أو النهي في مقام توهّم الوجوب ظاهر في الإرشاد إلى عدم المنع أو عدم الوجوب .
ولقد أجاد سيّدنا الإمام ـ أعلى اللّه مقامه ـ فيما يتعلّق بما نحن فيه ، لكن لا يسع المجال لذكر ما أفاده ، فراجع كلامه . ۱
والاُمور الشاهدة على ذلك، هي :
1 . كثرة ورود الأحاديث الآمرة بالاعتناء بالشكّ في الموارد الّتي لا تقدح فيها الزيادة ، مع عدم ورودها فيما تقدح فيه ، فترى جميع أحاديث الشكّ في أجزاء الصلاة ـ كالركوع والسجود والتشهّد ممّا لا تجوز زيادتها ـ واردة على وتيرة واحدة ، بخلاف ما ورد في باب الطهارة وغيرها ممّا لا تقدح الزيادة فيها . والحديثان الأخيران نموذجان منها .
2 . أنّ الإمام عليه السلام في الحديث الرابع ـ بعد التفريق بين حكم ما إذا شك في شيء من الوضوء أو الغسل وهو بعدُ في حال الوضوء أو الغسل ولم يدخل في حال اُخرى ، وبين حكمه مع الخروج عنه ـ حَكم لصورة الشكّ بعد الخروج بأخذ البلل من اللحية والمسح بها ، مع أنّ هذا الحكم غير واجب ، كما هو متّفق عليه نصّاً وفتوى . والشاهد على عدم الوجوب أيضاً أنّه مع عدم وجدان البلل في اللحية وفقدان الماء أمامه ، لا يجب عليه العود على المشكوك . ويشهد له أيضا حكمه عليه السلام في صورة الشكّ بعد الدخول في حال اُخرى بأنّه «لا شيء عليه» .
3 . أنّ الإمام عليه السلام في الحديث الثالث ـ في فرض اليقين بفوات مسح الرأس ـ أمر بالاعتناء بالشكّ، والانصراف، والمسح على المشكوك، واستئناف الصلاة ؛ لوقوعها بغير طهارة ، وفي مورد الشكّ ـ بعد المحلّ ـ يأمر بالمسح بشرط وجود البلل في لحيته أو وجدان الماء أمامه ، ولا يأمر باستئناف الصلاة أو طلب الماء لإكمال وضوئه ، لوضوح وقوع الصلاة عن طهارة حكماً . كلّ ذلك ـ مضافاً إلى اتّفاق الأصحاب وشهادة سائر النصوص على عدم وجوب أخذ البلل والمسح على العضو المشكوك ـ يشهد لكون الأمر به مبنيّاً على الندب ، ولو كان مقتضياً للزيادة فإنّها في مثل هذا المورد غير ضارّة .