167
اسباب اختلاف الحديث

وإن أخذنا «الكنز» بمعنى المال المدخّر سواء كان مزكّى أم غيره، وسواء كان مدفوناً أو غيره فكذلك ، لأنّ الحديث الثاني يدلّ على أنّ المال المزكّى ليس بكنز سواء ادَّخره صاحبه أم استعمله في التجارة ، وأنّ المال الذي لم يزكَ فهو من الكنز سواء كان مذخورا أم مستعملاً في التجارة .
فبناء على كلا المعنيين يكون المورد من باب الحكومة بالتوسعة والتضييق معا ، فتأمّل .

المثال الثالث : قاعدة التجاوز وعدم نقض اليقين بالشكّ

۱۴۷.۱ . ما رواه الشيخ الطوسي بإسناده عن زرارة، قال :قال عليه السلام : ... لا تنقض اليقين أبداً بالشكّ، وإنّما تنقضه بيقين آخر . ۱

۱۴۸.۲ . وأيضا بإسناده عن حمّاد بن عثمان ، قال :قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أشكّ وأنا ساجد ، فلا أدري ركعت أم لا؟ فقال : قد ركعت ، امضه . ۲

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل ينهى عن نقض اليقين بالشكّ ، ويحصر موارد نقض اليقين بما إذا حصل يقين آخر ، وعليه فإذا شكّ في الإتيان بجزء أو شرط من الصلاة فما لم يتيقّن بفعله فليبنِ على أنّه لم يفعله .
ويدلّ الحديث الثاني على أنّ من شكّ في الإتيان بالركوع وقد دخل في السجود ، فليبنِ على أنّه قد ركع ؛ فمع عدم يقين المصلّي بفعل الركوع يحكم بنقض اليقين السابق و عدم إعادة الصلاة .

1.تهذيب الأحكام : ج۱ ص۸ ح۱۱ ، وسائل الشيعة : ج۱ ح۲۴۵ .

2.تهذيب الأحكام : ج۲ ص۱۵۱ ح۵۹۴ ، الاستبصار : ج۱ ص۳۵۸ ح۱۳۵۶ ، وسائل الشيعة : ج۶ ص۳۱۷ ح۸۰۶۹ .


اسباب اختلاف الحديث
166

زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين ، وكلّ مال لاتؤدّى زكاته فهو كنز وإن كان فوق الأرض . ۱

مورد الاختلاف وعلاجه :

يدلّ الحديث الأوّل على حرمة كنز المال؛ أي دفنه أو ادّخاره ، ـ والكنز في اللغة والعرف يشمل كلّ «مال مدفون » ۲ أو «كلّ مال مدّخر أي مجعول بعضه على بعض» ۳ ـ فالعقاب المذكور لكلّ من يكنز ماله، سواء أكان المال المدَّخر أو المدفون مزكّى أم غير مزكّى ، والحال أنّ صدر الحديث الثاني يدلّ على عدم حرمة اقتناء المال المزكّى، سواء أكان بدفن أم بغيره ، ويدلّ ذيله على حرمة اقتناء المال غير المزكَّى، سواء أكان بكنز أم بغيره .
فمورد الاختلاف بين الحديث الأوّل وبين صدر الحديث الثاني هو المال المدفون أو المدَّخر المزكَّى . ۴
فإن أخذنا الكنز بمعنى «المال المدفون» فالمورد من باب الحكومة بالتضييق والتوسعة معاً ؛ لأنّ الكنز لغة شامل لكلّ مال مدفون، سواء اُدّيت زكاته أم لا، ولا يشمل المال غير المدفون، سواء اُدّيت زكاته أم لا ، مع أنّ الحديث الثاني ينفي صدق الكنز على المال المزكّى وإن كان مدفوناً ، فهذا تضييق في عقد الوضع . كما أنّ الكنز ـ بهذا المعنى ـ لا يشمل المال غير المدفون سواء زكّي أم لا ، مع أنّ الحديث يدلّ على اندراج المال غير المزكّى تحت الكنز وإن لم يكن مدفوناً، فهذا أيضاً توسعة .

1.الأمالي للطوسي: ص۵۱۹ ح۱۱۴۲ ، كنز الدقائق : ج۵ ص۴۴۸ .

2.المصباح المنير : ص۵۴۲ ( كنز ) ، الصحاح : ج۲ ص۸۹۳ (كنز ) .

3.المفردات في غريب القرآن : ص۴۴۲ ، وراجع معجم مقاييس اللغة : ج۱ ص۵۱۴ ، أساس البلاغة : ص۳۹۹ (كنز ) .

4.هذا ؛ وأمّا مدلولا الحديث الأوّل و الثاني ـ أعني ما فيهما في خصوص المال الّذي لم يزك ولم يدفن ـ فلا تنافي بينهما لعدم التنافي بين المثبتين ، وإن يكن له دخل في كيفيّة الحكومة وكمّية التصرّف في معنى الكنز وموضوع حكمه .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 230393
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي