59
توضيح المقال في علم الّرجال

ستّة أميال ، فأخبرته بذلك في السفر فوضعه في الحضر .
مضافاً إلى أنّ معرفة وثاقة الراوي وضبطه وغير ذلك من الاُمور الموجبة للقطع أوالظنّ إنّما هي بالرجوع إلى الرجال ، وإن حصل لنا القطع بعده ، فإنّا لم نجعل منشأ الافتقار حصول خصوص الظنّ .
ومن هنا يظهر قوّة ما أشرنا إليه من أنّ مجرّد دعوى قطعيّة الصدور لايلازم الغنى عن الرجال ، فلاحظ .
ومن هنا يظهر أنّ حصول العلم لنا بل مطلقاً باتّصاف الرواة بهذه الأوصاف في غاية الندرة ، على أنّ بقاء الراوي على الوثاقة وغيرها من الصفات الموجبة للقطع بما يخبر به إلى حين إخباره غير معلوم في أكثر الرواة أو جميعهم ، وثبوتها في الجملة غير كافٍ في مقام حصول العلم وإن اكتفي به للاستصحاب أو غيره في مقام الظاهر .
كما أنّ ثبوتها علماً حين بعض رواياته ۱ لا تكفي إلاّ في هذا البعض ، مع أنّ ذلك كلّه ـ على فرض تسليمه ـ إنّما ينفع في حال الاختيار وعدم خوف تقيّة ونحوها ، وإلاّ فلا ؛ لجواز بل لزوم التحرّز عن الضرر بإظهار غير المعتقد ولو بتورية ونحوها لاسيّما إن اُريد بالقطع قطعيّة المفاد .
وفي الثاني من وجوهها ـ بعد جملة ممّا سمعت ، سواء اُريد بالناقل الثقة المشافه للمعصوم عليه السلام أو غيره أو مطلقاً ـ أنّ احتمال الدسّ في كتابه من المخالفين أو المعاندين له أو لمالك كتابه أو من الهازل أو الفاسق كيف ينسدّ ، خصوصاً مع ما ورد نحوه في أخبار كثيرة مرّ بعضها ، وكيف العلم مع عدم انسداده!؟
وأيضاً فالغلط من الكتاب بما يخفى ويتغيّر به المعنى ممّا لا يخفى ، إلى غير ذلك ممّا لايجامع العلم احتماله ، خصوصاً إن أُريد الثقة غير المشافه كالمشايخ الثلاثة وأضرابهم ؛ لأنّ حصول العلم لهم بصدور جميع ما جمعوه عن المعصوم عليه السلاممع كثرة الوسائط ، وتضعيفهم لكثير من ذلك ـ كما في الفقيه وزيادة في التهذيب والاستبصار ـ

1.. كذا في الأصل .


توضيح المقال في علم الّرجال
58

المركّب من غير الخصم المنازع .
وبما ذكرناه من إيجاب تعارض أخبار الأحكام ـ كما هو الغالب ـ الافتقارَ ولو لم يلاحظ معها أخبار العلاج اندفع ما أمكن أن يقال ـ بل قيل ـ من اختصاص أخبار العلاج بزمن الحضور ؛ لتصريح بعضها بالإجازة إلى ملاقاة الإمام عليه السلام ، ولظهورها في صورة ظنّيّة الأخبار دون قطعيّتها ، كما هو المفروض عند الخصم ، وللإجماع المركّب ، فإنّ كلّ مَنْ قال بالقطعيّة نفى الرجوع إلى أخبار العلاج ، والأوّل ثابت بما مرّ فكذا الثاني .
مضافاً إلى ما في دعوى الاختصاص المزبور بوجوهه على التقرير الآخر الملحوظ فيه أخبار العلاج أيضاً أو خصوصها .
ونقول تفصيلاً وإن كان أيضاً جمليّاً : إنّا نمنع الصغرى والكبرى ، كما أشرنا إلى منعهما في الإجمال .
ففي الوجه الأوّل في الصغرى : أنّ حصول القطع من المتن في غاية الندرة ، وكذا من الاعتضاد ، و على فرضه ـ على ندرته ـ لا يلازم حصوله في غيره ، والافتقار في الغالب كافٍ ، بل هو المدّعى .
وكذا من كون الراوي ثقةً ؛ لمنع حصول القطع للراوي الثقة ؛ لعدم لزومه لا في الرواية ولا في العمل ، فلعلّه أخذها ممّن يثق به تعبّداً أو ظنّاً خاصّاً أو مطلقاً ، وعلى تسليمه فحصوله لايستلزمه لنا؛لاحتمال السهو والنسيان والذهول عن القرينة أو خفائها ، كما وقع في كثير من الرواة فردعَهم : بقوله عليهم السلام : «ليس كما ظننت» ۱ أو «ليس كما تذهب» ۲ أو «ما أراك بعد إلاّ هاهنا» . وفي باب الأوقات : «قلت لهم : مسّوا بالمغرب قليلاً ، فتركوها حتّى اشتبكت النجوم» .
وفيه أيضاً بعد ذكر أبي الخطّاب ولعنه قال : إنّه لم يكن يحفظ شيئاً حدّثته أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله غابت له الشمس في مكان كذا وكذا ، وصلّى المغرب بالشجرة وبينهما

1.. بحار الأنوار ، ج ۷۱ ، ص ۱۵ ، ح ۲۶ .

2.. بحار الأنوار ، ج ۲۲ ، ص ۳۳۱ ، ح ۴۲ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    المساعدون :
    مولوي، محمد حسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1421 ق / 1375 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86260
الصفحه من 344
طباعه  ارسل الي