199
توضيح المقال في علم الّرجال

الاعتماد عليهم ، لا صحّة رواياتهم بحيث يستغنى عن ملاحظة أحوال مَن يروُون عنه كما فيما مرّ .
وهذه الشهرة حكاها غيره أيضاً وإن كان في نقله رحمه الله كفاية .
وقد نقل أيضاً أقوالاً في بيان مستند المشهور ، فعن قائل أنّه حكم العلاّمة بالصحّة . وعن جماعة أنّهم مشايخ الإجازة ، وهَمْ ثقات لايحتاجون إلى التوثيق نصّاً . وعن أُخرى : أنّ مشايخ الإجازة لاتضرّ مجهوليّتهم ؛ لأنّ حديثهم مأخوذ من الأُصول المعلومة ، وذكرهم لمجرّد اتّصال السند أو للتبرّك . ۱
قلت : لايخفى ضعف الجميع ، وحيث لا يعتبر في اعتبار الشهرة متأصّلةً أو مرجّحةً ثبوت مدركها لم يكن لنا حاجة إلى تطويل الكلام في إثبات مدرك صحيح لها ، كما لم نحتج إلى إثبات مدرك الإجماع على ما مرّ .
ومنها : قولهم : «صحيح الحديث» ولا ريب في إفادته مدح الراوي في روايته مدحاً كاملاً ، بل في نفسه أيضاً ، كما مرّ فيما سبقه .
وهل يفيد وثاقته وعدالته أيضاً أم لا؟ أسند الأوّلَ في الفوائد إلى توهّم بعض . ۲
قلت : قد صرّح بذلك كثير منهم خصوصاً مَنْ تأخّر عنه ، وظاهرٌ أنّهم أرادوا به

1.فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۵۷ .

2. والذي يظهر أنّه في عبائر القدماء أضعف من قولهم : «ثقة في الحديث» وذلك لما حكاه غير واحد منهم في الفوائد : «أنّ المراد به عند القدماء هو ما وثقوا بكونه من المعصوم عليه السلام أعمّ من أن يكون منشو?وثوقهم كون الراوي من الثقات وأمارات أُخر ، ومن أن يقطعوا بصدوره عنه عليه السلام أو يظنّوا به» . ثمّ قال : «ولعلّ اشتراطهم العدالة ـ على ما أشرنا ـ إليه لأجل أخذ الرواية عن الراوي من دون حاجة إلى التثبّت وتحصيل أمارات تورث لهم الوثوق المعتدّ به ، كما أنّه عند المتأخّرين أيضاً كذلك» . . فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۲۷ .


توضيح المقال في علم الّرجال
198

قلت : الاحتمالات السابقة في «أجمعت العصابة . . .» جارية في المقام ، بل بعض ما فيه من الأقوال كاستفادة وثاقة مَنْ قيل في حقّه على ما سمعت من بعد نفيه في الفوائد ، لكنّ المتيقّن منه بل لعلّه الظاهر من العبارة منهم مجرّد البناء على قبول روايتهم من جهتهم لامطلقاً ، وعلى ما في الفوائد مجرّد وثاقتهم لا وثاقة غيرهم ممّن يروون عنه ، مع احتمال البناء على قبول رواياتهم مطلقاً ، فلا يُلاحَظ مَنْ بعدهم في السند ، كما أنّه المراد من قولهم : «يسكنون إلى مراسيله» أو : «أجمعوا على قبولها» .
ولعلّ من الأوّل دعوى الشهيد الثاني رحمه الله إطباق أصحابنا ـ عدا ابن داوُد ـ على الحكم بصحّة حديث محمّد بن إسماعيل النيسابوريّ .
هذا كلّه في دعوى الإجماع والاتّفاق على التصحيح أو العمل ، وأمّا دعوى الشهرة على أحدهما فهل تعتبر كالأُولى أم لا؟ الأظهر : الأوّل .
أمّا على حجّيّة الشهرة ؛ للنصّ أو لقاعدة الانسداد : فظاهِرٌ ، وكذا على اعتبارها في تعيين الطريق .
وأمّا على عدم البناء عليها في الأحكام وفي التعيين المزبور : فالظاهر الاعتبار هنا أيضاً ؛ لما بيّنّاه في تتمّة المقدّمة .
إذا عرفتَ هذا ، فالشهرة إمّا محقَّقة أو محكيَّة ، والأُولى تُعلم بمراجعة الكتب الاستدلاليّة مع زيادة التتبّع . والثانية بها أو بملاحظة كتب الرجال أو الدراية أو الحديث أو غير ذلك .
ومن ذلك ما في فوائد المولى البهبهاني رحمه الله حيث قال : «واعلم أنّ المشهور يحكمون بصحّة حديث أحمد بن محمّد المذكور ـ يعني أحمد بن محمّد بن يحيى ـ وكذا أحمد ابن محمّد بن الحسن بن الوليد ، والحسين بن الحسن بن أبان إذا لم يكن في سنده مَنْ يُتأمّل في شأنه» . ۱
قلت : ومنه يظهر أنّ الحكم بصحّة حديث هؤلاء ليس إلاّ لبيان توثيقهم أو مجرّد

1.. فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۵۷ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    المساعدون :
    مولوي، محمد حسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1421 ق / 1375 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86500
الصفحه من 344
طباعه  ارسل الي