شرح حديث"من عرف نفسه فقد عرف ربّه" - الصفحه 156

نفسه و طهارتها يعرف ربّه أنّه لا يخلق الكفر في قلب الإنسان ولا يجعله كافرا، بل الكفر والإيمان بسوء اختياره، وبحسن اختياره فيختار، منهما ما يختار، لقوله «لا إكراه في الدّين»۱ أي في الذّرّ وفي أوائل الإسلام.
التاسع: أنّ «من عرف نفسه» أنّها حجاه بينه و بين الله، وهو مانع عن الوصول إلى الحقّ، وهو مانع عن الوصول إلى رضوانه، فحينئذ يجدّ جدّا بليغا في رفعه ورفع هذا المانع؛ ليصل إلى الحقّ و إلى رضوانه، فلا يتّبع حينئذ هواه أصلا بمجاهدته بنفسه في كلّ حال، بل يتّبع في كل حالاته رضاه تعالى، حينئذ يخالف دائما لنفسه ويوافق دائما لربّه، وذلك كمال المعرفة لربّه، فلذلك قال ـ عليه السلام ـ«من عرف نفسه فقد عرف ربّه» و قال ـ عليه السلام ـ «أعرفكم بنفسه أعرفكم لربّه، أعرفكم بربّه أعلمكم بنفسه» ۲ .
العاشر: أنّ من عرف نفسه أنّها أمّارة كثيرا بل دائما إلى السوء والفحشاء والمنكر والبغي، يعرف أنّ الله لزمه من باب اللطف أن يضع مقابلها ما يمنعه دائما في الظاهر والباطن: أمّا المانع الباطنىّ فهو العقل المعبّر عنه بالنبيّ الباطنيّ، وأمّا المانع الظاهريّ فهو النبيّ الظاهريّ وبعده وليّه بإرسال الرسل والأولياء لا بالرّسول والوليّ الواحدين كما فعل. فذلك معنى قوله ـ عليه السلام ـ:«من عرف نفسه فقد عرف ربّه» بالكمال في جميع فعاله ومن جملتها خلقه تعالى لعباده ولهدايتهم[با] الرسول الباطنيّ والرسول الظاهريّ، وإنزاله تعالى لهم الكتب من السماء لئلاّ يخلّى عباده على رؤوسهم ليفعلوا ما يريدون ويعملوا ما يشاؤون، بل له تعالى أن يرسل إليهم رسولا مبلّغا يبلّغهم أوامره ونواهيه ويرشدهم إلى ما يحّبه ويبغضه، فحينئذ يعرف جميع ذلك بمعرفة نفسه، فمن هنا قال ـ عليه السلام ـ:«من عرف نفسه فقد عرف ربّه».
ومن جملة معرفة الرّب كونه سبحانه غير لاعب وغير عابث في خلق عباده، بل له في

1.البقرة۲۵۶/

2.اين حديث با اين تعبير در مصدرى يافت نشد. اما فراز اول در برخى مصادر آمده است، عبارت: «أعرفكم بنفسه أعرفكم بربّه» در اين مصادر آمده است: روضة الواعظين، ص۲۵؛ روض الجنان، ص۱۷۴؛ شواهد الربوبية، ص۲۱۷؛ المبدأ والمعاد،ص ۳۰۲

الصفحه من 167