75
توضيح المقال في علم الّرجال

تتمّة :

إخبار علماء الرجال بما يفيد تشخيص ذوات الرواة ببيان الأسامي والكُنى والألقاب والأنساب وغيرها ، وصفاتهم ببيان أوصاف المدح والقدح وغيرهما هل هو من باب مطلق النبإ والرواية أو من باب الشهادة أو غير ذلك؟
الذي يظهر بالتتبّع في كلماتهم أنّ فيه قولين ، وأنّ المشهور على الأوّل ، وصاحب المعالم وبعض مَنْ تبعه على الثاني .
فأمّا القول بكونه من باب الظنون المعتبرة بقاعدة الانسداد فموضعه مقام الرجوع إليهم لاهنا ، إلاّ أن يراد بها الظنون الاجتهاديّة ، يعني أنّه من باب الفتوى المبتنية على الظنون الاجتهاديّة ، فيكون من الوجه الأخير حيث إنّ الظاهر من النبإ والرواية غير الفتوى ، مع احتمال كونه من الأوّل ، فيخصّ الأخير بما لم أقف على قائله وإن حكي عن بعضهم ، وهو أنّه من باب قول أهل الخبرة وإن كانت حكاية على ما هو ببالي في مقام الرجوع أيضاً ، إلاّ أنّه فيه مستلزم لما ذكرناه بالنسبة إلى المقام الأوّل ، كما أنّ الوجه عدم خروجه بذلك عن القول الأوّل ، كما لايخفى . كما أنّه لايخفى على المتتبّع في كلماتهم أنّ كثيراً منهم لم يفرّق بين المقامين ، ولعلّه لملازمة أكثر الأقوال في أحدهما لها في الآخر ، فتدبّر .
وكيف كان فالحقّ في المقام الأوّل أنّ جملة ممّا صدر منهم من باب الشهادة ، وهو أكثرهما في كلمات المتقدّمين ـ كعليّ بن الحسن بن فضّال والفضل بن شاذان ونحوهما ـ وإن كان الأقلّ في كلمات المتأخّرين إلاّ بطريق النقل وإن لم يصرّحوا به أحياناً ، وجملة منه من باب الفتوى والإخبار عن المختار بالاجتهاد في فحاوى كلمات المتقدّمين والقرائن الخارجية . وهذا عكس الأوّل بالنسبة إلى الطائفتين ، ولعلّ إليه نظر المشهور في إطلاق كونه من مطلق النبإ ، أي الشامل للخبر الخارجي والفتوى وإن كان في مقابل الشهادة ، فلم يكن إطلاقه مطلقاً .
وتوجيهه : أنّ من الواضح عدم كون الفتوى شهادةً وكذا الإخبار اعتماداً على قول


توضيح المقال في علم الّرجال
74

بتصحيح الغير ما عرفت ، ولا أقلّ من الشهرة القويّة الموهِنة للتمسّك بالعمومات .
وأمّا على الثالث : فلأنّ المعتبر بقاعدة الانسداد ـ كما قرّر في محلّه ـ إنّما هو الظنّ المستقرّ ؛ لوضوح أنّه من باب الإلجاء والضرورة ، والعقل إنّما يحكم بخصوص ذلك لامطلقاً ، وحصول الاستقرار من تصحيح الغير ممنوع جدّاً ، كيف! و احتمال خطئه في كلّ واحد من رجال السند على زعم غيره قائمٌ ، وهو احتمال يمكن دفعه بالرجال ، بخلافه في حقّ نفسه بعد الرجوع فلا نقض . مضافاً إلى ما يرى من كثرة اختلافاتهم في التصحيح .
ومنه يظهر مانع آخر ، وهو لزوم الترجيح عند التعارض ، كما في الجرح والتعديل ، فلابدّ من الفحص في جميع الكتب المشتملة على التصحيح والتضعيف ، كما نفحص في الرجال عن المعارِض ، ولا يلتزم به المخالف .
وأيضاً فأيّ فرق بين الظنّ الحاصل من اجتهاد الغير في التصحيح والتضعيف واجتهاده في الأحكام ، فكيف يكتفي المخالف بأحدهما دون الآخر!؟
ومن هنا أمكن تقرير دليلٍ آخر على المنع على هذا الفرض ، وهو أنّ الظنّ الحاصل من اجتهاد الغير ولو كان مستقرّاً فهو مثل الظنّ القياسي ونحوه الممنوع عن العمل به مع فرض الانسداد من باب التخصيص أو التخصّص،وذلك لمصيرهم ـ كما عرفت ـ إلى عدم اعتبار الظنّ الحاصل من اجتهاد الغير في حقّ غيره .
ثمّ إنّ هذا البحث إنّما هو مع التمكّن من مراجعة الرجال مع عدم مانعٍ آخر عنها ، وإلاّ بأن تعذّرت لحبس أو سفر مع وجوب الاستنباط عيناً أو كفايةً من مثله أو مطلقاً أو تعسّرت شديداً أو استلزمت لمحرّمٍ آخر من فوات واجب الاستنباط أو الوجوب المستنبط من الأحكام التكليفيّة الواجبة ، فلا أجد خلافاً في عدم وجوب المراجعة وقيام تصحيح الغير مقامها .
وليس فيه سقوط وجوب المقدّمة مع بقاء وجوب ذيها أو سقوط وجوب ذيها المفروض خلافه ، بل هو من باب قيام مقدّمة مقام أُخرى عند تعذّرها ، كتحصيل الصعيد واستعماله عند تعذّر الماء لو فقده إلى غير ذلك من موارد ترتيب المقدّمات .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    المساعدون :
    مولوي، محمد حسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1421 ق / 1375 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86403
الصفحه من 344
طباعه  ارسل الي