163
اسباب اختلاف الحديث

المثال الأوّل : موضوع الربا وموارد استثنائه

۱۴۰.۱ . ما رواه الشيخ الطوسي بإسناده عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ـ في حديث أنّه قال ـ :يا عمر، قد أحلّ اللّه البيع وحرّم الربا، بع واربح ولا تُربِ . قلت : وما الربا؟ قال : دراهم بدراهم ، مثلين بمثل ، وحنطة بحنطة مثلين بمثل . ۱

۱۴۱.۲ . ما رواه المشايخ الثلاثة «قدّست أسرارهم» عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ليس بيننا وبين أهل حربنا ربا ، نأخذ منهم ألف درهم بدرهم، ونأخذ منهم ولا نعطيهم . ۲

۱۴۲.۳ . وكذا ما رواه الصدوق قدس سره بقوله :قال الصادق عليه السلام : ليس بين المسلم وبين الذمّي ربا ، ولا بين المرأة وبين زوجها ربا . ۳

مورد الاختلاف:

الحديث الأول يدلّ على حرمة الربا؛ أي كلّ بيع أو قرض مبني على الربا أي الزيادة درهما بدرهمين ، وإطلاقه يشمل الربا مع الزوجة والولد والكافر الذمّي والحربي وغيرهم ، مع أنّ الحديث الثاني يدلّ على عدم حرمة الربا بين الوالد والولد، والحديث الثالث يدلّ على عدم حرمة الربا الّذي يأخذه المسلم من الذمّي ، فإنّ المراد من نفي الربا هو نفي حكمه أعني حرمته ، من باب نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، فبينما يدلّ الحديث الأوّل بإطلاقه على حرمة مطلق الربا ، و ـ باقتضاء اللغة والعرف ـ على شمول الربا لجميع الموارد المذكورة ، يدلّ الحديثان الأخيران على عدم صدق الربا وعدم تحقّق معنى الربا بين الأصناف المذكورين.

1.تهذيب الأحكام : ج۷ ص۱۸ ح۷۸ ، الاستبصار : ج۳ ص۷۲ ح۲۳۸ ، كتاب من لايحضره الفقيه : ج۳ ص۱۷۶ ح۷۹۳ وليس فيه ذيله ، وسائل الشيعة : ج۱۸ ص۱۳۳ ح۲۳۳۱۴ .

2.الكافي : ج۵ ص۱۴۷ ح۲ ، تهذيب الأحكام : ج۷ ص۱۸ ح۷۷ ، كتاب من لايحضره الفقيه : ج۳ ص۱۷۶ ح۷۹۰ وليس فيه «نأخذ منهم ألفَ درهم بدرهم » ، وسائل الشيعة : ج۱۸ ص۱۳۵ ح۲۳۳۲۰ .

3.كتاب من لايحضره الفقيه : ج۳ ص۱۷۶ ح۷۹۲ ، وسائل الشيعة : ج۱۸ ص۱۳۶ ح۲۳۳۲۳.


اسباب اختلاف الحديث
162

كان الدليل الحاكم أظهر من المحكوم دائما ، بل ملاك التقدّم هنا لسان الدليل الحاكم وكونه حاكماً ومسيطراً؛ أي ناظراً ومفسّراً للدليل الآخر، بحيث يفسّر الدليل المحكوم ويبيّن سعة مدلوله أو ضيقَه، وحاقَّ مراد الشارع منه .
فالتقديم هنا إنّما هو بملاك كيفية أداء الدليلين ـ في الأدلّة الشرعية ـ وكونه بحيث يعرف العرف أنّ المتكلّم بصدد تفسير الدليل المحكوم، وبيان مصطلحه الخاصّ من عنوان الدليل المحكوم لبنائه على التصرّف في دائرة شموله ـ بالتوسعة أو التضييق ـ ليشمل تعبّدا بعضَ الأفراد الّتي لم يكن ليشملها بنفسه لولا هذه التوسعة ، أو ليخرج عن متناول هذا العنوان بعضَ ما كان يشمله بنفسه لولا هذا التضييق .
فالعرف إنّما يقدّم الحاكم بهذا الملاك الموجود في الناحية الأدائية من الدليلين بحسب لسانهما . ۱
وعلى هذا فالدليل الحاكم أحد القرائن الخاصّة الدالّة على مراد المتكلّم من الدليل المحكوم ، بخلاف الدليل الخاصّ فإنّ العرف يعتبره كقرينة عامّة على المراد من الدليل العامّ ، ولا ريب أنّ القرينة الخاصّة أظهر من القرينة العامّة .
فظهر أنّ أظهريةَ الدليل الحاكم على المحكوم وتقدّمه عليه أكثرُ ممّا للخاصّ على العامّ ، فإذا وردت طوائف من الروايات لبيان حكم واحد ، وكانت النسبة بين طائفة منها مع طائفة اخرى هي الحكومة، وكانت بينها وبين طائفة ثالثة التخصيص ، فالأولى بالعناية في التقديم هو الحكومة دون التخصيص . وبعبارة اُخرى: التحكيم بالحكومة مقدَّم على التقديم بالتخصيص ، فتنبّه . ۲
ولا يخفى أنّ الاختلاف بالحكومة من نوع الاختلاف البدئي دون الحقيقي المستقرّ .

1.راجع فرائد الاُصول : ج۲ ص۴۳۰ ، المحصول في علم الاُصول : ج۴ ص۴۲۱ ـ ۴۲۴ ، مصباح الاُصول : ج۳ ص۳۴۸ ـ ۳۵۰ ، اُصول الفقه (للشيخ المظفّر ) : ج۲ ص۲۲۱ .

2.وقد حقّقنا في خاتمة رسالتنا المسمّاة بِـ «قاعدة التجاوز والفراغ» وجه تقدّم الحكومة على التخصيص ، و الرسالة غير منتشرة بعدُ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 233382
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي