المحبّين لهم عليهم السلام ، كما أنّه لا يشملهم بنحو واحد وعلى السواء ، ولذلك قال الشريف الرضي : «معنى ذلك أنَّ المحنة تغلظ عليه ، فتسرع المصائب إليه . ولا يفعل ذلك إلاّ بالأتقياء الأبرار والمصطفين الأخيار » ۱ .
المثال الثاني : معنى القضاء والقدر
۳۵۷.۱ . روى الصدوق بإسناده عن عبد الملك بن عنترة الشيباني، عن أبيه، عن جدّه، قال :جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن القدر. قال : بحر عميق؛ فلا تلجه . قال : يا أمير المؤمنين، أخبرني عن القدر . قال : طريق مظلم؛ فلا تسلكه . قال : يا أمير المؤمنين، أخبرني عن القدر. قال : سرّ اللّه ؛ فلا تَكلَّفْه . قال : يا أمير المؤمنين، أخبرني عن القدر . فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أمّا إذا أبيت فإنّي سائلك : أخبرني أكانت رحمة اللّه للعباد قبل أعمال العباد ، أم كانت أعمال العباد قبل رحمة اللّه ؟ قال : فقال له الرجل : بل كانت رحمة اللّه للعباد قبل أعمال العباد . فقال أمير المؤمنين عليه السلام : قوموا فسلّموا على أخيكم فقد أسلم، وقد كان كافرا . قال : وانطلق الرجل . . . . ۲
بيان: قوله عليه السلام لأصحابه : «فسلّموا على أخيكم فقد أسلم ، وقد كان كافرا» مجاز مبنيّ على علاقة الأول والمشارفة ، والمقصود منه أنَّ الرجل بشكّه في القدر كان قد وقع على شفا مهواة الكفر ، بحيث لو جاز حدّ الشكّ خطوة لأنكر القدر والمشيئة فكفر به .
۳۵۸.۲ . وروى بإسناده عن معلّى بن محمّد ، قال :سئل العالم عليه السلام : كيف علم اللّه ؟ قال : علم ، وشاء ، وأراد ، وقدّر ، وقضى ، وأمضى ، فأمضى ما قضى ، وقضى ما قدّر ، وقدّر ما أراد ، فبعلمه كانت المشيئة ، وبمشيئته كانت الإرادة ، وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبقضائه كان الإمضاء . والعلم متقدّم على المشيئة ، والمشيئة ثانية ، والإرادة ثالثة ، والتقدير