221
اسباب اختلاف الحديث

أو النهي في مقام توهّم الوجوب ظاهر في الإرشاد إلى عدم المنع أو عدم الوجوب .
ولقد أجاد سيّدنا الإمام ـ أعلى اللّه مقامه ـ فيما يتعلّق بما نحن فيه ، لكن لا يسع المجال لذكر ما أفاده ، فراجع كلامه . ۱
والاُمور الشاهدة على ذلك، هي :
1 . كثرة ورود الأحاديث الآمرة بالاعتناء بالشكّ في الموارد الّتي لا تقدح فيها الزيادة ، مع عدم ورودها فيما تقدح فيه ، فترى جميع أحاديث الشكّ في أجزاء الصلاة ـ كالركوع والسجود والتشهّد ممّا لا تجوز زيادتها ـ واردة على وتيرة واحدة ، بخلاف ما ورد في باب الطهارة وغيرها ممّا لا تقدح الزيادة فيها . والحديثان الأخيران نموذجان منها .
2 . أنّ الإمام عليه السلام في الحديث الرابع ـ بعد التفريق بين حكم ما إذا شك في شيء من الوضوء أو الغسل وهو بعدُ في حال الوضوء أو الغسل ولم يدخل في حال اُخرى ، وبين حكمه مع الخروج عنه ـ حَكم لصورة الشكّ بعد الخروج بأخذ البلل من اللحية والمسح بها ، مع أنّ هذا الحكم غير واجب ، كما هو متّفق عليه نصّاً وفتوى . والشاهد على عدم الوجوب أيضاً أنّه مع عدم وجدان البلل في اللحية وفقدان الماء أمامه ، لا يجب عليه العود على المشكوك . ويشهد له أيضا حكمه عليه السلام في صورة الشكّ بعد الدخول في حال اُخرى بأنّه «لا شيء عليه» .
3 . أنّ الإمام عليه السلام في الحديث الثالث ـ في فرض اليقين بفوات مسح الرأس ـ أمر بالاعتناء بالشكّ، والانصراف، والمسح على المشكوك، واستئناف الصلاة ؛ لوقوعها بغير طهارة ، وفي مورد الشكّ ـ بعد المحلّ ـ يأمر بالمسح بشرط وجود البلل في لحيته أو وجدان الماء أمامه ، ولا يأمر باستئناف الصلاة أو طلب الماء لإكمال وضوئه ، لوضوح وقوع الصلاة عن طهارة حكماً . كلّ ذلك ـ مضافاً إلى اتّفاق الأصحاب وشهادة سائر النصوص على عدم وجوب أخذ البلل والمسح على العضو المشكوك ـ يشهد لكون الأمر به مبنيّاً على الندب ، ولو كان مقتضياً للزيادة فإنّها في مثل هذا المورد غير ضارّة .

1.الرسائل للإمام الخميني : ج۱ ص۳۰۴ .


اسباب اختلاف الحديث
220

فيه ، وهي موجبة لبطلان الصلاة . مع أنّ الظاهر كون المسألة اتّفاقيّة فلا يعتنى حينئذٍ بما يختلج بالبال من الاحتمالات» ۱ .
وتقرب منها عبارة المحقّق النجفي قدس سره في جواهر الكلام . ۲
والملاحَظ في أمثال هذه العبارات هو أنّ الأعلام على الرغم من اتّفاقهم على أصل الحكم ـ كما صرّح به المحقّق العراقي ـ مختلفون في ظاهر الرأي والتعبير ، وسرّ هذا الاختلاف هو عدم انطباق عنوان بحثهم مع واقعه ؛ لأنّهم تلقّوا الأمر بالمضيّ في نصوص قاعدة التجاوز بالمولوية فاختلفوا في تحليلها بين قائل بكونها للرخصة، وآخر بكونها للعزيمة.
والعلاج الحاسم ومقتضى التحقيق هو حمل الأمر بالمضيّ ـ والنهي عن العود إلى المشكوك فيه ـ على الإرشاد إلى وجود المشكوك فيه وتحقّقِه تعبّداً ، ومن هنا فبعد فرض تحقّقه بتعبّد من الشارع ، يكون العود إليه والإتيان به ـ لا محالة ـ زيادة عمدية .
ففي كلّ مورد لزم محذور من قِبَل الزيادة العمدية لا يجوز الاعتناء بالشكّ والإتيان بالمشكوك ، وفيما لا تضرّ الزيادة فيه جاز العود إليه والإتيان به .
وعدم الجواز ـ فيما لو أوجبت الزيادة محذوراً غير مستفاد ـ من مفاد الأمر بالمضيّ أو النهي عن العود ، بل منتزع من أدلّة النهي عن الزيادة؛ مثل أحاديث «من زاد» ۳ ؛ لأنّه لمّا حكم بكون المشكوك متحقّقا تعبّدا فالعود إليه مستلزم للزيادة ، فتكون أدلّة «من زاد» هي الحاكمة بلزوم المحذور وبطلان الصلاة مثلاً .
وأمّا كون الأمر والنهي في مثل المقام للإرشاد فهو من الواضحات عند من له إلمام بالفقه والاُصول ؛ فإنّ الأمر والنهي المتعلّقين بخصوصية من خصوصيات المركّب ـ كالصلاة ـ للإرشاد إلى الجزئية أو الشرطية أو المانعية أو نحو ذلك ، كما أنّ الأمر في مقام توهّم الحظر

1.نهاية الأفكار : ج۴ الجزء الثاني ص۷۷ .

2.جواهر الكلام : ج۱۲ ص۳۲۲ .

3.راجع وسائل الشيعة : ج۸ ص۲۳۱ / ب ۱۹ من أبواب الخلل في الصلاة .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 254589
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي