131
اسباب اختلاف الحديث

متعاقبة ذلك الارتكاز العامّ وتبدّل إلى غيره ، تغيّر معنى النصّ لا محالة . وإذا اعتبرنا مثل هذا الظهور حجّة ـ ولو تمسّكا بأصالة عدم القرينة كما هو مسلك المشهور ـ فقد ينشأ على هذا الأساس التنافي بين هذا النصّ وغيره من النصوص المتكفّلة لبيان نفس الحكم الشرعي» ۱ .
أقول : كلامه متين إلاّ من ناحية استثنائه قدس سرهموردَ احتمال القرائن الارتكازية العامّة من موارد جريان أصالة عدم القرينة ، حيث يلاحظ عليه : بأنّه يمكن إجراء أصالة عدم القرينة في موارد احتمال وجود القرائن العامّة حين التخاطب ، بجريان الاستصحاب القهقري نظير ما يعمل في موارد احتمال حصول الانتقال في معنى اللغة حيث ينفى بأصالة عدم النقل المبني على الاستصحاب القهقريّ ، ومحلّ تحقيقه علم الاُصول .
وقد تكلّمنا خلال القسم الرابع: (عوارض تغيّر الظروف) ما ينفع لهذا المبحث أيضا .

المثال الأوّل : أفطر الحاجم والمحجوم

۹۷.۱ . روى ابن حنبل بإسناده عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال :أفطر الحاجم والمحجوم . ۲

ورواه أيضا بأسانيده عن رافع بن خديج، ۳ وشدّاد بن أوس، ۴ ومعقل بن سنان الأشجعي . ۵

۹۸.۲ . الشيخ الطوسي قدس سره بإسناده عن عبد اللّه بن ميمون ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام :عن أبيه قال : . . . احتجم النبيّ صلى الله عليه و آله وهو صائم . ۶

۹۹.۳ . الكليني قدس سره بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء، قال :سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحجامة للصائم؟ قال : نعم إذا لم يخف ضعفا. ۷

1.بحوث في علم الاُصول : ج۷ ص۳۱ .

2.مسند ابن حنبل : ج۳ ص۲۹۱ ح۸۷۷۶ .

3.مسند ابن حنبل : ج۵ ص۳۶۷ ح۱۵۸۲۸ .

4.مسند ابن حنبل : ج۶ ص۷۷ ح۱۷۱۱۷ .

5.مسند ابن حنبل : ج۵ ص ۳۸۶ ح۱۵۹۰۱ .

6.تهذيب الأحكام : ج۴ ص۲۶۰ ح۷۷۵ ، الاستبصار: ج۲ ص۹۰ ح۲۸۸ .

7.الكافي: ج۴ ص۱۰۹ ح۲ .


اسباب اختلاف الحديث
130

السبب الثاني عشر : ضياع القرائن

قد ينشأ الاختلاف بين حديثين من ضياع بعض القرائن الحاليّة أو المقالية، حيث يوجب ظهور الحديث في خلاف الوجه المراد؛ أعني المعنى الّذي كان يدلّ عليه لولا حذف القرينة، وبطبيعة الحال يصير الحديث ـ بعد حذف القرينة ـ مخالفا لغيره من الأحاديث.
ثمّ القرينة إن كانت مقالية ـ سواء أكانت لفظية أم سياقية ـ يمكن إدراجها في «التقطيع المخلّ»، وإن كانت حالية فهي داخلة في ما نحن فيه . قال الشهيد الصدر قدس سره :
«تكثر الغفلة عن القرائن فيما إذا كانت ارتكازية عامّة تنشأ من البيئة وظروف النصّ ، فإنّ الراوي وإن كان مسؤولاً في مقام النقل والرواية عن نقل النصّ بكامله وكامل ما يكتنف به من القرائن والملابسات التي تلقي ضوءا على المعنى المقصود منه ، ولذلك اعتبرنا سكوت الراوي عن نقل القرينة شهادة سلبية منه على عدم وجودها حين صدور النص ، وبذلك استطعنا أن نتخلّص من مشكلة الإجمال إذا ما احتمل وجود قرينة مع النصّ لم تصل إلينا ، على ما حقّقناه في محلّه .
إلاّ أنّ القرائن إذا كانت ارتكازية عامّة فلا تكون محسوسة لدى الراوي حين النقل كي يذكرها صريحا ، لأنّها حينئذٍ قضايا عامّة معاشة في ذهن كلّ إنسان ، فلا يشعر الراوي بحاجة إلى ذكرها باللفظ . ولذلك استثنينا في محلّه عن قاعدة رفع اجمال النصّ حين احتمال وجود القرينة ـ بشهادة الراوي السلبية المستكشفة من سكوته ـ ما إذا كانت القرينة المحتملة قرينة ارتكازية عامّة ، لأنّ الراوي حينئذٍ يفترض وجودها ارتكازا عند السامع أيضا، فلا يتصدّى لنقلها ، ولا يكون في سكوته شهادة سلبية بعدمها ، فقد يبقى النصّ على هذا الأساس منقولاً بألفاظه مجرّدا عن القرينة الارتكازية العامّة ، فإذا ما تغيّر عبر عصور

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 233410
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي