229
اسباب اختلاف الحديث

الظُّـلُمَـتِ » ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، « أَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَـنَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّــلِمِينَ » ، الحديث . 1

۲۱۷.۲ . روى الصدوق قدس سره بإسناده إلى الرضا عليه السلام ـ في حديث طويل يقول فيه عليه السلام ـ :وإنَّ الإمامة خصّ اللّه عز و جلبها إبراهيم الخليل ـ صلوات اللّه عليه وآله ـ بعد النبوّةت والخلّة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره ، فقال عز و جل : « إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا » . فقال الخليل عليه السلام سرورا بها : « وَ مِن ذُرِّيَّتِى » ؟ قال اللّه عز و جل : « لاَ يَنَالُ عَهْدِى الظَّــلِمِينَ » ، فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة ، وصارت في الصفوة . ۲

الأحاديث الكثيرة الدالة على عصمة جميع من له عهد ومنصب إلهي؛ نبيّا كان أو إماما .

مورد الاختلاف:

بينما ينسب الحديثُ الأوّل بل الآية الكريمة الظلمَ إلى يونس عليه السلام مع كونه ذا عهد إلهي ، ينفي الحديث الثاني والآية المباركة الظلمَ عن كلّ من له عهد إلهي بنحو الإطلاق .
وكذا كثير من الآيات والأحاديث تنسب الذنب والمعصية إلى الأنبياء عليهم السلام وفي قبالها آيات وأحاديث اُخر تدلّ بكل صراحة على عصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام عن وصمة كلّ ذنب ومعصية . فوجود الاختلاف بين هاتين الطائفتين من الآيات والأحاديث ممّا لا غبار عليه .

علاج الاختلاف :

علاج الاختلاف بينهما بحمل الظلم المنسوب والظلم المنفي على مراتب متعددة؛ باعتبار تعدّد مراتب المكلّفين بالاجتناب عن الظلم ، فالظالم الّذي لا يناله عهد إلهي هو من ارتكب الظلم الّذي بإزائه عقاب اُخروي ، وهذا تكليف متوجّه إلى عموم المكلّفين . وأمّا الظلم الّذي نسب إلى يونس النبيّ عليه السلام فهو ما لايصادم عصمته وكرامته عليه السلام ، وذلك أنّه كان ـ كسائر الأنبياء ـ مكلّفا بتكاليف لا يطيقها ولا يكلّف بها غير طائفة الأولياء عليهم السلام ، فإذا ارتكبها

1.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج۱ ص۲۰۱ ح۱ ، بحار الأنوار : ج۱۴ ص۳۸۷ ح۷ و ج۱۱ ص۸۲ ح۸ .

2.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج۱ ص۲۱۷ ح۱ ، كنز الدقائق: ج۲ ص۱۳۷ وفيه «مسرورا » بدل «سرورا » .


اسباب اختلاف الحديث
228

السبب السادس والعشرون : تفاضل المكلّفين

قد تختلف الأحاديث بحسب الظاهر؛ بسبب التفاضل بين المكلّفين وتعدّدِ مراتبهم ، ألا ترى وجوب نافلة الليل على الرسول الكريم صلى الله عليه و آله دون سائر الناس ، أو اختصاصه صلى الله عليه و آله بأحكام وتكاليف هي موضوعة عن غيره . أو أنّ القرآن الكريم يسند إلى بعض الأنبياء استغفارَهم عمّا لا يعتبر من الذنوب لمن دونهم ، بل ويقرّرهم اللّه سبحانه في اعتبارها من ذنوبهم ، فيغفر لهم عقيب الاستغفار ، وإن كانت تلك الذنوب ـ غير المصطلحة ـ غير منافية لعصمتهم عليهم السلام .
إذا فقاعدة «اشتراك المكلّفين» وإن اقتضت اشتراكهم في جميع ما لهم وما عليهم من الأحكام والتكاليف ولوازمها ، غير أنّ فضل ثلّة من الأولياء عليهم السلام ـ بل وتفاضلهم في أنفسهم ـ يخصّهم بذلك ، فإذا ورد ما يغاير أدلّة الأحكام المتعلّقة بسائر الناس ممّا يمكن حمله على خصائص هذه الطائفة الجليلة ، حمل عليه .
وستتّضح بعض جوانب البحث خلال حديثنا في علاج أمثلته .

المثال الأوّل : معنى ظنّ يونس النبيّ صلى الله عليه و آله وظلمه

216.1 . في خبر ابن الجهم أنّه سأل المأمون الرضا عليه السلام عن قول اللّه عز و جل: « وَ ذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَـضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ » ، فقال الرضا عليه السلام : ذلك يونس بن متّى عليه السلام ، ذهب مغاضبا لقومه، فظنّ بمعنى استيقن، « أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ » أي لن نضيّق عليه رزقه ، ومنه قول اللّه عز و جل : « وَ أَمَّآ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ » ؛ أي ضيّق عليه وقتر. « فَنَـادَى فِى

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 230355
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي