جعفر الكذّاب. ۱ وأمر المنصور بإحضار أبي عبداللّه فلمّا حضر قال له: قتلني اللّه إن لم أقتلك، أتلحد في سلطاني وتبغيني الغوائل؟ فقال أبوعبداللّه: واللّه ما فعلت ولاأردت، فإن كان بلغك فمن كاذب. فقال: إنّ فلانا أخبرني عنك بما ذكرت، قال: أحضره فاحضر. فقال: قد سمعت عن جعفر كذا و كذا، فاستحلفه فابتدأ باليمين، فقال أبوعبداللّه: دعني احلّفه أنا، فقال له: افعل، فقال أبوعبداللّه للسّاعي قل: برئت من حول اللّه وقوّته والتجأت إلى حولي وقوّتي، فحلف فما برح حتّى ضرب برجله، فقال المنصور: أخرجوه لعنه اللّه.
وبعث داود بن عليّ بن عبداللّه بن عبّا ـ وكان واليا بالمدينة ـ جماعة إلى أبي عبداللّه عليه السّلام يحضره إلى داره ليقتله،فلمّا دخلوا عليه وغلّظوا في الكلام له، فدعا اللّه ثمّ قال: إنّ صاحبكم مات فارتفع الأصوات بالصياح، وقيل: مات داود بن عليّ الساعة.
وقال[عليه السلام]: وجدت علم النّاس في أربع: اوّلها: أن تعرف ربّك، والثاني: أن تعرف ما صنع بك، والثالث: أن تعرف ما أراد منك، والرابع: أن تعرف ما يخرجك عن دينك. ۲
1.«روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أنّه قال: إذا ولد جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين ابني فسمّوه «الصّادق» فإنّه يولد من ولد ابنه ولد يقال له «جعفر الكذب» ويل له من جرأته على اللّه وتعدّيه على أخيه صاحب الحقّ، وإمام زمانه وأهل بيتي».
دلائل الإمامة، ص ۲۴۸ وأيضا انظر: الهداية الكبرى، ص۲۴۸، مناقب ابن شهر آشوب، ج۴، ص۲۷۲
2.«الإرشاد: روى نقلة الآثار أنّ المنصور لمّا أمر الرّبيع بإحضار أبي عبداللّه عليه السلام فأحضره، فلمّا بصر به المنصور قال له: قتلني اللّه إن لم أقتلك، أتلحد في سلطاني؟ وتبغيني الغوائل؟ فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: واللّه ما فعلت ولا أردت فإن كان بلغك فمن كاذب، ولو كنت فعلت لقد ظلم يوسف فغفر، وابتلي أيّوب فصبر، واعطي سليمان فشكر، فهؤلاء أنبياء اللّه، وإليهم يرجع نسبك.
فقال له المنصور: أجل ارتفع هاهنا، فارتفع، فقال له: إنّ فلان بن فلان أخبرني عنك بما ذكرت، فقال: أحضره يا أميرالمؤمنين ليوافقني على ذلك، فأحضر الرّجل المذكور فقال له المنصور: أنت سمعت ما حكيت عن جعفر؟ قال: نعم، فقال له أبوعبداللّه عليه السّلام: فاستحلفه على ذلك. فقال له المنصور: أتحلف؟ قال: نعم وابتدأ باليمين، فقال له أبوعبداللّه عليه السّلام: دعني يا أميرالمؤمنين أ حلّفه أنا؟ فقال له: افعل، فقال أبوعبداللّه عليه السلام للساعي: قل: برئت من حول اللّه و قوّته، والتجأت إلى حولي و قوّتي، لقد فعل كذا و كذا جعفر، فامتنع منها هنيئة، ثم حلف بها، فما برح حتّى ضرب برجله، فقال أبوجعفر: جرّوا برجله، فأخرجوه لعنه اللّه.
قال الربيع: وكنت رأيت جعفر بن محمّد عليه السّلام حين دخل على المنصور يحرّك شفتيه، كلّما حرّكهما سكن غضب المنصور، حتّى أدناه منه، وقد رضي عنه، فلمّا خرج أبوعبداللّه عليه السلام من عند أبي جعفر المنصور اتّبعته، فقلت له: إنّ هذا الرجل كان من أشدّ الناس غضبا عليك، فلمّا دخلت عليه وأنت تحرّك شفتيك كلّما حرّكتهما سكن غضبه، فبأيّ شيء كنت تحرّكهما؟ قال: بدعاء جدّي الحسين بن عليّ عليهما السلام، قلت: جعلت فداك وما هذا الدّعاء؟ قال: «يا عدّتي عند شدّتي، ويا غوثي في كربتي، احرسني بعينك الّتي لاتنام، واكنفني بركنك الّذي لايرام».
قال الربيع: فحفظت هذا الدّعاء، فما نزلت بي شدّة قطّ إلاّ دعوت به ففرّج، قال: وقلت لجعفر بن محمّد عليه السلام: لم منعت السّاعي أن يحلف باللّه؟ قال: كرهت أن يراه اللّه يوحّده و يمجّده فيحلم عنه، ويؤخّر عقوبته، فاستحلفته بما سمعت فأخذه اللّه أخذة رابية».
الإرشاد، ص۲۹۰، بحارالأنوار، ج۴۷، ص۱۷۴و۱۷۵