حديث معتمد ، لكان مأخوذاً من الأصل غالباً ، وإنّما قيّدنا بالغالب ؛ لأنّه ربّما كان بعض الروايات وقليلها يصل معنعناً ولا يؤخذ من أصل ، وبوجود مثل هذا فيه لايصير أصلاً ، فتدبّر» . ۱
قلت : فهذه في الظاهر أقوال ثلاثة في المراد بالأصل والفرق بينه وبين الكتاب .
والذي يظهر أنّ مرجعها إلى أمر واحد خصوصاً في تفسير الأصل ، ومنشو?ظهور الاختلاف قصور العبارة ، وقد زُعم وفاؤها بانضمام بعض ما عند صاحبها من قرائن والتفاتات خَفِيَت على غيره . ومن هنا وجب على المعبّر فرض نفسه مستفيداً من العبارة نفسها مع قطع النظر عمّا عنده ممّا يفارق العبارة ولا يصاحبها .
والمتحصَّل : أنّ الأصل مجمع أخبار وآثار جُمعت لأجل الضبط والحفظ عن الضياع لنسيان ونحوه ، ليرجع الجامع وغيره في مقام الحاجة إليه ، وحيث إنّ الغرض منه ذلك لم ينقل فيه في الغالب ما كتب في أصل أو كتاب آخر لحفظه هناك ، ولم يكن فيه من كلام الجامع أو غيره إلاّ قليل ممّا يتعلّق بأصل المقصود ، وهذا بخلاف الكتاب ؛ إذ الغرض منه أُمور ، منها : تحقيق الحال في مسألة . ومنها : سهولة الأمر على الراجع إليه في مقام العمل ، فيأخذ منه ما يحتاج إليه ، ولذا ينقل فيه من كتابٍ أو أصلٍ آخر ما يتعلّق بذلك ويبوّب ويفصّل ، ويذكر فيه من كلام الجامع ما يتعلّق بردّ وإثبات وتقييد وتخصيص وتوضيح وبيان ، وغير ذلك ممّا يتعلّق بالغرض المزبور .
ونظير القسمين عندنا موجود أيضاً ، فمرّة نكتب في أوراق أو مجموعة ما نسمعه من صريح كلام فاضل أو غيره ، أو نستنبطه من فحواه أو إشاراته ، أو نلتفت إليه بأفكارنا وسيرنا في المطالب ، سواء كان ذلك مطلباً مستقلاًّ أو دليلاً على مطلب أو إيراداً و نقضاً على خيال أو نكتة ودقيقة أو سرّ أو علّة لمقصود ، إلى غير ذلك ، فنسرع إلى جمعه في مقام ليكون محفوظاً إلى وقت الحاجة . وربّما ننقل فيه من كتاب وقفنا عليه مع زعم صعوبة وصولنا إليه بعد ذلك . وأُخرى نكتب تصنيفاً لتحقيق مطالب ومقاصد