129
اسباب اختلاف الحديث

يوجِّه إليه إشكالاً، لكنّه قابل للدفع بسهولة ، فإنَّه من أحاديث التبعيض، فيجاب عنه بكلّ ما يجاب به عنها ، غير أنّ محلّه الفقه ، لكن نكتفي هنا ببيان المجلسي قدس سرهذيل الحديث حيث قال :
« في هذا الحديث ـ مع ضعف سنده ـ إشكال من حيث اشتماله على التعيير بأمر مشترك إلاّ أن يقال : إنّه صلى الله عليه و آله إنّما فعل ذلك عمدا لينبّههم على غفلتهم وكان ذلك لجواز الاكتفاء ببعض السورة، كما ذهب إليه كثير من أصحابنا ، أو لأنّ اللّه تعالى أمره بذلك في خصوص تلك الصلاة لتلك المصلحة ، والقرينة عليه ابتداؤه صلى الله عليه و آله بالسؤال» ۱ .

1.بحار الأنوار : ج۱۷ ص۱۰۶.


اسباب اختلاف الحديث
128

تحمل القضية المذكورة على النسخ وأنه كان جائزا فنسخ ـ وإن كان بعيدا في الغاية ـ ، أو تعتبر القضيّة مجعولة من رأس ، لكن نقل الراوي لها يكشف عن قلّة علمه ومعرفته . وإن كان هذا الوجه أيضا لايخلو عن ضعف لما سيأتي إن شاء اللّه . والوجه الأقوى الّذي يعتمد عليه هو الوجه الأول.
والدقّة في متن الحديث تزيل الشكّ عن عدم صحة الصدر الحاكي لفعله صلى الله عليه و آله ، لتهافته مع الذيل ، الأمر الّذي يشهد على خطأ الراوي في مزعومه ، فإنّ توبيخ الأصحاب على قلّة التفاتهم وإصغائهم إلى قراءة القرآن في الصلاة لو كان في محلِّه ، لتوجّه ـ والعياذ باللّه ـ إليه صلى الله عليه و آله أنّ إمام الجماعة القارئ للقرآن ـ لاسيما إذا كان نبيّا واُسوة للعالمين ـ أحقّ بالالتفات، وأشدّ تكليفا بالتحفّظ عليه .
وهناك قرينة اُخرى تكشف عن عدم وقوع الغفلة منه صلى الله عليه و آله ، وهي أنّه صلى الله عليه و آله سألهم مبتدئا بعد الانصراف من الصلاة عن إسقاط آية فسكتوا وهذا قرينة على نباهته والتفاته صلى الله عليه و آله . لكن قلّة معرفة الراوي بمكانة النبي صلى الله عليه و آله دفعه إلى قياسه صلى الله عليه و آله بنفسه الناقصة ، وحملِ فعله على الغفلة .
وروى البرقي قدس سره هذه القضيّة بلفظ خال من هذه الهزاهز ، وإليك نصّه :

۹۶.جعفر بن محمّد بن الأشعث، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهماالسلام، قال :صلّى النبي صلى الله عليه و آله صلاة وجهر فيها بالقراءة، فلمّا انصرف قال لأصحابه: هل أسقطت شيئا في القراءة ؟ قال : فسكت القوم ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : أفيكم اُبيّ بن كعب ؟ فقالوا نعم . فقال : هل أسقطتُّ فيها بشيء ؟ قال : نعم يا رسول اللّه ، إنّه كان كذا وكذا، فغضب صلى الله عليه و آله ، ثمّ قال : ما بال أقوام يتلى عليهم كتاب اللّه فلا يدرون ما يتلى عليهم منه ولا ما يترك ! هكذا هلكت بنو إسرائيل ، حضرت أبدانهم ، وغابت قلوبهم ، ولا يقبل اللّه صلاة عبد لايحضر قلبه مع بدنه. ۱

نلاحظ أنّ لفظ هذا الحديث الحاكي للقضيّة المذكورة ، ليس فيه أيّة كلمة تمسّ بكرامة النبي صلى الله عليه و آله وعصمته . نعم أصل دلالة الحديث على جواز تبعيض السورة في الفريضة ربما

1.المحاسن: ج۱ ص۲۶۰ ح۹۲۱ ، بحار الأنوار : ج۱۷ ص۱۰۵ ح۱۵ ، مستدرك الوسائل: ج۶ ص۴۱۶ ح۷۱۱۹ / ب۱۹ من أبواب الخلل في الصلاة ، وراجع تاريخ اليعقوبي : ج۱ ص۱۰۲ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254680
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي