وأمّا أنّه مسألة اُصوليّة ، فإن اُريد أصل الاصطلاح ، فواضح البطلان . وإن أُريد الحكم باعتبار محلّ اصطلاح دون آخر ، فهو كذلك ، إلاّ أنّ دليله الكتاب والسنّة .
ففي الاعتبار آيات حجّيّة الأخبار كآية النبإ والسؤال والإنذار ، والأخبار الدالّة على اعتبار قول الثقة ، خصوصاً وعموماً ، بالتصريح أو التعليل وغير ذلك ، وقد جُمع أكثرها في الوسائل ، مضافاً إلى الإجماع والسيرة .
وفي العدم الآيات والأخبار الناهية عن العمل بالظنّ وتقليد الآباء ، مضافاً إلى الإجماع أيضاً مع عدم الاعتضاد بأمرٍ خارج ، وليس المقام مقام التفصيل .
وأمّا استلزامه لضعف أكثر الأحاديث المعلوم نقلها من الاُصول المُجْمَع عليها فممنوع بعد ثبوت كونها من الأصل المجمع على اعتبار تمام ما فيه ، كيف! والعمل بالضعيف المجبور بالشهرة مشهور عندهم إن لم يكن مجمعاً عليه فكيف بالمجبور بالإجماع على العمل به!؟
نعم ، هو كذلك مع عدم ثبوت ما ذكر إمّا بعدم ثبوت كونها من الأُصول أو عدم كون الأصل مُجمعاً عليه أو مجمعاً على جميع ما فيه مع فقد سائر أسباب الاعتضاد . وظاهر أنّه لايرد في ذلك شيء من اللوازم المزبورة في هذا الوجه .
ومع التسليم فإنّما هو في بعض الأحاديث لا أكثرها .
ثمّ إنّ في دعوى الإجماع على الأُصول القديمة مع فرض وجودها أن محقّقه غيرُ ثابتٍ ، خصوصاً إن أُريد بغير فَقْدٍ وانتخاب . أو قطعيّة الصدور ، ومحكيّه غيرُ نافعٍ في إثبات هذا المرام ، مع وهنه بردّ أكثر الأصحاب أو جميعهم لكثيرٍ ممّا فيها ، وقد اعترف في الوجه الثاني من وجوهه بترجيحهم كثيراً مّا للحديث المرويّ في غير الكتاب المعروض على المعصوم عليه السلامعلى المرويّ فيه ، كيف! ولازمه كون أرباب الأُصول ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، لاخصوص المذكورين في الرجال .
مضافاً إلى ما قيل من أنّ وجه الإجماع والعمل غير معلوم أنّه من جهة مطلق الظنّ أو كونه بناء العدل أو غير ذلك ، ومثله غير حجّة ، لا لاختلاف مستند الفتوى ، بل لاختلاف المفتى به ، ومن هنا سمّي إجماعاً تقييديّاً .