شرح حديث"من عرف نفسه فقد عرف ربّه" - الصفحه 155

وناظرا، فحينئذ يكون دائما في حفظ نفسه عن الإنّيّة والفرعونيّة والبغي والطغيان، وهذا كمال معرفة الرّب في معرفة النفس، ثم إنّ الألف المبسوط هو العقل، والعقل الكلّ هو النبيّ ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ.
السادس: أنّه من عرف نفسه أنّها ذات مراتب مختلفة، يعرف أنّ ربّه سبحانه لايتّصف بها، لأنّه لو كان متّصفا بها لكان مثلنا وكان متغيّر الأحوال بتغيّر حال النفس فلا يستحق حينئذ الربوبيّة، فيعرف أنّ ربّه لايتّصف بوصف النفس فلا تكون له نفس، فحينئذ يعرف ربّه و حينئذ صار موحدا كاملا، لقوله عليه السلام «كمال التّوحيد نفي الصّفات عنه» ۱ أي نفي صفات الممكن ونفي صفات المخلوق، فحينئذ يتميّز الخالق من المخلوق والواجب عن الممكن و ذلك هو التوحيد، لقوله ـ عليه السلام ـ «التّوحيد تمييزه عن خلقه» ۲ فتمييزه عن خلقه عبارة عن كونه سبحانه لاشريك له و لا ندّ له ولا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته ولا[في]فعله ولا في عبادته، و ذلك هو المعرفة الكاملة، وذلك هو التوحيد الكامل والوحدانيّة الخالصة، وذلك قوله ـ عليه السلام ـ: «من عرف نفسه فقد عرف ربّه» أي بالكمال وبعدم الشريكيّة و بعدم المثاليّة وبعدم النّدية في جميع ما ذكر .
السابع: أنّه من عرف نفسه أنّها كانت عارفة بربّها في الذرّ في قوله ـ عليه السلام ـ «بلى لم ينكره هنا بل يعرفه كما عرفه ثمّة» فمن هنا قال ـ عليه السلام ـ «من عرف نفسه فقد عرف ربّه».
الثامن: أنّه «من عرف نفسه» أنّها كانت منكرة لربّها في الذرّ فى ردّ «بلى» فينكره هنا ولا يعرفه، لقوله ثمّة «لا» بسوء اختياره بسبب إنكاره لوليّه ثمّة، لأنّ من أنكره فكأنّما أنكر ربّه، لأنّ معرفة الوليّ من شرط معرفة الربّ ،وإن كان منكر الرّب غير موجود ثمّة وهاهنا. فمن هنا قال ـ عليه السلام ـ «من عرف نفسه فقد عرف ربّه» أي من عرف خباثة

1.كتاب التوحيد، ص۵۷؛ عن الرضا عليه السلام، أسرار الايات، ص۴۰؛ شرح اصول كافى، ص۲۳۰؛ مفاتيح الغيب، ص۲۵۴؛ قرة العيون،ص۳۴۳؛ كلمات مكنونة، ص۲۰؛ رياض السالكين، ج۱، ص۲۵۸.

2.قرةالعيون، ص۳۴۵ و كلمات مكنونة، ص۲۲ و ورد فيهما: توحيده تمييره من خلقه.

الصفحه من 167