125
اسباب اختلاف الحديث

ج ـ مخالفته للقرآن ، ومن العلامات المشتركة بين الحديث الموضوع والمختلّ من أجل قلّة ثقافة الراوي أو سهوه أو تقيّته أو نحو ذلك . فإنّ الحديث الصادر عن المعصوم الّذي هو عِدل القرآن « لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـطِـلُ مِنم بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاَ مِنْ خَلْفِهِ »۱ ، والحال أنّ مخالف القرآن باطل ، بلا ريب .
وقد استفاض بل تواتر إجمالاً عن المعصومين عليهم السلام أنّ ما خالف الكتاب فهو زخرف، أو أنّنا لم نقله. ۲
د ـ مخالفته للسنّة القطعية ، بحيث لم يمكن الجمع والتوفيق بينهما بوجه عرفي .
ه ـ مخالفته للعقل ، وهو في كاشفيته عن الواقع ودلالته على بطلان كلّ ما خالفه غنيّ عن البرهنة العقلية، أو الدلائل النقلية ؛ فإنّ كلّ دليل معتبر يكسب اعتباره بالانتهاء إلى حكم العقل بواسطة أو بدونها، فكيف يعقل الاستدلال عليه بغيره ، وذلك لأنّ كلّ ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات ، والذاتي لا ينتهي إلى غيره .
و ـ عدم انطباق حديث لمباني الشرع المسلّمة ومبادئه المقرّرة وقواعده المحكَّمة ، كما أنّ كثرة مخالفة راوٍ في حديثه لسائر القواعد الفقهية من مثارات سوء الظنّ والتُهَمة .
ز ـ عدم تلاؤمه للمعهود من سيرتهم أو مذاق كلامهم عليهم السلام ، وقد لا تجد للحديث ـ المشتمل على محذور من مثل ما نحن فيه ـ حديثا ينافيه ، إلاّ أنّك تلاحظه لايلائم المعهود من سيرتهم أو كلماتهم ، مع أنّ كلاًّ يعمل على شاكلته ، فمن ذلك تتفطّن باشتمال الحديث المزبور على محذور .
وهذه الوجوه مشتركة بين الحديث المجعول والمدسوس وبين حديث الراوي ذو الثقافة القليلة ، فإنّها كاشفة عن مغمز في أمر الراوي في الجملة ، وكثرة المحاذير في حديثه تُعرب عن قلّة علمه وثقافته أو وضعه وجعله أو تخليطه . فإذا اقترنت هذه الأمارات مع غيرها كشفت عمّا في ذاك الراوي من العيب والعلّة .

1.فصّلت : ۴۲ .

2.راجع الكافي: ج۱ ص۶۹ ح۳ ، والمحاسن : ج۱ ص۳۴۷ ح۷۲۵ ، وسائل الشيعة: ج۲۷ ص۱۱۱ ح۳۳۳۴۷ .


اسباب اختلاف الحديث
124

المعصومين عليهم السلام الّذين استكمل اللّه تعالى عقولهم، وأفاض وجودهم من العلوم، ورضعوا من ثدي الفصاحة ، أكرم من أن يتكلّموا بركيك .

۹۲.روى الكليني قدس سره بإسناده عن جميل بن درّاج، قال :قال أبو عبد اللّه عليه السلام : أعربوا حديثنا؛ فإنّا قوم فصحاء. ۱

والظاهر أنّ معناه : بيّنوا كلامنا، واكشفوا عن دقائقه ولطائفه ؛ لاشتمال كلامنا على ذلك ، فإنّا قوم فصحاء ، واللّه العالم . فالّذين هم في ذروة الفصاحة وقمّة البلاغة لا يتكلّمون بألفاظ وتراكيب ملحونة أو ركيكة .
وقد عدّ البعض هذه العلامة من علائم الجعل، ۲ لكنّها غير منحصرة في المجعول ، بل قد يصدر ذلك من الراوي الثقة الديِّن ، بل قد يروي الثقة المتضلّع بفنون العلم والأدب حديثا بألفاظ ركيكة لا تليق بشأنه ؛ فإنّ الجواد قد يكبو ، نعم هو كاشف عن مغمز في حديثه؛ نحو : النقل بالمعنى ـ وفروعه ـ أو الوضع والدسّ أو التخليط أو ما إلى ذلك .
نعم تكرّرها وكثرة مواردها من راوٍ واحد كاشف عن انخفاض مستواه العلمي وقلّة ثقافته .
ب ـ اشتمال الحديث على الاستهجان الذاتي ، أنّ المعصوم أكرم من أن يتكلّم بشيء مستهجن في ذاته ، فاذا وجدنا حديثا يحتوي على أمر مستهجن في ذاته ، فلا نشكّ في كونه قد حصل بسبب عوارض التحديث .
نعم قد يشتمل حديث صادر منهم عليهم السلام على استهجان عارض ، كأن يكون تغاير الطباع بين الأقوام المختلفة أو تبدّل الطباع على مدى الزمان ، موجبا لنوع من الاستهجان في حديث نزيه لطيف في ذاته ، كما سنتكلّم عنه في بحث اختلاف الطباع ؛ أو لاقتضاء المقام الّذي كان يتكلّم فيه المعصوم عليه السلام واستطابته ما لا يستطاب في غيره . ۳

1.الكافي: ج۱ ص۵۲ ح۱۳ .

2.راجع علوم الحديث ومصطلحه : ص۲۸۳ ، والرعاية : ص۳۲۲ .

3.نحو ما نرى من التشبيه الموجود في الخطبة ۹۷ من نهج البلاغة .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254232
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي