شرح حديث"من عرف نفسه فقد عرف ربّه" - الصفحه 157

خلقهم غرض معتدّ به وهو معرفته والعبادة له والذّلّ والخضوع لديه، وهو قوله «وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون»۱ أي ليعرفون. وبديهيّ أنّ طرق العبادة لاعلم لنا بها جدّا، فلزم حينئذ مبيّن يبيّن لنا تلك الطّرق كلاّ وجزءا أ صولا وفروعا، وذلك لايمكنه تعالى لذاته فلزم إرسال الرسل وإنزال الكتب ونصب الأولياء والأوصياء إلى انقراض العالم.
ثمّ إنّك إذا عرفت ذلك تعرف أنّ في معرفة النفس معرفة جميع ما ذكر، ففي قوله ـ عليه السلام ـ: «من عرف نفسه فقد عرف ربّه» جميع الأ صول والفروع، وجميع الأحكام الدّنيويّة والأ خرويّة، وجميع الأحكام الرّبوبيّة والعبوديّة، فتدبّر ولا تغفل. فالعلم نقطة إذا شرحتها كثّرتها إلى ما لانهاية له، فأصل العلوم هي النّقطة وهي المعبّر عنها بعليّ الوليّ للنبيّ الهاشميّ ـ صلوات الله عليه وآله ـ فافهم.
الحادي عشر: أنّ من عرف نفسه أنّها من شعاع النفس الكلّية، يعرف ربّه أي مربّي نفسه وهو النبيّ والولي ومن يربيّهما وهو خالقهما الأقدس، ففي معرفة النفس معرفة الربّ ومعرفة النّبيّ ومعرفة الوليّ؛ لأنّ الرّبّ يطلق على الرّبّ الحقيقيّ الواجب، وعلى الرّبّ الظّاهريّ الممكن وهو النّبيّ والوليّ ،فإنّهما يربّيان جميع المكلّفين؛ لأنّهما الأبوان الرّوحانيّان كما قال النّبيّ:«أنا و أنت يا علىّ أبوا هذه الأ مّة» ۲ أي الأب الرّوحانيّ لا الجسمانيّ ،فافهم.
فالنّبيّ والوليّ هما النّفس الكلّية من شعاعها سائر الّنفوس، وبديهيّ أنّ مربّي الشعاع هو ذوالشّعاع، ومربّي النّور هو المنير، ومربّي المنير هو اللّه تعالى، فهو تعالى يربّي النّور والمنير كليهما، لكن يربّي النور بالمنير وبواسطته وبسببه؛ لقوله«يأ بى اللّه أن يجرى الأشياء إلاّ بالأسباب» ۳ فالنّبي والوليّ كما أنّهما النّفس الكّلّية والنفوس منشعبة من نفوسهما، كذلك

1.الذاريات ۵۶/

2.علل الشرايع، ج۱، ص۱۲۷؛ تفسير نورالثقلين، ج۴، ص۲۳۸؛ روضةالواعظين، ص۳۲۲؛ بشارةالمصطفى، ص۵۵. با تفاوتى اندك.

3.بصائرالدرجات ص۶، حديث۱و۲ به اين صورت از امام صادق آمده است: أبى اللّه أن يجرى الأشياء إلاّ بالأسباب فجعل لكل شيء سببا…. بصائرالدرجات، ص۵۰۵، حديث ۲؛ مختصر بصائرالدرجات، ص۵۷؛ بحارالأنوار: ج۲، ص۹۰، حديث ۱۴و ۱۵

الصفحه من 167