203
توضيح المقال في علم الّرجال

ومنها : قولهم : «لا بأس به» .
واختلف في إفادته التوثيق أو مطلق المدح ، أو لا هذا ولا ذاك .
وهذا الاختلاف من جهة المعنى العرفي مع ملاحظة القرائن ، وإلاّ فظاهر معناه اللغوي التوثيق ، فإنّ مَنْ لا عذاب له ـ أي لا استحقاق [له] ـ لا يكون في الغالب إلاّ عَدْلاً ، فتدبّر ، حيث إنّ النظر إلى العرف .
فالذي يظهر لنا منه أنّه لايقدح في السند من جهته ، أي يُعمل به ، وهذا يلازم كونه ممدوحاً مدحاً معتدّاً به ، بل ثقة في الرواية ، بل مطلقاً وإن لم يكن كسائر الثقات .
ويؤيّده ما في ترجمة إبراهيم بن محمّد بن فارس : أنّه لا بأس به في نفسه ولكن ببعض مَنْ يروي هو عنه ، وما في ترجمة حفص بن سالم : أنّه ثقة لابأس به.
وفي الفوائد : «والأوفق بالعبارة والأظهر : أنّه لابأس به بوجه من الوجوه .
ولعلّه لذا قيل بإفادته التوثيق ، واستقربه المصنّف في متوسّطه ، ويومئ إليه ما في تلك الترجمة ـ أي ترجمة إبراهيم المذكور ـ وترجمة بشّار بن يسار .
ويؤيّده قولهم : ثقة لابأس به ، منه ما سيجيء في حفص بن سالم .
والمشهور أنّه يفيد المدح . وقيل : يمنع إفادته المدح أيضاً . وفي الخلاصة عَدَّهُ من القسم الأوّل ، فعنده أنّه يفيد مدحاً معتدّاً به ، فتأمّل» ۱انتهى .
ومنها : قولهم :«أسند عنه» . ۲
ولنقتصر هنا على حكاية ما في الفوائد وما في منتهى المقال ؛إذ لم يُبْقِيا بعدُ لقائلٍ قولاً .
ففي الأوّل :«قيل : معناه سمع عنه الحديث ، ولعلّ المراد على سبيل الاستناد والاعتماد ، وإلاّ فكثير ممّن سمع عنه ليس ممّن أسند عنه . وقال جدّي رحمه الله : المراد روى عنه الشيوخ واعتمدوا عليه ، وهو كالتوثيق ، ولا شكّ أنّ هذا المدح أحسن من : لا بأس به . انتهى .

1.فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۳۱ و ۳۲

2.. بمعنى أنّه روى عنه الشيوخ واعتمدوا عليه . . . و هو كالتوثيق ، كما في : روضة المتّقين ج ۱۴ ، ص ۴۷ .


توضيح المقال في علم الّرجال
202

وربّما يظهر ذلك من المحقّق الداماد أيضاً في الحسين بن أبي العلاء .
وعندي أنّهما يفيدان مدحاً مُعتدّاً به .
وأقوى من هذين : وجه من وجوه أصحابنا ، فتأمّل» ۱ انتهى .
قلت : ذكر المصنّف في الترجمة المزبورة: ربّما استفيد توثيقه من استجازة أحمد ابن محمّدبن عيسى ، ولا ريب أنّ كونه عيناً من عيون هذه الطائفة ووجهاً من وجوهها أَولى .
وحكى في التعليقة في الترجمة المزبورة عن جدّه أنّه قال : «عين» توثيق ؛ لأنّ الظاهر استعارته بمعنى الميزان باعتبار صدقه ، كما كان الصادق عليه السلام يسمّي أبا الصباح بالميزان ؛ لصدقه ، بل الظاهر أنّ قولهم : «وجه» توثيق ؛ لأنّ دأب علمائنا السابقين في نقل الأخبار كان عدم النقل إلاّ عمّن كان في غاية الثقة ، ولم يكن يومئذٍ[لهم] مال ولا جاه حتّى يتوجّهوا إليهم بهما ، بخلاف اليوم ، وكذا يحكمون بصحّة خبره» . ۲ انتهى .
قلت : إذا عرفت كفاية ما ذُكر في التوثيق ، فاللازم البناء على أنّ قولهم : «أوجه من فلان» أو : «أصدق» أو : «أوثق» أو : «أورع» أو : «أعدل» ونحو ذلك يفيد الوثاقة إذا كان المفضَّل عليه وجهاً أو صدوقاً وغير ذلك ، بل يستفاد من الثلاثة الأخيرة الوثاقة والورع والعدالة مطلقاً ؛ لاعتبارها في الصيغة المذكورة ، بإضافة كونها أشدّ أو أظهر .
وظهر ممّا ذُكر أيضاً أنّ قولهم :«شيخ الطائفة» أو : «من أجلاّئها» أو: «معتمدها» [كذلك] . ۳
قال في الفوائد : «وإشارتها إلى الوثاقة ظاهرة ، مضافاً إلى الجلالة ، بل أولى من الوكالة وشيخيّة الإجازة وغيرهما ممّا حكموا بشهادته على الوثاقة ، سيّما بعد ملاحظة أنّ كثيراً من الطائفة ثقات فقهاء فحول أَجِلَّة . وبالجملة ، كيف يرضى منصف بأن يكون شيخ الطائفة في أمثال المقامات فاسقاً!؟» . ۴ انتهى .

1.. فوائد الوحيد البهبهاني .

2.. تعليقة الوحيد البهبهاني ، ص ۹۷ .

3.. أضفناها لاقتضاء السياق .

4.. فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۵۱ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    المساعدون :
    مولوي، محمد حسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1421 ق / 1375 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86240
الصفحه من 344
طباعه  ارسل الي