باب في ذكر الإمام عليّ بن موسى عليهما السّلام
هو أبوالحسن الرضا، سميّ عليّ وعليّ، اعطي فهم الأوّل وحلمه ونصره وورده ودينه، واعطي محبّة الآخر وورعه وصبره على مايكره. صاحب الألسن واللّغات، ذوالأعلام الباقيات، مرضيّ الصديق والعدوّ، أفضل آل أبي طالب، محيي سنّة رسول اللّه، وليّ العهد من اللّه، غريب خراسان، بحر الجود والعلم، طود الوقار والحلم، السيّد المعصوم، أمان أهل خراسان، الصابر على البأساء والضرّاء، مفخر طوس، من يده كيد عيسى، مشهده مثل عصا موسى.
فصل
اعلم أنّ اللّه سمّاه في اللّوح المحفوظ بالرضا، وأومأ به أنّه يرضى به الأعداء والأولياء، وقد رضيت الملائكة شمائله وأخلاقه وأقواله وأفعاله، وارتضاه اللّه ورضي عنه وأرضاه، وكان العالمون يتعجبّون منه إذ وجدوه مطّلعا على كلّ لسان ولغة يتكلّم بجميع ذلك، وكذلك كان آباؤه وأبناؤه إلى خاتم الأئمّة فقد علّمهم اللّه كما علّم آدم الأسماء كلّها.
وكان المأمون قد بعث إلى المدينة من حمله إلى مرو في المفاوز والبراري لا في العمران لئلاّ يراه الناس فيرغبوا فيه، فما من منزل من منازله إلاّ و له عليه السّلام فيه معجزة معروفة يرويه العامّة والخاصّة، وله أعلام بالأهواز إذ نزل على بابها يوما، وبنيسابور آيات، ولمّا بلغ قرب القرية الحمراء زالت الشمس ولم يكن معه ماء، فبحث بيده المباركة الأرض قليلا فنبع منها الماء وهو باق إلى اليوم. ولمّا وصل إلى سناباد نزل إلى جنب جبل وقال: اللّهمّ اجعله نافعا لينتفع به الناس، وبارك فيه وفيما ينحت منه ويجعل من حجره، ثمّ أمر فنحت له قدور من ذلك الجبل، وقدور أهل الدنيا تتّخذ منه إلى الآن. ثمّ دخل القبّة الّتي فيها قبر هارون وخطّ بيده على الموضع الّذى هو قبره وقال: هذه تربتي