211
توضيح المقال في علم الّرجال

ألفاظ الرواية ، وإيراد الرواية التي ظاهرها الغلوّ أو التفويض أو الجبر أو التشبيه كما هي في كتبنا المعتبرة ، بل هي مشحونة منها كالقرآن ، مع أنّ عادة المصنّفين إيرادهم جميع ما رووه كما يظهر من طريقتهم ، مضافاً الى ما ذكره في الفقيه وغيره . وكذا من أسبابه رواية فاسدي العقيدة عنه وعكسه ، بل وربّما كان مثل الرواية بالمعنى ونظائره سبباً . وبالجملة ، أسباب قدح القدماء كثيرة» ۱ إلى آخر ما ذكره ـ لايخلو من نظر ؛ لأنّا لا نُنكِر كثرة أسباب القدح عندهم [ إنمّا ] ۲ نمنع التعبير عن أمثال ذلك بمطلق ضعف الرجل .
ومنها : «ضعيف في الحديث» و «مضطرب الحديث» و «مختلط الحديث» و «ليس بنقيّ الحديث» و «يُعرف حديثه ويُنكر» و «غُمز عليه في حديثه» و «منكر الحديث» وأمثال ذلك .
ولا دلالة فيها على القدح في العدالة ، بل الظاهر من التقييد عدمه ، ولعلّه لذا ـ أو غيره ـ لم يذهب ذاهب هنا إلى إفادتها القدح في العدالة وإن كان مقتضى مصيرهم إلى استفادة وثاقة الرجل من قولهم : «ثقة في الحديث» القدح فيها بما ذُكر ، فكما أنّه يبعد الوثوق بأحاديث رجل ما لم يكن ثقةً في نفسه ، فكذا يبعد الحكم بأمثال ما ذُكر ما لم يكن ضعيفاً في نفسه .
لكنّ الظاهر وضوح الفرق ؛ لظهور كون الوثاقة منشأ الوثوق بالرواية ، ولا ملازمة في الغالب بين ما ذُكر وفسق الرجل أو ضعفه في نفسه .
وفي الفوائد : «أنّها ليست من أسباب الجرح وضعف الحديث على رواية المتأخّرين . نعم ، هي من أسباب المرجوحيّة معتبرة في مقامها» . ۳
وذكر أيضاً : « أنّه فرق بين «ضعيف» وقولهم : «ضعيف في الحديث» فالحكم بالقدح فيه أضعف ، وسيجيء في سهل بن زياد .
وقال جدّي رحمه الله : الغالب في إطلاقاتهم أنّه ضعيف في الحديث ، أي : يروي عن

1.. فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۳۷ .

2.. فى الأصل : «إنّا» بدل «إنّما» ، و الظاهر ما أثبتناه .

3.. فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۴۳ .


توضيح المقال في علم الّرجال
210

مثل أكثر ما سبق ، فيتميّز عند التعارض .
وأمّا إفادته القدح في نفس الرجل فلعلّه كذلك حيث أُطلق ولم يكن قرينة ـ كتصريح أو غيره ـ على الخلاف .
والظاهر أنّ إليه نَظَرَ الأكثرِ في استفادة قدح الرجل منه .
فما في الفوائد ـ بعد حكاية ذلك عنهم : «ولا يخلو من ضعف ؛ لما سنذكر في داود بن كثير وسهل بن زياد وأحمد بن محمد بن خالد وغيرهم» ۱
ثمّ قال : «وقال جدّي رحمه الله : تراهم يُطلقون الضعيف على مَنْ يروي عن الضعفاء ويرسل الأخبار» . ۲
قلت : قد عرفتَ أنّه ليس كذلك عند الإطلاق ، وأمّا مع نصب القرينة بتصريحٍ أو غيره فهو خارج عن كلام الأكثر ، ألاترى أنّهم كثيراً مّا يقولون : فلان ثقة في نفسه إلاّ أنّه يروي عن الضعفاء والمجاهيل ، وكثيراً مّا يقولون : ضعيف في الرواية فليس بنقيّ الحديث ، أو غمز في حديث ، ونحو ذلك .
فما فيها أيضاً تأييدا لما سمعته ـ من قوله : «لعلّ من أسباب الضعف عندهم قِلّةُ الحافظة وسوءُ الضبط ، والرواية من غير إجازة ، والرواية عمّن لم يَلْقَه ، واضطراب

1. ـ لا يخلو من بحث ؛ إذ غاية الأمر وجود قرينة وتصريح بالخلاف حتّى من المضعِّف . وهذا لا ينافي إفادته عند الإطلاق ؛ لما ذكرنا ، مع أنّا لاحظنا ما أشار إليه من التراجم ، فلم نقف فيها على ما ينافي مفاد الإطلاق المزبور ، فلاحِظْ وتأمّل . ثمّ إنّ الذي يظهر منهم أو ينبغي إرادتهم مطلق القدح في نفس الرجل ، لاخصوص الفسق ، فيشمل ما لو كان التضعيف لسوء الضبط وقلّة الحافظة أو عدم المبالاة في الرواية في أخذها ونقلها . فلا بأس بما في الفوائد أيضاً من قوله : «كما أنّ تصحيحهم غير مقصور على العدالة ، فكذا تضعيفهم غير مقصور على الفسق ، وهذا غير خفيّ على مَنْ تتبّع وتأمّل» .

2.. فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۳۷ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    المساعدون :
    مولوي، محمد حسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1421 ق / 1375 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86519
الصفحه من 344
طباعه  ارسل الي