271
توضيح المقال في علم الّرجال

وكيف كان فيقال لمقابله الذي هو المشهور : المحفوظ ، فإن كان راوي المحفوظ في كلّ مرتبة أحفظ أو أضبط أو أعدل من راوي الشاذّ ، فذاك شاذّ مردود ، وإلاّ فلا يردّ بل يرجّح .
ومنهم مَنْ ردّه مطلقاً ، ومنهم مَنْ قَبِله كذلك .
وإن لم يكن راوي الشاذّ ثقةً ، فهو حينئذٍ منكر ومردود ، ولعلّ الغرض اختصاص اجتماع اللفظين بذلك كاختصاص لفظَيِ «الشاذّ» و«المردود» بما مرّ ، وإلاّ فالمردود أعمّ ، فافهم .
وقد يُطلق «المردود» على مطلق ما لم يترجّح صدق المخبر به ولو لبعض الموانع ، فيشمل المشتبه حاله ، وهذان أيضاً من مصطلحاتهم فلا تغفل .
ثمّ إنّ المشهور كما قد يُطلق على ما اشتهر الفتوى به وإن لم يشتهر نقله ، كذا الشاذّ قد يُطلق على ما يندر الفتوى به وإن اشتهر نقله .
ومن هنا يظهر أنّه لو شمل قوله عليه السلام : «خُذْ بما اشتهر بين أصحابك» ۱ ما اشتهر في النقل والفتوى أيضاً ، كذا الشاذّ يشمل ما شذّ نقله والفتوى به .
والظاهر ـ كما يظهر من الرواية أيضاً اتّحاد ـ الشاذّ والنادر .
ومنه يظهر أنّ للشاذّ معنىً آخر سبق إليه الإشارة في الفرق بين الأصل والكتاب والنوادر . ۲
ومنها : العزيز . وهو ما لايرويه أقلّ من اثنين ، سمّي عزيزاً ؛ لقلّة وجوده ، أو لكونه عَزَّ ، أي قوي ، لمجيئه من طريقٍ آخر ، كذا في الدراية . ۳
والظاهر إرادة ذلك في جميع المراتب حتّى يقرب إلى عزّة الوجود في الجملة بل إلى القوّة .

1.. الرعاية ، ص ۷۰ .

2.. عوالي اللآلي ، ج ۴ ، ص ۱۳۳ ، ح ۲۲۹ .

3.. في ص ۲۹۵ عند قوله : «و المراد من الشاذّ عند أهل الدراية ما رواه الراوي الثقة مخالفا لما رواه الأكثر ، و هو مقابل المشهور» .


توضيح المقال في علم الّرجال
270

وقد يطلق الغريب على غير المتداول في الألسنة والكتب المعروفة ، بل قد يطلق في عرف العلماء وغيرهم على ما اشتمل متنه على بيان أمر أو حكم أو طرز [أو] ۱ وتفصيل غريب .
وربّما يطلق حتّى في عرف العلماء وغيرهم على ما اشتمل متنه على لفظ غامض بعيد عن الفهم ؛ لقلّة استعماله في الشائع من اللغة .
قال في الدراية : «وهو فنّ مهمّ من علوم الحديث يجب أن يُتَثَبَّتَ فيه أشدّ تثبّت ؛ لانتشار اللغة وكثرة معاني الألفاظ الغريبة ، فربّما ظهر معنى مناسب للمراد ، والمقصود غيره ممّا لم يصل إليه ، وقد صنّف فيه جماعة من العلماء .
قيل : أوّل مَنْ صنّف فيه النَضْرُ بن شُمَيل . وقيل : أبو عبيدة مَعْمَرُ بن المثنّى . وبعدهما أبو عبيد ۲ القاسم بن سلاّم ، ثمّ ابن قتيبة ثمّ الخطّابي ، فهذه أُمّهاته . ثمّ تبعهم غيرهم بزوائد وفوائد ، كابن الأثير ، فإنّه بلغ بنهايته النهاية ، ثمّ الزمخشري ففاق في الفائق كلَّ غاية ، والهرويّ فزاد في غريبيه غريبَ القرآن مع الحديث ، وغيرِ مَنْ ذُكِرَ من العلماء شكر اللّه تعالى سَعْيَهُم» . ۳
قلت : قد زاد عليهم بجمع ما أهملوه شيخنا الشيخ الطُرَيحي النَخَعيّ في مجمع البحرين .
وربّما يطلق على الغريب اسم المفرد ؛ لتفرّد راويه ووحدته ، فإن كان جميع السند كذلك فهو المفرد المطلق ، وإلاّ فالمفرد النسبي ، أي بالنسبة إلى تفرّد البعض .
وقد يطلق عليه أيضاً اسم الشاذّ ، والمشهور المغايرة بينهما .
فنقول : منها الشاذّ . وهو ما يرويه الثقة مخالفاً لما رواه الأكثر ، وظاهرهم ـ إن لم يختصّ باختلافهم في نقل لفظ الرواية ، فيشمله مع ما كان اختلافهم في المستفاد منها والأكثر ، كما يُعلم بالتتبّع ـ الاختصاص بالأخير .

1.. فيالأصل : «و» بدل «أو» ، و الظاهر ما أثبتناه .

2.. فيالأصل : «أبوعبيدة» ، و الصحيح ما أثبتناه .

3.. الرعاية ، ص ۱۲۶ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    المساعدون :
    مولوي، محمد حسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1421 ق / 1375 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86300
الصفحه من 344
طباعه  ارسل الي