تتمّة :
إخبار علماء الرجال بما يفيد تشخيص ذوات الرواة ببيان الأسامي والكُنى والألقاب والأنساب وغيرها ، وصفاتهم ببيان أوصاف المدح والقدح وغيرهما هل هو من باب مطلق النبإ والرواية أو من باب الشهادة أو غير ذلك؟
الذي يظهر بالتتبّع في كلماتهم أنّ فيه قولين ، وأنّ المشهور على الأوّل ، وصاحب المعالم وبعض مَنْ تبعه على الثاني .
فأمّا القول بكونه من باب الظنون المعتبرة بقاعدة الانسداد فموضعه مقام الرجوع إليهم لاهنا ، إلاّ أن يراد بها الظنون الاجتهاديّة ، يعني أنّه من باب الفتوى المبتنية على الظنون الاجتهاديّة ، فيكون من الوجه الأخير حيث إنّ الظاهر من النبإ والرواية غير الفتوى ، مع احتمال كونه من الأوّل ، فيخصّ الأخير بما لم أقف على قائله وإن حكي عن بعضهم ، وهو أنّه من باب قول أهل الخبرة وإن كانت حكاية على ما هو ببالي في مقام الرجوع أيضاً ، إلاّ أنّه فيه مستلزم لما ذكرناه بالنسبة إلى المقام الأوّل ، كما أنّ الوجه عدم خروجه بذلك عن القول الأوّل ، كما لايخفى . كما أنّه لايخفى على المتتبّع في كلماتهم أنّ كثيراً منهم لم يفرّق بين المقامين ، ولعلّه لملازمة أكثر الأقوال في أحدهما لها في الآخر ، فتدبّر .
وكيف كان فالحقّ في المقام الأوّل أنّ جملة ممّا صدر منهم من باب الشهادة ، وهو أكثرهما في كلمات المتقدّمين ـ كعليّ بن الحسن بن فضّال والفضل بن شاذان ونحوهما ـ وإن كان الأقلّ في كلمات المتأخّرين إلاّ بطريق النقل وإن لم يصرّحوا به أحياناً ، وجملة منه من باب الفتوى والإخبار عن المختار بالاجتهاد في فحاوى كلمات المتقدّمين والقرائن الخارجية . وهذا عكس الأوّل بالنسبة إلى الطائفتين ، ولعلّ إليه نظر المشهور في إطلاق كونه من مطلق النبإ ، أي الشامل للخبر الخارجي والفتوى وإن كان في مقابل الشهادة ، فلم يكن إطلاقه مطلقاً .
وتوجيهه : أنّ من الواضح عدم كون الفتوى شهادةً وكذا الإخبار اعتماداً على قول