهر وأجلى ولو لكثرة أهله وانتشارهم ، فالإطلاق يوجب الصرف إلى العدالة في ذلك المذهب وإن كان المُطلِق من غير أهله ، خصوصاً إذا كان كثير الاختلاط والصحبة معهم ، لاسيّما إذا كان مرجِعاً لهم يأخذون منه التعديل والتضعيف ، وخاصّةً حيث كان السائل منه عن حال شخص منهم ، فإنّه

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    المساعدون :
    مولوي، محمد حسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1421 ق / 1375 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86357
الصفحه من 344
طباعه  ارسل الي