السبب السابع والعشرون : تنوّع الجزاءات
أعني اختلاف الجزاء بالمستحقّ والمضاعف والمزيد .
نجد في طوائف من الأحاديث ـ على كثرتها ـ الوعد بالثواب الجزيل جدّاً ، مّما كان مدعاة للشكّ والارتياب ، عند بعض ، فاُشكل عليها أو وقع الترديد في أمرها . والّذي يفدح بالخطب هو أنّ هذه الروايات بكثرة تفوق حدّ التواتر الإجمالي قطعا ، الأمر الّذي دعى بعض المتضلّعين بالحديث أيضا إلى ردّ علمها إلى أهلها .
والبحث بهذا التقرير وإن كان من أبحاث «مشكل الحديث» ، إلاّ أنّه قد يقع تنافٍ صوري بين طائفة من هذه الأحاديث مع اُخرى منها ، فيدخل البحث في «مختلف الحديث» ، نحن وإن اقتصرنا هنا على دراستها من زاوية «اختلاف الحديث» ، إلاّ أنّه ستنحلّ من خلاله عقدة إشكال مشكل الحديث أيضا إن شاء اللّه . ويظهر سبب آخر من أسباب اختلاف الحديث ، وهو «تنوّع الجزاءات» ، من الثوابات والعِقابات المتعدّدة على الطاعات والمعاصي ، فنجد في بعض الأحاديث الوعد بثواب معيّن على عمل معين ، مع ورود أحاديث اُخر تَعِد بأضعاف هذا الثواب عشرات أو مئات أو آلاف المرّات لنفس هذا العمل ، بل قد يرد لعمل أجر أضعاف ما للعمل الآخر من الأجر ، وتجد في سائر الأحاديث فضل هذا العمل أجرا على الأوّل بمراتب ، فيحصل تنافٍ بدئيّ بين الطائفتين أو الطوائف من الروايات .
وهذه الأحاديث فوق حدّ التواتر الإجمالي ، فلا يمكن النِقاش في أسانيدها ، وفي صدور بعضها إجمالاً ، كما لا يخفى على من له إلمام بالحديث . وعليه فمعالجة هذا اللّون