109
اسباب اختلاف الحديث

المثال : أحسن الحديث كتاب اللّه

۷۷.۱. الشيخ الطوسي بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن الرضا عليه السلام ، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهم السلام، عن جابر بن عبد اللّه : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال في خطبته : إنّ أحسن الحديث كتاب اللّه ، وخير الهدي هدي محمّد . ۱

۷۸.۲. ابن ماجة بإسناده عن عبد الوهاب الثقفي ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهماالسلامعن جابر بن عبد اللّه ، قال :كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا خطب ... يقول : أمّا بعد ، فإنّ خير الاُمور كتاب اللّه ، وخير الهدي هدي محمّد ، وشرّ الاُمور محدثاتها ، وكلّ بدعة ضلالة . ۲

مورد الاختلاف وعلاجه :

إنّ الاختلاف بين الحديثين ـ فياللفظ وإن كان واضحا لكنّه ـ في المعنى لطيف دقيق جدّا. فإنّ متن الحديث في أصله أعني قوله : «أحسن الحديث كتاب اللّه » دالّ على كون القرآن حادثا لا قديما . وهذا مخالف لما يعتقده السلفية من أهل الحديث والحنابلة والأشاعرة ، ۳ ويكفّرون المعتقدين بحدوثه ، بل يكفِّرون من قال بِـ «أنّ

1.الأمالي للطوسي : ص۳۳۷ ح۶۸۶ ، بحار الأنوار : ج۲ ص۳۰۱ ح۳۱ .

2.سنن ابن ماجة : ج۱ ص۱۷ ح۴۵ .

3.توضيحه أنّ الأشاعرة قالوا بكون القرآن قديما أزليّا، ثمّ حاولوا تقريب هذا المزعوم فزعموا أنّ حقيقة الكلام هو ما في نفس المتكلّم، وأنّ الكلام الملفوظ هو تعبير وحكاية عن ذلك ، فمن ثَمّ ذهبوا إلى أنّ التكلّم من الصفات الذاتية له تعالى، ووصفوا كلامه سبحانه بالكلام النفسي ، وقالوا: إنّ الكلام النفسي غير العلم ـ المتكوِّن من عدّة تصوّرات وتصديق في الجمل الإخبارية ـ وغير الإرادة والكراهة الحادثة في نفس المتكلّم عند التكلّم بالجمل الإنشائية ، وإن شئت فقل في تقرير مزعومهم : إنّ هناك وراء العلم في الكلام الخبري ووراء الإرادة والكراهة في الكلام الإنشائي ووراء اللفظ المفيد للمعنى في الكلام الملفوظ كلاما في ذهن المتكلّم وقرارة نفسه يسمع بالكلام النفسي ، وهذا الكلام في مثل الإنسان حادث لحدوث ذاته، وفي الباري سبحانه قديم لقدمه ، وترى هذه الاُحجيّة أعمى من خرافة توحيد أصحاب التثليث والقائلين بالأقانيم الثلاثة . راجع في ذلك كتابي العلاّمة السبحاني : الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : ج۱ ص۱۸۹ ـ ۲۲۰ وبحوث في الملل والنحل : ج۲ ص۲۴۰ ـ ۲۶۹ .


اسباب اختلاف الحديث
108

السبب التاسع : إصلاح الراوي

قد يجد أو يزعم المحدّث في متن الحديث أو إسناده تصحيفا أو قلبا أو لحنا ، فيقوم بإصلاحه ، فيحصل من جرّاء هذا الإصلاح اختلاف بين الأصل الصادر من المعصوم عليه السلام ـ أو ما يوافقه ـ وبين لفظه بعد الإصلاح . سواء كان الخطأ المزعوم متعلّقا ببنية لفظ الحديث ـ كالجهات الصرفية والنحوية ونحوها ـ أو متعلّقا بمعناه . والأوّل هو الّذي عبّر عنه السيّد السيستاني بـِ «التصحيح القياسي» وعدّه من أسباب الاختلاف . ۱
لكن اندراج الاختلاف تحت هذا السبب متوقّف على عدم صحّة وجه الإصلاح ، إمّا لكون الأصل صحيحا ولم يتفطّن الراوي إلى وجهه ، وإمّا لأن تغييره من السقيم إلى سقيم آخر أو إلى وجه غير دقيق ، فحينئذ يصير التغيير سببا للتنافي والاختلاف .
وقد وضع علماء الحديث أساليب وضوابط تمنع من صيرورة الإصلاح سببا لمعضلة الاختلاف ، غير أنّ المشكل كلّه فيما لو لم تراعَ تلك الضوابط ، سواء كان الإصلاح قبل وضعها أم بعده .
ثمّ إنّ الإصلاح المذكور قد يقع في الإسناد كما قد يقع في المتن، لكنّ الّذي يعتبر من أسباب اختلاف الحديث هو الثاني. فحسب؛ لأنّ موضوع علم مختلف الحديث هو المتن، فهو يبحث عن تنافي مداليل الأحاديث بعضها مع بعض .

1.الرافد في علم الاُصول: ص۲۹ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254099
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي