| 
						?الجواب:
						يُعَدُّ الحديث المشهور بالثقلين [1] من أهم 
						الأحاديث المتواترة المروية عن النبي المصطفى ( صلَّى الله 
						عليه و آله ) و من أصحها سنداً .و لقد أدلى رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) بهذا 
						الحديث في مواطن عِدة و مناسبات شتى .
 هذا و قد رَوى حديث الثقلين خمسة و ثلاثون صحابياً [2] ، و 
						أخرجه الحُفَّاظ و المحَدِّثون في صِحاحِهم و مسانيدهم [3] 
						.
 و هو أيضا من الأحاديث المصيرية و المهمة التي دونته عشرات 
						المصادر السُنّية من كتب الحديث و السُنَن و التفسير و 
						التاريخ و اللغة بصورة متواترة [4] ، فضلاً عن المصادر 
						الشيعية التي ذكرت الحديث بصورة متواترة أيضا .
 
						سبب تسمية الحديث بالثقلين
						أما سبب تسميته هذا الحديث بالثقلين فيعود إلى وجود كلمة " 
						الثقلين " [5] فيه ، و المراد من الثقلين هنا هو :
 1. القرآن الكريم الذي هو الثِقْلُ الأكبر .
 2. العترة النبوية الطاهرة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) 
						الذين هم الثِقْلُ الأصغر .
 
						نص حديث الثقلين رَوى المحدثون هذا الحديث بصيغٍ متفاوتة من حيث اللفظ ، 
						إلا أن هذه النصوص تتحد في المعنى و المضمون ، و لعل السبب 
						في هذا الاختلاف يعود إلى أن الرسول ( صلَّى الله عليه و 
						آله ) هو الذي أدلى بهذا الحديث بصيغٍ مختلفة في مواطن 
						مختلفة و مناسبات عديدة .
 و فيما يلي نشير إلى نموذجين من الصيغ المروية لهذا الحديث 
						، و من أراد التفصيل و الاطلاع على الصيغ المختلفة لهذا 
						الحديث فليراجع رسالة حديث الثقلين التي طبعتها دار 
						التقريب بين المذاهب الإسلامية بالقاهرة [6] ، أما نصّ 
						الحديث فهو :
 
						النموذج الأول :جاء في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال : قام رسول الله 
						( صلَّى الله عليه و آله ) يوماً فينا خطيباً بماء يدعى 
						خُماً بين مكة و المدينة ، فحمد الله تعالى و أثنى عليه ، 
						و وعظ و ذكَّر ، ثم قال :
 " أما بعد ، ألا أيها الناس ، فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي 
						رسول ربي فأجيب ، و أنا تارك فيكم ثقلين ، أولهما كتاب 
						الله فيه الهدى و النور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به " 
						فحَثَّ على كتاب الله و رغَّبَ فيه ، ثم قال :
 " و أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ، 
						أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل 
						بيتي " [7] .
 
						النموذج الثاني :حدثنا أبو النَّضر ، حدثنا محمد ـ يعني ابن طلحة ـ ، عن 
						الأعمش ، عن عطيَّة العَوفي ، عن أبي سعيد الخُدْري ، عن 
						النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) ، قال : " إنّي أُوشكُ أن 
						أُدعى فأُجيب ، و إني تاركٌ فيكم الثَّقَلَين ، كتابَ 
						اللهِ عَزَّ و جَلَّ ، و عِتْرَتي ، كتاب الله حَبلٌ ممدود 
						من السماء إلى الأرض ، و عترتي أَهْلُ بيتي ، و إن اللطيف 
						الخبير أَخبرني أَنهما لَن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض ، 
						فَانْظُرُوني بِمَ تَخلُفُونِي فيهما " [8] .
 
						من هم أهل البيت ؟عن عائشة قالت : " خرج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) 
						غداة وعليه مِرْط [9] مرحّل [10] من شعر أسود فجاء الحسن 
						بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة 
						فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : {... إِنَّمَا 
						يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ 
						الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [11] .
 و عن أم سلمة قالت : في بيتي نزلت {... إِنَّمَا يُرِيدُ 
						اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ 
						...} [12] فأرسل رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) إلى 
						علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال : " هؤلاء أهل بيتي " 
						[13] .
 و عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي ( صلَّى الله عليه و آله 
						) قال : لما نزلت هذه الآية على النبي ( صلَّى الله عليه و 
						آله ) : {... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ 
						عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ 
						تَطْهِيرًا} [14] في بيت أم سلمة ، فدعا فاطمة و حسناً و 
						حسيناً ، و علي خلف ظهره ، فجللهم بكساء ، ثم قال : " 
						اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً " 
						.
 قالت أم سلمة : و أنا معهم يا نبي الله ؟
 قال : " أنت على مكانك و أنت على خير " [15] .
 نعم لقد صرّح الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) بمقصوده من 
						أهل البيت و بيّن ذلك حيث قال : " إن لكلِّ نبيِ أهلاً 
						وثِقْلاً ، و هؤلاء يعني علياً و فاطمة و الحسن و الحسين 
						أهل بيتي و ثِقْلي " [16] .
 و قال ( صلَّى الله عليه و آله ) : " مَن كان له من 
						أنبياءِ ثِقْل فعَليّ و فاطمة و الحسن و الحسين أهل بيتي و 
						ثِقْلي " [17] .
 متى أدلى النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) بهذا الحديث ؟
 أدلى الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) بهذا الحديث في 
						موارد عديدة منها :
 1. بعد انصرافه من الطائف .
 2. يوم عرفة في حجة الوداع .
 3. يوم غدير خم .
 4. على منبره في المدينة .
 5. في حجرته المباركة و هو في مرضه ، و الحجرة غاصة بأهلها 
						.
 
						ما يستفاد من حديث الثقلين
						يمكن استخلاص نقاط كثيرة من حديث الثقلين ، و فيما يلي 
						نذكر بعض تلك النقاط :
 1. التلازم و الاقتران بين القرآن و العترة الطاهرة ، و هم 
						أهل البيت ( عليهم السَّلام ) .
 2. كما أن القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا 
						من خلفه ، فالعترة من أهل البيت ( عليهم السَّلام ) كذلك ، 
						فهم معصومون ، و إلاّ لصدق الافتراق ، و ذلك ما نفاه 
						الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) صراحة حيث قال : " لَن 
						يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض " .
 3. التمسك بالقرآن الكريم و العترة الطاهرة ( عليهم 
						السَّلام ) معاً هو العاصم من الضلال ، والضامن لعدم 
						الانحراف عن النهج الإلهي ، و لأن المراد من التمسك 
						بالقرآن هو الأخذ بتعاليمه ، فكذلك التمسك بالعترة الطاهرة 
						من أهل البيت هو الأخذ بتعاليمهم ( عليهم السَّلام ) .
 
 
 
