56 ـ «إذا رويتم عنّي حديثاً فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق فاقبلوه وإن خالف فردّوه».
قال الخطّابيّ في (كتاب المعالم): هذا حديث وضعته الزنادقة، ويدفعه قوله صلّى الله عليه و آله : «إنّي قد أُوتيتُ الكتابَ وما يعدله» ويروى: «أوتيت الكتاب ومِثْلَه»(اهـ).
قلت: هذا كلامٌ باردٌ سخيف، لا يجوز الأخذ به ولا التعويل عليه في ردّ هذا الحديث وإبطاله، بل إنّ مَنْ صدّقه هو المغرور حقّاً، لأنّ أحاديث العرض على الكتاب قد تواتر معناها ـ عندنا ـ فليت شِعْري كيف جاز أن يقال في مثل هذا الكتاب الذي اشتمل على مثل هذا الحديث: إنّه تامّ في معرفة الحديث الموضوع، مشتمل على إنصافٍ كثيرٍ!!!.
على أنّ ما ادّعاه الخطّابيّ دافعاً غيرُ دافعٍ، بل لا يُنافي أحاديثَ الباب، كما لا يخفى على ذوي البصائر وأولي الألباب، لأنّ المراد بأحاديث العرض على الكتاب ـ والله ورسوله أعلم ـ أنّه إذا تعارض الحديثان ولم يترجّح أحدهما؛ فاعْرِضوهما على كتاب الله تعالى، فما وافقه فاستمسكوا به، وما خالفه ـ بحيث لا يمكن التوفيق ـ فردّوه .
هذا وهو الذي يُؤْخذ أيضاً من قول الرضا عليه السّلام في حديثٍ ۱ : ما ورد عليكم من خَبَريْن مختلفَيْن فاعرضوهما على كتاب الله، فما كان في كتاب الله موجوداً حلالاً أو حراماً فاتّبعوا ما وافق الكتاب، ونحوه ما روي عن أبي عبدالله عليه السّلام۲.
لا أنّه إذا ورد حديثٌ صحيح يوجب تخصيصَ ظاهر الكتاب لم يصحّ العمل به ـ كما أفاده المحقّق الداماد رحمه الله في «الرواشح» ۳ ـ وحينئذٍ فلا تعارض ولا تناقض
1.العيون: ۲ / ۲۱.
2.وسائل الشيعة: ۲۷ / ۱۱۸ ح۲۹.
3.الرواشح السماوية: ۳۸ ـ ۳۹، وسائل الشيعة: ۲۷ / ۱۲۴.