عدم البأس بالنوم في المساجد إلاّ المسجدين ـ زادهما اللّه شرفا ـ . والحديث الرابع ـ وما كان بمضمونه ـ يدلّ على جواز النوم في المسجدين وعدم البأس به . وذيل الحديث الثاني ـ مع كونه حديثا آخر حاكيا عن فعل المعصوم عليه السلام وقولهِ، منفصلاً عن صدر الحديث ـ يقصر كراهة النوم على ما كان في المسجدين في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، دون ما زيد فيه بعده صلى الله عليه و آله .
علاج الاختلاف :
الاختلافات الموجودة في هذه الطوائف من الأحاديث وإن كانت بالإطلاق والتقييد ، غير أنّ علاجها لا يكون بحمل المطلق على المقيّد ؛ فإنَّ صحّة جواز الحمل بحاجة إلى إحراز ملاك الحمل وهو وحدة المطلوب من المطلق والمقيّد أو العامّ والخاصّ ، وإلاّ فلا يصحّ التصرّف في ظهور شيء من أطراف الاختلاف بالحمل على التقييد أو نحوه ، لإمكان الجمع بين أطراف الاختلاف مع إبقائها على ظواهرها ، كما هو الحال في سائر الأحكام غير الإلزامية ، إلاّ ما خرج بالدليل؛ أي اُحرزت وحدة المطلوب فيه من قرينة خاصّة .
ففي مثل ما نحن فيه ممّا لم يحرز فيه ملاك الحمل في أطراف الاختلاف ، يحمل على تعدّد مراتب الكراهة ؛ لإمكان الحمل عليه .
والنتيجة هي أنَّ الحديث الثالث محمول على الجواز بالمعنى الأعمّ ـ الّذي لا ينافي الكراهة ـ أو على نحو من الضرورة . والحديث الأوّل محمول على كراهة النوم في كلّ مسجد ، وصدر الحديث الثاني محمول على اشتداد كراهة النوم في المسجدين، وإطلاقه شامل لما كان على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وما زيد فيه من بعده عليه السلام ، وذيل الثاني محمول على خفّة كراهة النوم فيما زيد من المسجدين ، وإن كان النوم في القسم المزيد أيضا أشدّ كراهة من المساجد الاُخرى .
وأمّا شمول إطلاق صدر الحديث الثاني ـ في اشتداد كراهة النوم في المسجدين ـ للمقدار المزيد فيهما فالدليل عليه نفس الإطلاق، وصحّة الحمل، وعدم صحّة سلب عنوان «المسجد الحرام» أو «مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله » عن القدر المزيد فيهما ، ولهذا لم يستثن القسم المزيد فيهما من حرمة مرور الجنب في المسجدين في النصوص والفتاوى .