المعصومين عليهم السلام الّذين استكمل اللّه تعالى عقولهم، وأفاض وجودهم من العلوم، ورضعوا من ثدي الفصاحة ، أكرم من أن يتكلّموا بركيك .
۹۲.روى الكليني قدس سره بإسناده عن جميل بن درّاج، قال :قال أبو عبد اللّه عليه السلام : أعربوا حديثنا؛ فإنّا قوم فصحاء. ۱
والظاهر أنّ معناه : بيّنوا كلامنا، واكشفوا عن دقائقه ولطائفه ؛ لاشتمال كلامنا على ذلك ، فإنّا قوم فصحاء ، واللّه العالم . فالّذين هم في ذروة الفصاحة وقمّة البلاغة لا يتكلّمون بألفاظ وتراكيب ملحونة أو ركيكة .
وقد عدّ البعض هذه العلامة من علائم الجعل، ۲ لكنّها غير منحصرة في المجعول ، بل قد يصدر ذلك من الراوي الثقة الديِّن ، بل قد يروي الثقة المتضلّع بفنون العلم والأدب حديثا بألفاظ ركيكة لا تليق بشأنه ؛ فإنّ الجواد قد يكبو ، نعم هو كاشف عن مغمز في حديثه؛ نحو : النقل بالمعنى ـ وفروعه ـ أو الوضع والدسّ أو التخليط أو ما إلى ذلك .
نعم تكرّرها وكثرة مواردها من راوٍ واحد كاشف عن انخفاض مستواه العلمي وقلّة ثقافته .
ب ـ اشتمال الحديث على الاستهجان الذاتي ، أنّ المعصوم أكرم من أن يتكلّم بشيء مستهجن في ذاته ، فاذا وجدنا حديثا يحتوي على أمر مستهجن في ذاته ، فلا نشكّ في كونه قد حصل بسبب عوارض التحديث .
نعم قد يشتمل حديث صادر منهم عليهم السلام على استهجان عارض ، كأن يكون تغاير الطباع بين الأقوام المختلفة أو تبدّل الطباع على مدى الزمان ، موجبا لنوع من الاستهجان في حديث نزيه لطيف في ذاته ، كما سنتكلّم عنه في بحث اختلاف الطباع ؛ أو لاقتضاء المقام الّذي كان يتكلّم فيه المعصوم عليه السلام واستطابته ما لا يستطاب في غيره . ۳