المثال: إسقاط النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم آية في صلاته
۹۳.۱ . كنز العمّال مرفوعا عن رجل من آل الحكم بن أبي العاص :أنّ النبي صلى الله عليه و آله صلّى بالناس فقرأ سورة فأغفل منها آية ، فسألهم : هل تركتُ شيئا؟ فسكتوا ، فقال : ما بال أقوام يُقرَأ عليهم كتاب اللّه لايدرون ما قُرئ عليهم فيه ، ولا ما ترك ! هكذا كانت بنو إسرائيل خرجت خشية اللّه من قلوبهم ، فغابت قلوبهم وشهدت أبدانهم ، ألا وإنّ اللّه عز و جل لا يقبل من أحد عملاً حتّى يشهد بقلبه ما يشهد ببدنه. ۱
۹۴.۲ . السيوطي :أخرج وكيع، وابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، والبزّار، وابن أبي داوود في البعث، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبّان، وأبو نعيم في الحلية، وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان، عن أنس ، قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : رأيت ليلة اُسري بي رجالاً تقرض شفاههم بمقاريض من نار، كلّما قرضت رجعت، فقلت لجبرئيل: من هؤلاء؟ قال : هؤلاء خطباء من اُمّتك كانوا يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون . ۲
مورد الاختلاف :
الحديث الأوّل ينسب الغفلة إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأنّه أغفل عن آية من سورة قرأها في صلاته؛ وأنّه صلى الله عليه و آله يذمّ أصحابه على غفلتهم، وعدم التفاتهم إلى ما يقرأ عليهم وما يترك من القراءة ، فيزجرهم عنها ، مع أنّ الحديث الثاني يدلّ إجمالاً على قبح الأمرِ بمعروف يتركه الآمر بنفسه، والنهيِ عن منكر لا ينتهي عنه الناهي . ونزاهة النبيّ صلى الله عليه و آله عن مثل ذلك يوجب التنافي بين الحديثين ، ويجعلهما من المختلفين بالعرض .
فالحديثان مختلفان؛ لأنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الحديث الثاني يذمّ مَن يأمر بمعروف لا يأتمر به بنفسه ، ومَن ينهى عن منكر لاينتهي هو عنه ، والحديث الأوّل ينسب إلى