حديث الغدير ؟
السؤال :
ما هو حديث الغدير ؟
الجواب :
يُعتبر حديث الغدير من الأحاديث التاريخية الهامة و المصيرية التي أدلى بها رسول الله (صلَّى الله عليه و آله) في السنة الأخيرة من حياته المباركة ، و هي من الأحاديث التي تثبت إمامة الإمام امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) و توجب ولايته على جميع المؤمنين بعد ولاية الله تعالى و ولاية رسوله المصطفى (صلَّى الله عليه و آله) بكل صراحة و وضوح .
ثم إن حديث الغدير حديث متواتر [۱] رواه المحدثون عن أصحاب النبي (صلَّى الله عليه و آله) و عن التابعين بصيغٍ مختلفة ، تؤكد جميعها على إمامة الإمام أمير المؤمنين (عليه السَّلام) ، لكون الجوهر الأصلي فيه واحد و إن اختلفت بعض العبارات .
أما نسبة الحديث إلى الغدير فيعود سببه إلى أن النبي أدلى بهذا الحديث على أرض غدير خم [۲] في اجتماع حاشد يضم ما يربو على مائة ألف من المسلمين و ذلك بعد رجوعه من أداء مناسك الحج في آخر سنة من حياته المباركة .
و قد تناقلت المصادر الإسلامية السنية و الشيعية على حد سواء حديث الغدير في كتب التفسير و الحديث و التاريخ و الكلام و غيرها بأكثر من عشر صيغ و في ما يقارب المائة من الكتب المعتبرة المعتمدة .
أما رواة حديث الغدير الذين تمكّن التاريخ من ضبط أسمائهم فهم : من الأصحاب (۱۱۰) صحابياً و من التابعين (۸۴) تابعياً ، و أما رواة هذا الحديث من العلماء و المحَدِّثين فيبلغ عددهم (۳۷۰) راوياً [۳] ، كما ألّف علماء الإسلام كتبا مستقلة في هذا الحديث إذعاناً منهم بأهمية هذا الحديث و صحته و مصيريّة موضوعه [۴] ، و في ما يلي نذكر بعض النماذج التي أوردها علماء السنة في كتبهم رعاية للاختصار ، و من شاء التفصيل فليراجع مصادر الحديث [۵] .
۱. احمد بن حنبل : أبو عبد الله احمد بن حنبل بن هلال الشيباني ، المتوفى سنة : ۲۴۱ هجرية ، عن البراء بن عازب ، قال : كنا مع رسول الله (صلَّى الله عليه و آله) في سفر فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكُسح لرسول الله (صلَّى الله عليه و آله) تحت شجرتين فصلى الظهر و اخذ بيد علي (رضي الله عنه) فقال : " ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم " ؟
قالوا : بلى .
قال : " ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه " ؟
قالوا بلى .
فاخذ بيد علي فقال : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه " .
فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت و أمسيت مولى كل مؤمن و مؤمنة [۶] .
۲. الخطيب البغدادي : أبو بكر احمد بن علي ، المتوفى سنة : ۴۶۳ هجرية ، عن أبي هريرة ، قال : من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا ، و هو يوم غدير خم لمّا اخذ رسول الله (صلَّى الله عليه و آله) بيد علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) فقال : " ألست أولى بالمؤمنين " ؟
قالوا : بلى يا رسول الله .
قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " .
فقال عمر بن الخطاب : بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم [۷] .
۳. ابن حجر : احمد بن حجر الهيثمي ، المتوفى سنة : ۹۷۴ هجرية ، أن النبي (صلَّى الله عليه و آله) قال يوم غدير خم : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه ، و احب من احبه ، و ابغض من ابغضه ، و انصر من نصره ، و اخذل من خذله ، و أدر الحق معه حيث دار " .
و قال ابن حجر حول حديث الغدير : انه حديث صحيح لا مرية فيه ، و قد أخرجه جماعة كالترمذي و النسائي و احمد ، و طرقه كثيرة جدا ، و من ثم رواه ستة عشر صحابيا ، و في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي (صلَّى الله عليه و آله) ثلاثون صحابيا و شهدوا به لعلي لما نُوزع أيام خلافته [۸] … و كثيرا من أسانيدها صحاح و حِسان ، و لا التفات لمن قدح في صحته [۹] .
و مما تقدّم يمكن استخلاص النقاط التالية :
- أن رسول الله (صلَّى الله عليه و آله) إنما أدلى بهذا الحديث بأمر من الله تعالى و ذلك بعد نزول آية التبليغ و هي : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [۱۰] ، في يوم الغدير تحثّه على تنصيب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) خليفةً له و إماماً للناس [۱۱] .
- التدبر في الآية السابقة و لهجتها الصارمة بصورة عامة ، مضافا إلى التدبر في دلالة {... وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ...} يكشف لنا عن حساسية القضية و خطورة المسالة المطروحة .
- إن انتخاب " غدير خم " الصحراء القاحلة التي يلفحها الهجير و تلتهب رمالها بوهج الظهيرة كمكان لإلقاء حديث الغدير ، و انتخاب المقطع الأخير من حياة الرسول (صلَّى الله عليه و آله) كزمان لإلقاء الحديث ، وانتخاب الاجتماع التاريخي الحاشد الذي يشكله الحجاج العائدون من بيت الله الحرام كمستمعين لهذا الخطاب التاريخي الهام ، إلى غيرها من الأمور إن عبرت عن شيء فإنما تعبّر عن أهمية ما أمر الله النبي (صلَّى الله عليه و آله) بإبلاغه ، و هو تعيين المسار القيادي للامة الإسلامية دينيا و سياسيا .
- عدم إبلاغ النبي (صلَّى الله عليه و آله) الناسَ بولاية أمير المؤمنين (عليه السَّلام) يُعدّ مساويا لعدم تبليغ الرسالة الإلهية ، و هذا مما يُبين أهمية مسالة الإمامة و القيادة و يفهم هذا المعنى من قول الله تعالى : {... وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ...} .
- إن المخطط الإلهي للحياة البشرية مخطط حكيم و كامل و لا يمكن أن يهمل مسالة قيادة الأمة الإسلامية بعد الرسول (صلَّى الله عليه و آله) بدون تخطيط أو يترك الأمة من غير راعٍ و ولي ، و هذا مما يدفع بالأمة إلى الانزلاق نحو هاوية الفتن والصراعات والتناقضات ، و يكون سبباً لإهدار أتعاب الرسالة ، و هو ما لا يقبله العقل السليم و لا يصدقه الشرع طبعاً .
- إن نزول آية الإكمال و هي : {... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...} [۱۲] في يوم الغدير بعد إبلاغ النبي (صلَّى الله عليه و آله) الناسَ بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) لدليل واضح على أن اكتمال أهداف الرسالة و ضمان عدم وقوع انحرافٍ أو فراغٍ تشريعي أو قيادي أو سياسي بعد الرسول (صلَّى الله عليه و آله) ، إنما يتحقق في حالة استمرارية القيادة المنصوبة و المنصوص عليها من قبل الله .
- و في ضوء ما تقدمت الإشارة إليه من النقاط يمكن أن نفهم عمق العلاقة بين النصوص القرآنية [۱۳] و الحدث التاريخي الكبير في يوم الغدير الذي تمّ من خلاله تعيين الخليفة و الإمام من قبل رب العالمين ، و بواسطة رسوله الأمين (صلَّى الله عليه و آله) [۱۴] .
- و أخيرا : الحديث يحمل دلالة واضحة و صريحة على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) باعتباره المرشح الوحيد لتسلّم زمام الأمة بعد النبي (صلَّى الله عليه و آله) ، و كونه الولي الشرعي المنصوب من قبل رب العالمين بواسطة سيد الأنبياء و المرسلين (صلَّى الله عليه و آله) . و هو الأمر الذي اعتبره الله عَزَّ و جَلَّ تكميلاً للرسالة و تتميماً للنعمة إذ قال : {... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...} .
- للوقوف على تفاصيل حديث الغدير و ما يتعلق به و دراسته بصورة دقيقة وشاملة يمكن مراجعة الكتب التالية :
۱. الغدير في الكتاب و السنة و الأدب ، للعلامة الشيخ عبد الحسين الأميني (قدَّس الله نفسه الزَّكية) .
۲. المراجعات ، للعلامة السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي (قدَّس الله نفسه الزَّكية) .
الهوامش:
[۱] صرّح بتواتر حديث الغدير جماعة من علماء السنة ، كما اعترف جماعة بصحته ، نذكر منهم :
۱. الغزّالي : أبو حامد محمد بن محمد ، المتوفى سنة : ۵۰۵ هجرية في كتابه : سر العالمين : ۱۳، طبعة : مكتبة الجندي / مصر .
۲. شمس الدين الشافعي : أبو الخير شمس الدين بن محمد بن محمد بن الجزري ، المتوفى سنة : ۸۳۳ هجرية في كتابه : أسنى المطالب : ۴۷ ، طبعة : طهران / إيران .
۳. القسطلاني : في كتابه : شرح المواهب اللدنية : ۷ / ۱۳ ، طبعة : المطبعة الأزهرية / القاهرة .
۴. المنصور بالله : الحسين بن امير المؤمنين المنصور بالله ، القاسم بن محمد ، المتوفى سنة : ۱۰۵۰ هجرية في كتابه : هداية العقول إلى غاية السؤول في علم الأصول : ۲/ ۴۵ ، طبعة : صنعاء / اليمن .
[۲] غدير خم : موضع بين مكة المكرمة و المدينة المنورة على مقربة من الجحفة التي هي من المواقيت التي يُحرِم منها الحجاج للحج أو العمرة .
[۳] لمعرفة أسماء رواة حديث الغدير يراجع : الغدير في الكتاب و السنة و الأدب ، لمؤلفه القدير العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني (قدَّس الله نفسه الزَّكية) ، المتوفى سنة : ۱۳۹۰ هجرية .
[۴] لمعرفة أسماء المؤلفين في حديث الغدير يراجع : الغدير في الكتاب و السنة والأدب : ۱/ ۱۵۲- ۱۵۷ .
[۵] المصادر التي ذكرت حديث الغدير كثيرة جداً لا مجال لذكرها ، لكننا هنا نُشير إلى بعضها كما يلي :
۱. مسند احمد بن حنبل : ۴ / ۳۶۸ ، طبعة : دار صادر / بيروت .
۲. خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ۹۸ ، طبعة بيروت .
۳. السيرة الحلبية : ۳ / ۲۷۴ ، طبعة : دار إحياء التراث العربي / بيروت .
۴. كنز العمال : ۵/ ۲۹۰ ، طبعة : منشورات التراث الإسلامي / حلب .
[۶] مسند احمد بن حنبل : ۴/ ۲۸۱ ، طبعة : دار صادر / بيروت .
[۷] تاريخ بغداد : ۸/ ۲۹۰ ، طبعة : دار الكتب العلمية / بيروت .
[۸] تجدر الإشارة هنا إلى أن الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) عندما نُوزِعَ في الخلافة جَمَعَ الناس في "الرحبة " و استشهدهم قائلا : انشد الله كل امرئ إلا قام و شهد بما سمع ـ أي بما سمع من رسول الله يوم الغدير ـ و لا يقم إلا من رآه بعينه و سمعه بأذنيه ، فقام ثلاثون صحابيا فيهم اثنا عشر بدريا ، فشهدوا … يقول العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين (قدَّس الله نفسه الزَّكية) : و لا يخفى أن يوم الرحبة إنما كان في خلافة امير المؤمنين ، و قد بويع سنة خمس و ثلاثين ، و يوم الغدير إنما كان في حجة الوداع سنة عشر ، فبين اليومين ـ في أقل الصور ـ خمس و عشرين سنة ، كان في خلالها طاعون عمواس ، و حروب الفتوحات و الغزوات على عهد الخلفاء الثلاثة ، و هذه المدة ـ و هي ربع قرن ـ بمجرد طولها و بحروبها و غاراتها ، و بطاعون عمواسها الجارف ، قد أفنت جُل من شهد يوم الغدير من شيوخ الصحابة و كهولهم ، و من فتيانهم المتسرعين ـ في الجهاد ـ إلى لقاء الله عَزَّ و جَلَّ و رسوله (صلى الله عليه وآله) حتى لم يبق منهم حيّا بالنسبة إلى من مات إلا القليل و الأحياء كانوا منتشرون في الأرض … المراجعات : ۱۷۲ ، طبعة : دار المرتضى .