						الهوامش:  
						[1] الثقلين : إذا قرأ 
						بالتحريك " الثَقَلَين " الذي مفرده " ثَقَل " كان معناه 
						متاع المسافر ، و أما إذا قُرأ " الثّقْلَين " الذي مفرده 
						" ثِقْل " كان معناه ضدّ الخِفّة ، فيقال ثَقُلَ الشيء 
						ثِقْلاً فهو ثَقِيل ، و على هذا فمعنى الحديث هنا أن العمل 
						بهما أي بالثِقْلَين ثَقِيلٌ .[2] تجدر الإشارة هنا إلى أن المتوقَع هو أن يكون رواة 
						حديث الثقلين أكثر من هذا العدد بكثير كما هو واضح لمن 
						راجع نصوص هذا الحديث الكثيرة ، المختلفة من حيث اللفظ ، و 
						المتحدة من حيث المعنى ، مما يدلّ على أن النبي ( صلى الله 
						عليه وآله ) قد أدلى بهذا المضمون في مواطن كثيرة و 
						مناسبات عدّة ، و لعل السبب في انحصار عدد الرواة في هذا 
						المقدار يرجع إلى معارضة الحكام الغاصبين لرواية هذا 
						الحديث ، و يكون نتيجةً للأعمال القمعية التي كانت تُرتكب 
						بحق رواة فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) من قبل أؤلئك 
						الغاصبين .
 [3] هذا الحديث أخرجه أكابر علماء المذاهب قديماً و حديثاً 
						في كتبهم من الصحاح و السنن و المسانيد و التفاسير و السير 
						و التواريخ و اللغة و غيرها ، للتفصيل راجع رسالة حديث 
						الثقلين : 5 ، إصدار دار التقريب بين المذاهب الإسلامية / 
						القاهرة ، طبعة ، سنة : 1374 هجرية / 1955 ميلادية .
 [4] روى العلامة السيد مير حامد حسين الهندي ( قدَّس الله 
						نفسه الزَّكية ) هذا الحديث عن جماعة تقرب من المائتين من 
						أكابر علماء المذاهب من المائة الثانية و حتى المائة 
						الثالثة عشرة ، و عن أكثر من ثلاثين رجلاً و امرأة من 
						الصحابة و الصحابيات ، يراجع : حديث الثقلين : 9 ، إصدار 
						دار التقريب بين المذاهب الإسلامية / القاهرة ، طبعة ، سنة 
						: 1374 هجرية / 1955 ميلادية .
 [5] يسمى هذا الحديث بحديث التمسُّك أيضاً .
 [6] يراجع : رسالة حديث الثقلين المطبوعة سنة : 1374 هجرية 
						/ 1955 ، ميلادية ، القاهرة / مصر ، فقد ذكرت الرسالة 
						الحديث عن أربعين مصدرا من المصادر الموثوقة المعتبرة ، 
						هذا و أن العلامة السيد مير حامد حسين الهندي ( قدَّس الله 
						نفسه الزَّكية ) قد جمع أسناد هذا الحديث و متونه في ستة 
						أجزاء من أجزاء كتابه المعروف بـ " عبقات الأنوار " .
 [7] صحيح مسلم : 4/1873 ، برقم 2408 ، طبعة عبد الباقي ، و 
						أيضا طبعة : دار احياء التراث العربي ، و دار القلم ، 
						بيروت / لبنان .
 [8] مسند أحمد : حديث : 10707 ، و في هامش الكتاب الموجود 
						على c.d الحديث الشريف ، الثقلين : المراد كتاب الله و أهل 
						بيت الرسول ، عترتي : أهل بيتي ، و يراجع الحديث في صحيح 
						مسلم ، إذ أخرجه في : 4 / 1873 ، عن زيد بن أرقم .
 [9] المِرْط : كساء من صوف أو خزّ أو كتان يُؤتَزر به .
 [10] مرحل : ضرب من برود اليمن .
 [11] صحيح مسلم ( كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل أهل بيت 
						النبي ) : 4 / 1883 حديث 2424 / ، طبعة بيروت .
 [12] سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 .
 [13] الحاكم النيسابوري : المستدرك على الصحيحين (كتاب 
						معرفة الصحابة ) : 3/146 ، و قال الحاكم : هذا حديث صحيح 
						على شرط البخاري و لم يخرجاه / طبعة : بيروت / لبنان .
 [14] سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 .
 [15] صحيح الترمذي ( كتاب تفسير القران ) : 5 / 351 ، حديث 
						: 3105 ، و أخرجه في (كتاب المناقب باب مناقب أهل البيت ) 
						: 5 /663 ، حديث : 3787 / طبعة : بيروت / لبنان .
 [16] مجمع البحرين : 5 / 330 ، للعلامة فخر الدين بن محمد 
						الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق 
						، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون 
						بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية 
						، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران
 [17] مجمع البحرين : 5 / 331 .
 
 |