[۹] الصواعق المحرقة في الرّد على أهل البدع و الزندقة : ۶۴ ، طبعة : القاهرة .
[۱۰] سورة المائدة (۵) ، الآية : ۶۷ .
[۱۱] صرّح الكثير من المفسرين بأن نزول آية التبليغ كان في يوم الغدير لدى رجوع النبي (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع في مكان يسمى بـ " غدير خم " ، و في ما يلي نشير إلى بعض من صرّح بذلك :
۱. أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي ، المتوفى سنة ۱۲۷ هجرية ، عن ابن عباس ، قال : نزلت الآية : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} في علي حيث أمر الله سبحانه أن يخبر الناس بولايته ، فتخوّف رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقولوا حابى ابن عمه و أن يطعنوا في ذلك عليه ، فأوحى الله تعالى إليه ، فقام بولايته يوم غدير خم ، و أخذ بيده ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه " روح المعاني : ۴ / ۲۸۲ ، طبعة : دار الفكر / بيروت .
۲. أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري ، المتوفى سنة : ۴۶۸ هجرية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : " نزلت هذه الآية :{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} يوم غدير خم ، في علي بن أبي طالب رضي الله عنه " أسباب النزول : ۱۱۵ ، طبعة : المكتبة الثقافية / بيروت .
۳. عبيد الله بن عبد الله بن أحمد ، المعروف بالحاكم الحسكاني من أعلام القرن الخامس الهجري : روى بإسناده عن ابن عباس في قوله عَزَّ و جَلَّ : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} الآية ، قال : نزلت في علي ، أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبلّغ فيه ، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي فقال : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه " شواهد التنزيل : ۱ / ۱۹۰ ، طبعة : منشورات الأعلمي / بيروت .
۴. فخر الدين الرازي ، المتوفى سنة : ۶۰۴ هجرية : ذكر من جملة الوجوه الواردة في سبب نزول آية : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} أنها نزلت في الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، و عَدَّه الوجه العاشر من الوجوه المذكورة ، قال : نزلت الآية في فضل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، و لمّا نزلت هذه الآية أخذ بيده و قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه " ، فلقيه عمر فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة .
و هو قول ابن عباس و البراء بن عازب و محمد بن علي ، التفسير الكبير : ۱۲ / ۴۲ ، طبعة : دار الكتب العلمية / بيروت .
۵. جلال الدين السيوطي ، المتوفى سنة : ۹۱۱ هجرية : روى بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال : " نزلت هذه الآية : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب " الدر المنثور : ۳ / ۱۱۷ ، طبعة محمد أمين / بيروت .
[۱۲] سورة المائدة (۵) ، الآية : ۳ .
[۱۳] المراد من النصوص القرآنية الآيات التالية :
۱. آية التبليغ و هي : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(سورة المائدة (۵) ، الآية : ۶۷) .
۲. آية الإكمال و هي : {... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...} (سورة المائدة (۵) ، الآية : ۳) .
۳. الآيات الأوائل من سورة المعارج ، و هي :{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} (سورة المعارج (۷۰) ، الآيات : ۱ ـ ۳) ، و لقد صرّح غير واحدٍ من المفسرين و المحدثين بنزول العذاب على جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري ـ أو غيره على خلاف ـ و هلاكه ، و القصة يرويها الحافظ أبو عبد الله الهروي كالتالي : لمّا بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) غدير خم ما بلغ ، و شاع ذلك في البلاد ، أتى جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري ، فقال : يا محمد أمرتنا من الله أن نشهد أن لا إله إلا الله ، و أنك رسول الله ، و بالصلاة و الصوم و الحج و الزكاة فقبلنا منك ، ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمّك ففضلته علينا ، و قلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شيء منك أم من الله ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " و الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله " فولى جابر يريد راحلته و هو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقاً فأمطر علينا حجارةً من السماء ، أو أتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها ـ أي إلى الراحلة ـ حتى رماه الله بحجرٍ فسقط على هامته و خرج من دبره و قتله ، و أنزل الله تعالى:{سأل سائل بعذاب واقع …} الآية ، الغدير في الكتاب و السنة والأدب : ۱ / ۲۳۹ ، للعلامة الشيخ عبد الحسين الأميني (قدَّس الله نفسه الزَّكية) ، و قد ذكر المؤلف مجموعة من المصادر التي ذكرت أن الآية نزلت بهذه المناسبة .
[۱۴] صرّح الكثير من المفسرين و المؤرخين بنزول هذه الآية في الإمام علي (عليه السلام) في يوم الغدير و في ما يلي نشير إلى بعض من صرّح منهم بذلك ، على سبيل المثال لا الحصر :
۱. أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي ، المتوفى سنة ۱۲۷ هجرية ، عن أبي سعيد الخدري قال : إن هذه الآية : {... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...} نزلت بعد أن قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (كرّم الله وجهه) في غدير خم : " من كنت مولاه فعلي مولاه " فلما نزلت ، قال : " الله أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضاء الرب برسالتي و ولاية علي (كرّم الله وجهه) بعدي " ، روح المعاني : ۴ / ۹۱ ، طبعة دار الفكر بيروت .
۲. أبو المؤيد ، الموفق بن أحمد بن محمد المكي الخوارزمي ، المتوفى سنة : ۵۶۸ هجرية ، روى بإسناده ، عن أبي سعيد الخدري قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما دعا الناس إلى علي (عليه السلام) في غدير خم و أمر بما تحت الشجرة من الشوك فقُمّ ، و ذلك يوم الخميس ، فدعا علياً فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية : {... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...} فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " الله أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضى الرب برسالتي و الولاية لعلي من بعدي " مناقب علي بن أبي طالب : ۱۳۵ ، طبعة : قم / إيران .
۳. أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي المعروف بابن عساكر ، المتوفى سنة : ۵۷۱ ، روى بإسناده عن أبي هريرة قال : من صام ثمانية عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً ، و هو يوم غدير خم لما أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيد علي فقال : " ألست ولي المؤمنين " ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " ، فقال عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم ، فأنزل الله : {... اليوم أكملت لكم دينكم …} ، تاريخ ابن عساكر : ترجمة الامام علي (عليه السلام) : ۲ / ۷۸ ، طبعة : دار الفكر / بيروت .
۴. ابن الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي ، المتوفى سنة : ۷۷۴ هجرية ، قال في تفسيره : إن الآية : {... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...} نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسيره إلى حجة الوداع ، تفسير القرآن العظيم : ۲ / ۱۵ ، طبعة : دار المعرفة / بيروت .
۵. جلال الدين بن عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة : ۹۱۱ هجرية ، روى في تفسيره عن أبي سعيد الخدري قال : لمّا نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله علياً يوم غدير خم ، فنادى له بالولاية ، هبط جبريل عليه بهذه الآية : {اليوم أكملت لكم دينكم} ، الدر المنثور : ۳ / ۱۹ ، و روى أيضا عن أبي سعيد الخدري في كتابه الإتقان قال : إن الآية : {... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...} نزلت يوم غدير خم ، الإتقان في علوم القرآن : ۱ / ۵۴ ، طبعة دار إحياء العلوم / بيروت . إلى غير ذلك ممن صرّح بذلك و لا مجال هنا لذكرهم .